كامب ديفيد انعكاساً للمستجدات
حمادة فراعنة
جو 24 : سعى الرئيس أوباما في قمة كامب ديفيد الأميركية الخليجية يومي 13- 14 أيار 2015 لطمأنة قادة مجلس تعاون الخليج العربي على أمنهم من خلال « استعداد الولايات المتحدة للعمل ، عبر استخدام كافة السبل ، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية ، للدفاع عن شركائها في مجلس التعاون « ومن خلال « تأسيس شراكة استراتيجية جديدة بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون ، لتعزيز العمل الى تحسين التعاون الدفاعي والأمني، خاصة فيما يتعلق بسرعة الامداد بالأسلحة، ومكافحة الارهاب، والأمن البحري، والأمن الالكتروني، والدفاع ضد الصواريخ الباليستية « .
وتم التفاهم بين الطرفين الأميركي والخليجي على أن 1- « اتفاقًا شاملاً بين (مجموعة 5+1 وايران ) يتيح الرقابة والتحقق ويبدد كافة المخاوف الاقليمية والدولية بشأن برنامج ايران النووي ، وسيخدم المصالح الأمنية لدول مجلس التعاون والولايات المتحدة والمجتمع الدولي على حد سواء « ، وأن يعملوا معاً « للتصدي لأي أنشطة ايرانية تزعزع الاستقرار في المنطقة « ، مع ضرورة أن تقوم ايران « باتخاد خطوات فعلية وعملية لبناء الثقة وحل النزاعات مع جيرانها بالطرق السلمية « .
2- مكافحة الأرهاب ومواجهة تهديدات تنظيمي داعش والقاعدة .
3- معالجة الصراعات الأقليمية والتخفيف من حدة التوترات المتنامية ، وخاصة في سوريا والعراق واليمن وليبيا ، وأن « ليس هناك من حل عسكري للصراعات الأهلية المسلحة في المنطقة والتي لا يمكن حلها الا عبر السبل السياسية والسلمية « وضرورة « وجود حكومات تشمل كافة المكونات في المجتمعات التي تعاني من مثل هذه الصراعات « .
الرئيس أوباما أقر أن المشاكل أو الخلافات أو التباين في الرؤى بين الطرفين لم تحل جميعها في هذا الاجتماع ، بل ثمة قضايا مازالت عالقة رغم نجاح انعقاد القمة من وجهة نظره ، ولذلك تم الأتفاق على عقد اجتماع مماثل في العام القادم 2016 ، بهدف مواصلة التقدم والبناء على الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين الأميركي والخليجي التي تم التوصل اليها والاعلان عنها في الاجتماع الأول هذا ، في أعقاب قمة كامب ديفيد .
العلاقات الأميركية الخليجية لم تتزعزع طوال السنوات الماضية ، ولكنها لم تكن متكافئة وندية كما هي اليوم ، وكما يجب أن تكون وكما هي تسير ، ففي السابق كان الطرف الأميركي هو الذي يفرض الأولويات ، سواء في حرب أفغانستان ضد السوفييت ، أو في الحرب العراقية الايرانية ، أو بعد الاجتياح العراقي للكويت ، وحتى ولادة تنظيم الدولة الاسلامية وسيطرته على غرب العراق وشرق سوريا ، وكان الطرف الخليجي يدفع التكاليف أو غالبيتها ويقبل نتائجها ، فالخليجيون واجهوا أطرافاً اقليمياً قوية لديها تطلعاتها وحساباتها الخاصة ، سواء من قبل الجار الايراني أو من الشقيق العراقي ، وكان الخليجيون دولاً في طور النمو ، لم تكتمل قدراتهم ، ولكن المعطيات تغيرت ، والاستعدادات تطورت ، والخصوم تبدلوا ، وها هم أصبحوا أصحاب مبادرة مباشرة سواء في تعاملهم مع مصر السيسي لمواجهة حركة الاخوان المسلمين أو مع اليمن لمواجهة ولاية الفقيه ، فالمبادرة الخليجية نحو مصر واليمن ، من وجهة نظر مصالحهم الأمنية ردت لهم الاعتبار وأعطتهم وزناً سياسياً غير مسبوق من قبل .
