فرنسا الحاضرة ومصر الغائبة.. ربيع أم صقيع !
بنى النظام السوري وحليفاه ، الروسي والإيراني ، حملتهما الإعلامية والسياسية ضد الثورة على مقولة ان ما يجري في سوريا هو تدخل خارجي ، امريكي سعودي قطري الخ .
اليوم وبعد ١٧ شهرا على الثورة يتضح ان الشعب السوري يقف وحده بدون نصير ، اعزل بدون سلاح لان ما يحمله الثوار من سلاح متواضع هو من غنائم الانشقاقات التي لا تدرج في باب المقارنات امام ما يضعه الاسد من قوة تدميرية في الميدان وبما يمده به الحليف الروسي من مقاتلات ومروحيات وقنابل فراغية وكذلك يفعل الحليف الإيراني.
التدخل الخارجي في سوريا هو التدخل الروسي الإيراني الصيني اضافة الى قوى طائفية اخرى في العراق ولبنان ، ان المنطقة امام قيام ( محور ) جديد تجمعه مصالح عديدة اهمها الحفاظ على الأنظمة المستبدة واجهاض ثورة الشعب السوري كدرس يقدم للأمم المتحدة ومجلس الأمن بعدم دعم حركات التحرر وثورات مقاومة السلطة المطلقة ، كالتي وقعت في الاقليم المسلم في جنوب غرب الصين وما حدث في الشيشان وفي الانتخابات الرئاسية الاخيرة في طهران . وهذا ما يرى لافروف فيه وكذلك المسؤولين الإيرانيين والصينيين دفاعا استباقيا تحت مزاعم التمسك بميثاق الامم المتحدة ، وكان حقوق الانسان وحق تقرير المصير ليسا اهم بنود الميثاق .
ولا يقارن الدعم السياسي الروسي الصيني للأسد في مجلس الأمن بما تقدمه واشنطن والجامعة العربية للثورة السورية ، لقد حظي بحلفاء حقيقيين وفروا له غطاء سياسيا قويا أجهض جميع المحاولات الدولية لوضع حد للمجازر ورفض تبني برنامج عمل حاسم يسمح بانتقال السلطة وفق خطة عنان ، اما أصدقاء الشعب السوري فهم أشبه بغثاء السيل وان اردت ان تعرف السبب فابحث عنه في تل أبيب التي كانت ترى في النظام الاسدي خير من يحافظ على احتلالها في الجولان ، كما انها ترى فيه اليوم اداة التدمير الشامل لسوريا على طريق ما فعله حليفها الأميركي في العراق الذي تقاسمه مع ايران وأصدقاء اسرائيل في اربيل .فدول الطوائف والأقليات هدف ثمين يلتقي عليه الإسرائيليون والإيرانيون واتباعهم الصغار.
ان حكاية تدمير اسرائيل بصواريخ الاسد أكاذيب لا يصدقها الا من قضى ثلاثة عقود وهو يصدق ان ثورة الملالي في طهران هي ضد الشيطان الأميركي الاكبر والشيطان الاسرائيلي الأصغر واذا بها لا تطلق رصاصة واحدة ضدهما انما أطلقتها ضد العراق ، لينتهي الامر بان يكون وزير خارجية طهران اول من يرحب به في بغداد المحتلة وفي كابل أيضاً .صواريخ الاسد أسالت دماء اللبنانيين والسوريين كما تستبيح اليوم دماء السوريين في حلب ودمشق وحمص وكل مدن سوريا المقاومة .
المعارضة السورية بكل أطرافها وأطماعها الفئوية تنادي بالتدخل الأجنبي من خلال اقامة مناطق حظر جوي لحماية المدنيين وغير فرنسا لايوجد من يؤيد هذا التدخل ، وفيما تستبق دول المحور بقيادة موسكو جلسة مجلس الأمن الوزارية نهاية هذا الشهر بإعطاء الضوء الاخضر للطاغية لكي يستخدم كافة انواع الاسلحة لتدمير دمشق وحلب وحمص ودير الزور ودرعا وكل مدن سوريا فان (أصدقاء الشعب السوري ) من أمريكيين وغيرهم سيكونون سعداء بالضمانات الروسية بان لا يستخدم الاسد الاسلحة الكيماوية !هذا ما سيكتفي به اوباما ولن تجد فرنسا غير صدى صوتها .
من المؤسف القول انه فيما تكون فرنساهولاند حاضرة بقوة للعمل من اجل تحرك دولي يضع حدا للمذبحة في سوريا فان مصر محمد مرسي غائبة تماماً عن لعب اي دور ولعل تجاسر موسكو وطهران على هذا التدخل السافر في سوريا تعود احد أسبابه الى غياب مصر بل الى حالة الخمول العامة التي تدب في أوصال المواقف الرسمية والشعبية العربية منذ ان اصبح للربيع العربي حكومات ودول ، وكأن عواصمه قد أصابها تيار قطبي من الصقيع وليس الربيع !!
(الراي)