اذاعات تغرر بالمواطن .. و اخرى تعزز ثقافة التسول و "الشحدة"
ملاك العكور - أخذت ظاهرة اللجوء للبرامج الصباحية في الاذاعات الاردنية مؤخرا منحا غير بناء، فلم تعد منبرا للمتظلمين واصحاب الحقوق المهضومة من الباحثين عن اي فرصة او امل ولو كانت سرابا في سراب - كما هو حال بعض الاذاعات -، بل تحولت في بعض نسخها الى محطات لادعياء الفقر والحاجة والباحثين عن الحلول السهلة لتجاوز مشاكلهم المادية.
صحيح ان هناك بعض الحالات التي تستدعي المساعدة ،ولكن ان تتحول قنوات وبرامج كاملة الى منابر لهؤلاء فهذا امر غير مقبول واثاره الاجتماعية والاقتصادية كارثية على الافراد والمجتمع ككل..
مقدمو هذه البرامج يحققون شهرة واسعة وحضورا اعلاميا طاغيا، لانهم بكل بساطة يعتمدون على عدد من المتبرعين "المحسنين" الذين يفضلون ان يقدموا العون خالصا لله تعالى لا ينتظرون من الجمهور حمدا او شكورا . على عكس اصحاب هذه المحطات ومقدمي هذه البرامج فان الشهرة بالنسبة لهم تعني كل شئ .
من حق المواطن ان يئن ويصرخ من الالم والوجع من الفقر والحاجة، يحق له ان يلجأ لاي كان، حتى ولو كان ذلك على الهواء مباشرة ، حتى ولو جرى التغرير به وتحميله فاتورة الاتصال الكبيرة دون طائلة او جدوى -كما يحدث مع عدد من البرامج الصباحية المشهورة-، ولكن السؤال المهم هنا؛ الى اي درجة تساهم وسائل الاعلام في هذه الحالة بحلّ المشكلة واي ثقافة تساهم هذه المحطات بتكريسها وتعزيزها في المجتمع ؟!!
هل نريد ان نعزز ثقافة ابداء الرأي والتعبير عن الموقف والجرأة في كشف الاختلالات، ام نريد ان نعزز ثقافة التسول و"الشحدة" والاتكالية والاعتماد في العيش على هذا النوع من التحصيل؟!! هل المطلوب من هذه الاذاعات ان تبحث في جذر المشكلة وكيف تضاعف عدد المقصرين من اصحاب الحاجات الى هذه الارقام المقلقة، ام تكتفي بتقديم المعونات العينية والمادية لعدد محدود من المقصرين بشكل فردي، وذلك طبعا لتضمن تدفق المزيد من الاتصالات والحصول على مزيد من الشهرة الفارغة؟!!
للاسف لم يتوقف الامر عند هذا الحد بل ذهب بعضهم الى صرف رواتب شهرية من الاذاعة نفسها للمتصلين الذي يدلون بشكواهم على الهواء مباشرة!
لا نريد ان نذكر اسماء ولا نريد ان نوضح الامر اكثر من ذلك حتى لا يقال ان لنا غرضا شخصيا من ضرب هذا او انتقاد ذاك . ويضيع سعينا لتحقيق المصلحة العامة والانتباه لحقيقة ان الاعلام رسالة ومصدر تنوير وتثقيف وصناعة رأي عام .
احدى هذه الاذاعات الجديدة تعتمد على جمعية خيرية معروفة لتغطية مطالب المتصلين ، وتلك الجمعية يجري التحقيق بوجود تجاوزات مالية فيها بعشرات الالاف وذلك بناء على سؤال نيابي تقدم به احد السادة النواب .
مستشار وزارة التنمية الاجتماعية، محمود الطراونة، قال في معرض تعليقه على الامر أن الوزارة ستقوم بالرد على سؤال النائب بالطرق القانونية بعد الانتهاء من دراسة كافة بنود السؤال الذي توجه به، وهو سؤال هام بلا شكّ..