اقسم أن المسجد الأقصى لا يزال محتلاً !
تميزت كلمة الملك عبد الله الثاني امام القمة الاسلامية في مكة المكرمة بالتركيز على قضية القدس الشريف المحتلة وما تتعرض له من استيطان وتهويد يهدد المقدسات بالتدمير وفي مقدمتها اولى القبلتين وثالث الحرمين المسجد الأقصى ، ودعوته كذلك الى اقامة صندوق إسلامي لدعم صمود المقدسيين الذين يتعرضون لأقسى الضغوط من اجل تهجيرهم والسيطرة على أملاكهم ومنازلهم وأسواقهم.
ليست المرة الاولى التي يستغل فيها الملك انعقاد القمم من اجل دفع الزعماء المجتمعين الى اعطاء القدس وأهلها المقدسيين الاهتمام الذي تستحقه، فمنذ ان انشغل العرب والعالم بقضية الإرهاب واحتلال العراق قبل ١٠ سنوات والملك هو الزعيم العربي الوحيد ( باستثناء الرئيس الفلسطيني)الذي يضع على راس جدول اعمال اجتماعاته الخارجية مع زعماء العالم قضية فلسطين والقدس بشكل خاص . وقبل ٤ سنوات طرح جلالته امام مؤتمر القمة العربية في الدوحة ولاول مرة اقتراح انشاء صندوق يدعم صمود المقدسيين . لكن من متابعاتي لأعمال تلك القمة فان اهتمامات القادة كانت أبعد ما تكون من أخذ قضية القدس بالجدية التي تستحقها .
لا اعرف ما هي القيمة الحقيقية لعبارة ( قضية فلسطين هي القضية المركزية للعرب والمسلمين ) التي توضع في ديباجة البيانات الختامية لمؤتمرات القمة بما في ذلك قمة مكة الاخيرة ! ماهو الوزن السياسي والمادي لها على الارض، ولو سالت ذلك اي مواطن عربي او فلسطيني او مسلم لهز راسه ومط شفتيه. القدس هي ثالث مدينة مقدسة عند المسلمين بعد مكة والمدينة ومسجدها الذي يتناوب المستوطنين على تخريبه وانتهاك قدسيته كل يوم هو اولى القبلتين، واني لأعجب من أحاديث عن صحوة اسلامية وعن تضامن إسلامي لا يضع القدس في جوهر نشاطه ومركز دعمه السياسي والمالي والاقتصادي لوضع حد للمجزرة التي تتعرض لها وأهلها على يد الاحتلال الاسرائيلي، وأقول مجزرة لان اسرائيل ماضية في تغيير كل معالم المدينة من بشر وحجر وتاريخ ومقدسات.
لا نرى اي حملة سياسية عربية او اسلامية باتجاه مجلس الأمن و الاتحاد الاوروبي واليونيسكو ولا في اطار المنظمات العالمية والشعبية تشير الى ان أحدا يفكر بمثل هذه الحملة مجرد تفكير ، حتى وصل الامر بإسرائيل الى العمل بحرية وبكل طاقتها من اجل تهويد المدينة دون ان تخشى ولو من ردة فعل غاضبة ! وحدثني من زار المدينة مؤخراً كيف ان اسرائيل تنزع حجارة المدينة من الأسوار ثم تعيد تركيبها بعد ان تضع عليها ارقاما ورموزا تساعدها في المستقبل على اعلان اكتشاف اثري مزعوم يظهر بان هذه الحجارة جزء من معبد سليمان يبرر خطوتها المنتظرة بهدم الأقصى . وإسرائيل التي زورت وطنا قادرة على فعل اي شئ.
مسالة اقامة صندوق لدعم المقدسيين التي يطرحها الملك في القمم العربية والإسلامية هي اهم وابسط مايمكن ان يقدم للحفاظ على عروبة المدينة فإسرائيل تلاحق بالاخلاء كل اصحاب المحلات في القدس القديمة بعد ان وضعت عليهم غرامات مالية تصل مئات آلاف من الدولارات وتستولي على هذه المحلات بقرارات محاكمها، ان المال هو من اهم وسائل المقاومة والصمود بوجه تهويد المدينة. ومن المؤسف ان لا يلاقي هذا الصندوق الاهتمام والدعم من ٥٧ دولة عربية واسلامية فيما يقف ملياردير صهيوني واحد صاحب محلات قمار في امريكا وراء معظم مشاريع الاستيطان داخل اسوارالقدس المحتلة.
وأخيرا ، قد اكون مخطئ الظن بزعماء العالم العربي الاسلامي وهم ربما يعتقدون بان القدس بخير وان قضية فلسطين على الطريق الصحيح للحل ما دامت عملية السلام بعهدة الصديق الامريكي ! ، ولعلهم بحاجة لمن يعيد تذكيرهم بان الامر ليس كذلك ابدا ! واقول لهم باغلظ الايمان في شهر رمضان الفضيل بان القدس لا تزال محتلة وان بينها وبين ان تصبح يهودية خالصة ، بشوارعها واحيائها واقصاها وصخرتها وإناسها ، مجرد بضع سنوات فقط ، ولن ينفع عندئذ عمل دراما في رمضان عن الفاروق والعهدة العمرية ولا عن الناصر صلاح الدين.
(الرأي)