الامن العام و رسوخ التقاليد المهنية
القانون ليس حاميا للاشخاص الطبيعيين فقط ، وليس ضامنا لحقوقهم وممتلكاتهم دون غيرهم كما يظن البعض ، فالاقوياء من المتنفذين والاثرياء و اصحاب القرار ورجال السلطة والامن يحتاجون القانون ايضا - رغم ان بعضهم يظن انه فوقه - .وسلامة الاجراءآت ودقتها هي ايضا ضرورة ولا يجوز ان تخضع للامزجة والاجتهادات ، فسلامة الاجراءات التي تتبع من قبل السلطات الرسمية والامنية والقضائية لتطبيق القانون تعني بالضرورة ان هناك درجة عالية من المهنية والحرفية والاعراف والتقاليد التي تتبع وتترسخ وتتطور وذلك بصرف النظر عن الظروف المحيطة والتحديات التي تواجهها الدولة فهذه ليست عذرا لتجاوز القانون وتجاهل الاجراءآت التي يفترض ان يلتزم بها رجال الامن وهم يطبقون القانون .
رجال الحكم و الامن الذين يتجاوزون القانون ويظنون ان القانون ينفذ على الضعفاء فقط ، ويستغلون السلطة التي بايديهم ، هؤلاء ينسون احيانا انهم ليسوا لوحدهم ، وهناك اخرون اقوى ويملكون تلك السلطة وربما سلطات اعلى واوسع ، وتلك قد تستخدم بشكل متعسف ضدهم وربما تؤذي عائلاتهم و اقاربهم ، ثم ماذا لو خرجوا من الخدمة في الدوائر الرسمية والامنية لاي سبب كان او تقاعدوا مثلا ، كيف سيتعاملون مع فكرة انهم اليوم بلا سلطة وان هناك من يستطيع ان يستخدمها ضدهم ! ناهيك عن الضرر البالغ الذي سيقع اذا ما اخذ كل مسؤول حكومي او امني بتنفيذ القانون على طريقته ووفق مصالحه واجندته الشخصية ، ما الذي سيحدث وكيف يمكن منع الفوضى اذا ما فقد الناس ثقتهم بالقانون واذرع القانون التنفيذية ؟!!
الاردن الرسمي نجح مؤسسيا في العقود الماضية ، ولكن التآكل الذي طال اذرع الدولة ومؤسساتها في السنوات الاخيرة اضعف تلك البنى المؤسسية في كثير من الوزارات والمؤسسات الخدمية ، الا ان هذا التآكل بمعناه الحرفي لم يطل الاجهزة الامنية ،فلقد ظلت تعمل وفق اليات واضحة رغم تضررها نسبيا من حالة التداعي واسعة النطاق .
نعم صحيح ، لدى الاجهزة الامنية في بلادنا اعرافا وتقاليدا راسخة وذلك رغم حدوث الاخطاء ،فمجرد ان لدينا الية للمحاسبة والمساءلة فان ذلك يعني اننا قادرون على احتواء الاختلالات وتجاوز الاخطاء البشرية التي تقع على مستويات متعددة . ولكن هذا لا يكفي فهناك من لا يستطيع ان يصل الى تلك القنوات التي تحميه من التغول والاعتداء، لذلك لا بد ان نلجأ للرقابة الداخلية اليومية اللصيقة لنضمن تطبيق القانون والاجراءات السليمة ونمنع حدوث تلك الاخطاء التي تحول دون تشكل الحالة النموذجية التي نريد .
الامن العام على سبيل الحصر ظل متماسكا الى حد كبير ، ورغم فداحة الاخطاء التي ارتكبت في عهد مديره السابق ، الا ان ذلك لم يستمر ، فهناك في هذا الجهاز الوطني من يتمسك بمعايير المهنية والحرفية ، ولذلك سرعان ما تم ضبط ايقاع المؤسسة وتمكنت من استعادة توازنها ، هؤلاء ينجحون احيانا في معالجة الاخطاء وضمان سلامة الاجراءات وفي احيان اخرى يفشلون فشلا ذريعا ..المهم ان القنوات المفتوحة تضمن دائما اطلاع قيادة الجهاز على ما يجري ، وانفتاح المكتب الاعلامي على وسائل الاعلام المختلفة يشكل ضمانة اخرى لانسياب المعلومات ومنع حدوث الاخطاء وهذا ما يتقنه جميع افراد وضباط المكتب الاعلامي . بالامس فقط نجح اعلام الامن العام ومن خلال مساعد مدير ادارة مكافحة المخدرات العقيد محمد منيزل باثبات ان العدالة ستأخذ مجراها وستتحقق بغض النظر عن صفة ومنزلة ومكانة من اعتدى على القانون وتجاوز الاعراف والتقاليد ، ونحن بالانتظار ..