دينيس روس إذ يهدد نيابة عن إسرائيل
يستمر الخلاف الأمريكي - الإسرائيلي حول إيران فيما يبدو أنه اختلاف في تقييم الأهداف المرحلية لكلا الطرفين- فإسرائيل تعتقد أن الوضع في سورية يسمح لها بتوجيه ضربة ضد إيران، وبالتالي التسريع بإعادة تشكيل التحالفات في المنطقة، فيما تعتقد واشنطن أن ضعف أو انهيار النظام السوري يضع إيران في الزاوية، وأن اي تحرك عسكري يضعف تأثير واشنطن على مسار الثورات العربية.
لكن إسرائيل وبالرغم من التطمينات السياسية والعسكرية الأمريكية تتعامل بنفاد صبر، وبدأت بتوجيه رسائل ابتزاز واضحة إلى واشنطن.
فبعد أقل من شهر من إعلانه عن مغادرة حملة الرئيس باراك أوباما الانتخابية، يوجه دينيس روس، المدافع الأهم عن إسرائيل في أمريكا، ضربته السياسية الثانية إلى الإدارة الأمريكية، بكتابته مقال يدعو عملياً إلى الإعداد العملي لضربة إسرائيلية ، بدعم أمريكي، ضد طهران.
المقال الذي نشر في النيويورك تايمز، يأخذ مظهراً خادعاً في عنوانه " كيف نستطيع إبطاء مسيرة حرب إسرائيلية ضد إيران"، ولكنه في جوهره يدعو إلى خطوات عملية لضربة إسرائيلية ضدها.
المهم هنا ليس دينيس كشخص، و لا يمكن التقليل من تأثير كلماته على الكونغرس والإعلام الأمريكي، ولكن ما يمثله روس من قوى داخل إسرائيل وفي أمريكا، ليس فقط بين قيادات الحزب اليمينية بل وفي أوساط الحزب الديمقراطي، خصوصاً المتعصبة لإسرائيل وتلك المرتبطة بصناعات الأسلحة الأمريكية.
روس في مقاله دعا الحكومة إلى تبني خطة تبدأ بتحديد مهلة زمنية تختبر مدى تأثير العقوبات على تغيير الموقف الإيراني واستعداد طهران لإنهاء برنامجها النووي؛ ولكن الإدارة الأمريكية تقوم في الوقت نفسه بالاتفاق مع الأطراف الدولية الأخرى في مجلس الأمن على خطة "اليوم التالي" لانتهاء هذه المهلة الزمنية للتحرك نحو الخيار العسكري.
كما طالب دينيس روس بعدم الانتظار لمعرفة نتيجة "اختبار النوايا الإيرانية"، والعمل مباشرة على تلبية كل "احتياجات إسرائيل العسكرية" والأكثر من ذلك سؤال بنيامين نتنياهو عن طبيعة الدعم الأمريكي المطلوب في حال، أو عندما، يقرر استعمال "القوة" ضد إيران و للتحضير معاً لأي تداعيات تترتب عليها العملية العسكرية.
الغريب أن روس يُسَوق خطته على أنها خطوات ضرورية للحصول من إسرائيل على قرار بتأجيل ضرب إيران وذلك لإعطاء فرصة للحل الدبلوماسي "وإرساء الأرضية للعمل العسكري" في حال الفشل.
من الواضح، أن روس قرر وضع كل ثِقَله ونفوذه وتجربته، بعد عقود من العمل في مواقع حساسة في وزارة الخارجية والبيت الأبيض،، في خدمة نتنياهو واليمين الإسرائيلي، وما خطته إلا شروط ابتزازية إسرائيلية، مستغلاً مكانته في الإعلام الأمريكي كواحد من أهم "خبراء الصراع العربي- الإسرائيلي وإيران"، إن لم يكن الأهم في نظر المحللين، وإن كان مكشوفاً للحركات المناوئة للحرب وللصهيونية في أمريكا.
المهم أن خطة روس تأتي في سياق حملة سياسية في أمريكا ، لتدعيم مكانة إسرائيل ومحاولة ربط السياسات الأمريكية تماما بمخططات نتنياهو دون الأخذ بالاعتبار مصالح أمريكا في المنطقة، التي بدورها تفضل التأني تحسبا لردة الفعل على مغامرة إسرائيلية عسكرية ضد إيران.
انتقال دينيس روس العلني من دور المدافع عن إسرائيل، إلى ممثل واضح لشروطها، يدل على أن انتقال الصراع الدائر داخل إسرائيل وبقوة أكبر وأوسع إلى الساحة الأمريكية سيكون له تبعات على الانتخابات الأمريكية، فلم يعد يكفي تأمين الدعم لإسرائيل بل المطلوب تبني السياسة الإسرائيلية بكل حذافيرها.
صحيح أن مواقف الإدارات الأمريكية، وكل حروبها في المنطقة، خدمت إسرائيل، ولكن الجديد أن هناك تعارضاً واضحاً وعلنياً؛ فإسرائيل تريد تذكير واشنطن أنها لن تستطيع السيطرة على المنطقة بدونها، حتى لو سقط النظام في سورية .
(العرب اليوم)