إلى وزير السياحة..
وزير السياحة والآثار، د. نايف الفايز، أكّد تراجع عدد السيّاح خلال العام الجاري بنسبة 8.3 % ، فيما هبط عدد القادمين ضمن المجموعات السياحية في أوّل شهرين بنسبة 48.3%. الوزير بارع بلا شكّ في عرض الأرقام واستعراض الإخفاقات، هل هذه هي المهمّة التي التحق معاليه بالدوّار الرابع من أجل تحقيقها؟!
السياحة تتراجع.. "طيّب".. الوزير يعلن الأرقام.. "وبعدين".. لا شيء. ربّما تكون الوزارة منشغلة هذه الأثناء برصد الإخفاقات والتحضير لأرقام جديدة من أجل إعلانها في السنة القادمة! من الواضح أن هذا هو ما تستطيع الوزارة "إنجازه" لا أكثر ولا أقلّ !!
"الحقّ" على الظروف الإقليميّة.. جملة يسهل علكها لتعدّ التبرير الأمثل لهذا التدهور في قطاع السياحة، ولكن ألا تقع بيروت مثلا في نفس الإقليم؟ ونلفت عناية من يعشق التناسي إلى أن التنظيمات الإرهابيّة تصول وتجول في لبنان، تلك الدولة الصغيرة التي نجحت في تسويق نفسها سياحيّاً رغم عجزها عن الخروج من مآزقها السياسيّة.
وماذا عن شرم الشيخ؟ بضعة خطوات تفصلها عن صحراء سيناء التي تشهد عمليّات عسكريّة لا تكاد تنتهي، ورغم هذا تواصل الحشود حجّها إلى "شرم" دون اكتراث، حتّى أن كثيرا من هؤلاء السيّاح يحملون الجنسيّة الأردنيّة. يستطيعون السفر إلى مصر، غير أنّهم لا يتحمّلون كلفة السياحة في بلدهم، بسبب جشع وشره المنتجعات السياحيّة الأردنيّة.
وبما أن وزير السياحة –لا فضّ فوه- يحبّ لغة الأرقام، لم لا نذكّره بأن سعر قنّينة الماء في كثير من الأماكن السياحيّة يبلغ خمسة دولارات. خمسة دولارات من أجل أن تشرب، وليس بالضرورة أن تكون المياه من ماركة "نستلة" مثلا، التي يمكنك شراؤها بيورو أو اليورو والنصف عند برج ايفل بباريس، أو حتّى بفينيسيا الإيطاليّة.
صحيح أنّنا نحبّ البترا أو وادي رمّ أو البحر الميّت أكثر ذلك البرج المعدنيّ (ايفل) التي رفضت برشلونة إقامته على أرضها لأن كثيرين رأوا فيه تصميماً بشعاً، ولكن بصراحة السياحة في باريس "أرخص" من السياحة في الأردن يرعاك الله.
غريب كيف أن كلفة وجبة الغداء في الحيّ اللاتيني بالعاصمة الفرنسيّة، أو قرب كنيسة نوتردام مثلا، أرخص من كلفة ذات الوجبة في مطعم متواضع بجبل اللويبدة أو شارع الرينبو، رغم أن الوجبة الباريسيّة أشهى بكثير، بصراحة وبدون زعل.
تخيّل أن حجز طاولة في استراحة بعراق الأمير تكلّفك خمسة دنانير، وهو مبلغ قريب جدّا من كلفة ركوب نهر السين -مع كلّ الاحترام لسيول عراق الأمير- رغم الفرق الهائل بين متوسّط دخل المواطن الأردني وبين ما يكسبه المواطن الفرنسي. هل تتوقّع أمام هذه المقارنة أن تنشط السياحة الداخليّة؟!
الوزارة العتيدة تترك الحبل على غارب الجشع، بل وتستمرّ الضرائب على قطاع السياحة بالاستعار، رغم سوء الخدمة في كثير من المنتجعات، ما أدّى إلى استشهاد السياحة الداخليّة. أمّا استقطاب السوّاح العرب والأجانب فيحتاج إلى قليل من التسويق، ومع ذلك لا يعرف إلاّ الله والراسخون في التخمين بما تفعله وزارة السياحة لتسويق الأردن.
شكرا على إطلاعنا على أرقام الفشل يا وزارة السياحة، علمنا حجم التدهور في أهمّ القطاعات التي تعتمد عليها خزينة الدولة، ولكن ماذا بعد؟ هل ستحرّك الوزارة ساكناً أمام هذا الواقع؟ أم أن كلفة المبيت في أحد الفنادق الأردنيّة ستبقى أعلى من نظيرتها بمختلف دول العالم؟!