في أعقاب عمليات سبتمبر 2001 ، تحول الاهتمام الأميركي ، في المنطقة العربية ، نحو محاربة التنظيمات الاسلامية ذات النزعة الجهادية ، باتجاه الاهتمام بالتنظيمات الاسلامية ذات النزعة المعتدلة نسبياً التي تقبل بالتدرج والمرحلية وتشارك ببعض مظاهر الديمقراطية ، مثل البرلمان والأحزاب والعمل النقابي ، وهكذا سعى الأميركيون للتفاهم مع طرفين في العالم العربي : الأول مع ولاية الفقيه وهي التعبري الشيعي الايراني العابر للحدود ، والثاني مع حركة الاخوان المسلمين وهي التعبير السني العابر للحدود ، مثلما سعت لدفع أصدقائها من قادة الدول العربية للتفاهم مع قوى المعارضة المعتدلة والرضوخ لحركة الشارع ، والأسهام في تغيير الأنظمة والترحيب بذلك ، فحزب ولاية الفقيه له امتداداته ونفوذه في العراق وسوريا ولبنان واليمن وبلدان الخليج ، والاخوان المسلمون لهم نفوذهم القوي لدى العديد من البلاد العربية ، وهذا ما دفع الأميركيون لتغيير تحالفاتهم ، بعد هزيمتهم في كل من أفغانستان والعراق وخروجهم بتضحيات كبيرة بشرية ومادية ، وبدون انجازات سياسية ايجابية ملموسة .
في 19 أيار 2011 في ذروة نشاطات الربيع العربي، وصعوده وتمدده بين العواصم من تونس الى القاهرة مروراً بليبيا واليمن قبل أن يتوقف قطاره في المحطة السورية ويتجمد رياح التغيير نحو باقي البلدان ، لخص الرئيس أوباما في خطاب له الوضع العربي بقوله حرفياً « لقد نالت دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا استقلالها ، ولكن شعوبها لم تنله في كثير من الأماكن ، وانحصرت السلطة في كثير من البلدان في أيدي قلة ، فلا قضاء أمين يسمع شكاوى المواطنين ، ولا أجهزة اعلام مستقلة ، ولا حزب سياسي موثوق ، ولا انتخابات حرة ونزيهة يختار فيها المواطن قائده « ، وفي تقييمه لدول الخليج العربي قال الرئيس أوباما « هنالك دول نعمت بثروة النفط والغاز ، وهذا أوجد جيوباً من الترف والرخاء « و « حاول الكثيرون من قادة المنطقة تحويل مظالم شعوبهم وشكاواهم الى اتجاهات أخرى « وخلص أوباما الى النتيجة : « أن أميركا تحترم حق جميع الأصوات المسالمة والملتزمة بالقانون ، والأصغاء اليها ، حتى ولو كنا نختلف معها ، وأحياناً نختلف معها على نحو عميق ، ومع ذلك نتطلع الى العمل مع جميع الذين يتبنون ديمقراطية حقيقية وشاملة ، ما سنعارضه هو أية محاولة من جانب أي فريق لتقييد حقوق الآخرين ، وقبضته على السلطة بالاكراه ، لأن الديمقراطية لا تعتمد فقط على الانتخابات ، ولكنها تعتمد أيضا على وجود مؤسسات قوية وقابلة للمساءلة والمحاسبة ، وعلى احترام حقوق الأقليات « ، وهذا ما يُفسر لقاء الأميركيين وتفاهمهم مع كل من ولاية الفقيه الايرانية ، ومع حركة الاخوان المسلمين .
وتم التفاهم بين الطرفين الأميركي والخليجي على أن 1- « اتفاقًا شاملاً بين (مجموعة 5+1 وايران ) يتيح الرقابة والتحقق ويبدد كافة المخاوف الاقليمية والدولية بشأن برنامج ايران النووي ، وسيخدم المصالح الأمنية لدول مجلس التعاون والولايات المتحدة والمجتمع الدولي على حد سواء « ، وأن يعملوا معاً « للتصدي لأي أنشطة ايرانية تزعزع الاستقرار في المنطقة « ، مع ضرورة أن تقوم ايران « باتخاد خطوات فعلية وعملية لبناء الثقة وحل النزاعات مع جيرانها بالطرق السلمية « .
