jo24_banner
jo24_banner

حتى لا نفتي لأجل اسرائيل!

ماهر أبو طير
جو 24 : مع تقديري لمقامات العلماء في «شريعة حزب جبهة العمل الاسلامي» في عمان الذين يحرمون زيارة الاقصى باعتبار ذلك تطبيع يجبر الانسان على الحصول على تأشيرة صهيونية والاعتراف ضمنيا بالاحتلال، فإن رأيهم هذا قابل للنقض على اكثر من مستوى. هناك فتاوى ايضا لعلماء تجيز السفر الى الاقصى والحصول على تأشيرة ما دام الانسان في وجدانه منكرا للاحتلال، ومضطرا لهكذا تأشيرة، ولا يمكن هنا ان نخضع فقط لانقسام العلماء بشأن التأشيرة الى فلسطين المحتلة، فالبعض يحلل والبعض يحرم، والكل يأتيك بدليله الشرعي والفقهي القوي، فلمن نتبع يا سادتنا الكرام؟!. ثم اننا من ناحية عملية وسياسية نقول ان هجر القدس والاقصى بذريعة عدم الحصول على تأشيرة عبر مكتب سياحي او اي وسيلة اخرى، ادى فعليا الى توظيف هذه الفتوى على حسن نوايا اصحابها طبعا، وطهر غاياتهم، الى خدمة اسرائيل، التي تريد الاستفراد بالقدس والاقصى، وعزل العرب والمسلمين عنهما، وما نراه اليوم من فقر في القدس وضرائب وجوع سببه هجران العرب والمسلمين لهؤلاء، فلا حكومات تؤازرهم، ولا عرب ومسلمين يزورونهم لينفقوا قرشا في المدينة المحتلة، بما يخفف من احوال سكانها. والفتاوى اختصاص اهل العلم، وليس من حقي ان أفتي، ولا أجرؤ اساسا على هذه المقامات، لكننا نسأل بحق لماذا يتم الافتاء بالحرمة، وهناك علماء يفتون بعدم الحرمة، وهل من يفتي بعدم الحرمة ، خائن او جاهل، حتى لا نحتكم الى اتهام مسبق تجاه من يجيزون الزيارة الى الاقصى؟!. وعمليا وواقعيا يحتاج الفلسطينيون الى الاحتلال يوميا خلال عبورهم من غزة الى فلسطين الثمانية والاربعين، او من الضفة الى القدس، للعمل او العلاج، وهو اضطرار لا يمنح الاحتلال اي شرعية، ولا سلطة، والكل يعرف ويوقن ويؤمن ان هذا احتلال بشع، لا تزيده اضطرارات التنسيق الفني احيانا او التأشيرات اي قوة، لان اسرائيل تعرف ان كل هؤلاء لا يعترفون بها، كما ان المرور عبر الاحتلال، قائم في كل الحالات، حتى عبر السلطة الوطنية الفلسطينية، وبعض اهالي غزة المحسوبين على المقاومة اضطروا ان يرسلوا ابناءهم للعلاج في مستشفيات اسرائيل، ولايخوّنهم احد، لان ظروفهم معقدة. والذي يقول ان ما يحق للفلسطيني عموما لا يحق للعربي والمسلم غير العربي، في سياق التفرقة بين حالتين، يقول كلاما معقولا، لكننا ايضا نسأل عن الجدوى من فتاوى المنع التي تؤدي الى هجر المدينة واهلها وإضعافهم وتركهم أسارى للعزلة، ولو افترضنا ان باب زيارة القدس مباح شرعا، لرأينا ان المدينة واهلها في ظرف احسن، معنويا وماليا، ولما هاجر نصف سكانها، وعانى النصف الاخر من الضرائب والاعتقالات والمخدرات وغير ذلك من ظروف نراها. لكل عالم مقامه المحترم، ولا نمتلك واحدا بالالف من علومهم الشرعية لكننا بحق نسأل عن مبدأ مهم يتعلق بالجدوى من الفتوى، اذ لا يكفي ان تكون النية عدم التطبيع مع الاحتلال، او التحذير من الالتزام بشروطه او الاضطرار لقبول احتلاله، فلا احد منا في عقيدته يقبل بكل هذا، لكننا نسأل بقوة لمن نترك القدس واهلها، اذا كنا في الحرب لا نحارب، وفي المؤازرة المالية والمعنوية عبر الزيارة نستدعي الحرمة، ثم نفترض منهم الصمود والبقاء في وجه هكذا اعداء؟!. القدس قدسنا، بتأشيرة او غير تأشيرة....هذه هي عقيدتنا، التي لا يهز بنيتها احتلال ولا تأشيرة ولا اضطرار، لعلنا نسمع من العلماء رأيا منتجا، لا يصب من حيث لا يقصد اصحاب هذا الرأي، في مساعدة اسرائيل، بعدم رؤية وجه عربي ومسلم واحد في القدس، لصالح تهويدها، وعزلها وسرقتها. اسرائيل الاكثر سعادة بهكذا فتاوى تريحها من رؤية وجوه العرب والمسلمين، تريحها حقا، والغائب عن القدس، يظن انه يرضي الله، فيما هو يترك القدس لاسرائيل على طبق الحرمة الدينية، ويا لها من مفارقة. وليعذرنا العلماء الاجلاء، اذ يثابون على حسن نواياهم، لكننا نسأل عن الجدوى الدنيوية فقط، والله ورسوله اعلم؟!.الدستور
تابعو الأردن 24 على google news