في مناسبة يوم أوروبا 9 ايار
إنه في يوم 9 أيار من عام 1950 عندما أصدر وزير الخارجية الفرنسي روبرت شومان إعلانا يدعو الدول الأوروبية لدمج إنتاج الفحم والصلب تم "وضع أول حجر أساس ملموس لاتحاد فدرالي أوروبي". لقد كان هذا الإعلان علامة فارقة في التاريخ الأوروبي وقد خط الطريق تدريجيا نحو الاتحاد الذي نحتفل به اليوم.
منذ أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، كان الاتحاد الأوروبي رائدا في التعاون الإقليمي. وبالمقارنة مع معظم المناطق الأخرى في جميع أنحاء العالم، حافظ الاتحاد الأوروبي على وجود نشط في السياسات الدولية العالمية والتكامل الاقتصادي. صحيح أن هناك تحديات اقتصادية تواجه الاتحاد، إلا أن التاريخ أثبت أن الاتحاد الأوروبي تعافى من أزمات سابقة وكثيرا ما عزز نفسه للمضي قدما نحو الازدهار. في الواقع، لم تؤثر المشاكل الحالية على سياسات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالتعاون الاقتصادي والمشاركة السياسية.
يواصل الاتحاد الأوروبي الاضطلاع بدور حيوي في العالم حيث يعمل من أجل أن تبقى المبادئ الأساسية المشتركة قوية ومتينة من خلال التعاون الإنمائي والمشاركة السياسية مع شركائنا. وفي ضوء الأزمة الاقتصادية العالمية والاضطرابات الإقليمية العربية، يشارك الاتحاد الأوروبي بشكل كامل لتوفير الدعم التقني والاقتصادي على المدى الطويل في المرحلة الانتقالية نحو الديمقراطية المستدامة والنمو الشامل.
من خلال تبني سياسات موحدة لجميع الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة، التزم الاتحاد الأوروبي بحماية وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية والديمقراطية العميقة حيث أنه يهدف إلى دعم، من بين أمور أخرى، التنمية الواسعة المشتركة، وقواعد السوق نفسها للجميع، وحرية التنقل، وزيادة الاستقرار، والتكامل الإقليمي، وصوت ودور متناسق في العالم.
من أجل الحفاظ على القيم، يحتاج الاتحاد الأوروبي لشركاء أقوياء. لهذا قمنا بتعزيز موقف الاتحاد الأوروبي في الأمم المتحدة وتعميق علاقاتنا مع الشركاء الاستراتيجيين والمنظمات الإقليمية.
لقد منح الاتحاد الأوروبي جائزة نوبل للسلام لعام 2012. أرى هذا الشرف العظيم بمثابة دعوة للاحتفال ليس فقط بإنجازاتنا الماضية ولكن أيضا لنتطلع إلى الوسيلة التي يمكننا أن نتبعها لتحقيق المزيد من هذه الانجازات في المستقبل. حتى في أوروبا اليوم، الديمقراطية هي مسيرة عمل متواصلة تحتاج للتقييم والحماية. إننا نتشاطر في المسؤولية لحماية الديمقراطية، ليس فقط في قارتنا، بل في جميع أنحاء العالم. العمل مع شركاء رئيسيين مثل الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، ورابطة أمم جنوب شرق آسيا، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي يشكل قوتنا في التوسط في أمور مهمة مثل المحادثات النووية مع إيران ومنطقة البلقان.
نظرا لموقعه الجغرافي والعلاقة التاريخية فإن الشرق الأوسط، على وجه الخصوص، هو شريك مهم للاتحاد الأوروبي. حددت سياسات الاتحاد الأوروبي سياسة مشتركة تجاه المنطقة لأن أوروبا تتأثر بشكل طبيعي بالتقدم الذي يحرزه جيرانها من دول الشرق الأوسط.
شراكتنا مع الأردن تعطي مثالا ممتازا لتعاون الاتحاد الأوروبي. فمنذ عام 1995 في إطار الشراكة الأورو-متوسطية ولغاية 2004 كجزء من سياسة الجوار الأوروبية دعي الأردن للدخول في علاقات سياسية وأمنية واقتصادية وثقافية قوية مع الاتحاد الأوروبي ومشاطرته المسؤولية في منع الصراعات وحلها. وبفضل استقرار المملكة وتفانيها الحقيقي، أحرز الأردن تقدما مستداما في تحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي، مما يمهد الطريق لديمقراطية عميقة. إن التزام البلاد بالتعاون الدولي والسلام والأمن مكنها من تعزيز شراكة مميزة مع الاتحاد الأوروبي.
نحتفل بيوم أوروبا مرة في السنة، غير أن دعم الحرية والديمقراطية والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان هو عملنا اليومي. سنواصل الضغط من أجل تعزيز الحقوق والحريات الأساسية لجميع الناس ودعم الرفاهية والرخاء للمواطنين في جميع أنحاء العالم.
ونحن إذ نقترب من عيد الاستقلال الأردني في 25 أيار، أود أن أغتنم هذه الفرصة لأهنئ المملكة الأردنية الهاشمية التي تحتفل بذكرى مرور 67 سنة من الاستقرار والتقدم، والسعي نحو المزيد من التعاون مع الاتحاد الأوروبي في المستقبل.