jo24_banner
jo24_banner

عام الجماعة

سالم الفلاحات
جو 24 : لأن اليأس حرام والتقاعد مذموم أكتب هذه الكلمات.. إنْ بقي لها سامع.
لا يخلو «مجتمع» كبر أو صغر مهما كان شكله وموقعه من وجهات نظر متباينة في القضية الواحدة، أو اختلاف في منهج إدارة، وهذه حالة بشرية عامة، وقد يزداد هذا الخلاف ليصل حد الإعراض والنزاع والقطيعة والاتهام وسوء الظن والجزم بسوء القصد وفساد الطوية، وقد يتطور الأمر إلى حد الاقتتال عند امتلاك القوة والسلاح كما حصل في بعض المراحل في التاريخ الإسلامي، ولكن معظم أبناء المجتمع والوسط العام لا يريد لهذا الخلاف ان يصل لهذا الحد، لكنه قد ينقاد بسبب عوامل مختلفة ينحاز لهذا الرأي أو لذاك وليس بالضرورة ان تكون القناعة هي العامل الرئيس في الموقف ثقةً أو انطباعاً أو غير ذلك.
كانت فرحة قد لا تعدلها فرحة، التي يصفها المؤرخون في العصر الإسلامي الأول عندما نامت الفتنة واجتمع المسلمون على امام واحد، وتنازل الحسن بن علي رضي الله عنه عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وقام بدور عظيم فسمى المسلمون ذلك العام «بعام الجماعة» والجماعة المنشودة المتآلفة المتحابة المتناسية عن كل دواعي الفرقة وحب الذات، وتضخيم الصغائر، وتقديس الأَنا، إنه الرجوع للأصل الذي فيه النجاة «واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً» ولا يصح لعاقل ان يفرط بها او ينكرها او يجمدها فيعاقب بفقدانها وفقدان غيرها.
وكل من تسبب أو ساهم في استمرار أعوام الجماعة أو صناعتها بين أفراد الأمة الواحدة أو الشعب الواحد أو الجماعة الواحدة فهو في خير والى خير، ورحم الله من كان مفتاحا للخير مغلاقا للشر ورحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى.
ولا شك أنَّ هذا من التحديات، في ظل الأزمات الحادة يتحكم فقه دعوي مؤقت لا يكون مستساغاً عند زوال السبب.
هكذا بث الله في هذه الأمة فيمن امتلك هذه الكنوز العظيمة من الذين يبذلون من أنفسهم, من حقوقهم، من مشاعرهم خدمةً للهدف العام ومنهم سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما فإن السائرين على نهجه وسيرته هم الرابحون في النهاية.
ومن فضل الله تعالى انه لا يخلو عصر ولا جيل من أمثال هؤلاء العظماء الذين يتنازلون حتى عما يتوهمه الناس غنيمةً في سبيل وحدة الكلمة وقوة الصف، والوصول لعام الجماعة، يخالفون قناعاتهم ويصبرون ويحتسبون حتى أنه أسيئ إليهم لا طمعاً في مغنم ولا خوفاً من سلطة، انما استمطارا لرحمة الله التي تتنزل على المتحابين المتآلفين، فانَّ يد الله مع الجماعة وقد طوى التاريخ كل من سبح ضد تيار الخير معظّماً رأيه ورؤاه، ولا زال الحسن بن علي رضي الله عنه في التاريخ مذكوراً وقد جمع الله به المسلمين.
هل ذكر السلف للتأسي أم للتندر؟
لا يخفي على مطلع أن ليس في الجماعة (الإخوان المسلمون) مغانم ومكاسب لمن يتولى المسؤولية، إنما هو تغليب الاجتهاد الذي قد يكون مرجوحاً لتحقيق المصالح العامة، فالكل يفسر النصوص والوقائع ويستأنس بها والتفسير والاستئناس والتأويل والاجتهاد ليس نصاً قطعي الدلالة حتى لو كان الثبوت فكيف إذا غاب النص.
إنَّ المواقف الكبيرة بحاجة لكبار، ومن يقنع نفسه أنه يَسْعى لمصلحة عامة دون انتقام أو شهوةٍ أو هوى فعليه أنْ يترجم ما يظن بنفسه إلى فِعَال وقد قال الهادي صلى الله عليه وسلم: «بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم...».
التاريخ لن يرحم والله عَدْل لا يظلم، وطوبى للمبادرين.


السبيل
تابعو الأردن 24 على google news