2- مكافحة الأرهاب ومواجهة تهديدات تنظيمي داعش والقاعدة .
3- معالجة الصراعات الأقليمية والتخفيف من حدة التوترات المتنامية ، وخاصة في سوريا والعراق واليمن وليبيا ، وأن « ليس هناك من حل عسكري للصراعات الأهلية المسلحة في المنطقة والتي لا يمكن حلها الا عبر السبل السياسية والسلمية « وضرورة « وجود حكومات تشمل كافة المكونات في المجتمعات التي تعاني من مثل هذه الصراعات « .
الرئيس أوباما أقر أن المشاكل أو الخلافات أو التباين في الرؤى بين الطرفين لم تحل جميعها في هذا الاجتماع ، بل ثمة قضايا مازالت عالقة رغم نجاح انعقاد القمة من وجهة نظره ، ولذلك تم الأتفاق على عقد اجتماع مماثل في العام القادم 2016 ، بهدف مواصلة التقدم والبناء على الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين الأميركي والخليجي التي تم التوصل اليها والاعلان عنها في الاجتماع الأول هذا ، في أعقاب قمة كامب ديفيد .
العلاقات الأميركية الخليجية لم تتزعزع طوال السنوات الماضية ، ولكنها لم تكن متكافئة وندية كما هي اليوم ، وكما يجب أن تكون وكما هي تسير ، ففي السابق كان الطرف الأميركي هو الذي يفرض الأولويات ، سواء في حرب أفغانستان ضد السوفييت ، أو في الحرب العراقية الايرانية ، أو بعد الاجتياح العراقي للكويت ، وحتى ولادة تنظيم الدولة الاسلامية وسيطرته على غرب العراق وشرق سوريا ، وكان الطرف الخليجي يدفع التكاليف أو غالبيتها ويقبل نتائجها ، فالخليجيون واجهوا أطرافاً اقليمياً قوية لديها تطلعاتها وحساباتها الخاصة ، سواء من قبل الجار الايراني أو من الشقيق العراقي ، وكان الخليجيون دولاً في طور النمو ، لم تكتمل قدراتهم ، ولكن المعطيات تغيرت ، والاستعدادات تطورت ، والخصوم تبدلوا ، وها هم أصبحوا أصحاب مبادرة مباشرة سواء في تعاملهم مع مصر السيسي لمواجهة حركة الاخوان المسلمين أو مع اليمن لمواجهة ولاية الفقيه ، فالمبادرة الخليجية نحو مصر واليمن ، من وجهة نظر مصالحهم الأمنية ردت لهم الاعتبار وأعطتهم وزناً سياسياً غير مسبوق من قبل .
في أعقاب عمليات سبتمبر 2001 ، تحول الاهتمام الأميركي ، في المنطقة العربية ، نحو محاربة التنظيمات الاسلامية ذات النزعة الجهادية ، باتجاه الاهتمام بالتنظيمات الاسلامية ذات النزعة المعتدلة نسبياً التي تقبل بالتدرج والمرحلية وتشارك ببعض مظاهر الديمقراطية ، مثل البرلمان والأحزاب والعمل النقابي ، وهكذا سعى الأميركيون للتفاهم مع طرفين في العالم العربي : الأول مع ولاية الفقيه وهي التعبري الشيعي الايراني العابر للحدود ، والثاني مع حركة الاخوان المسلمين وهي التعبير السني العابر للحدود ، مثلما سعت لدفع أصدقائها من قادة الدول العربية للتفاهم مع قوى المعارضة المعتدلة والرضوخ لحركة الشارع ، والأسهام في تغيير الأنظمة والترحيب بذلك ، فحزب ولاية الفقيه له امتداداته ونفوذه في العراق وسوريا ولبنان واليمن وبلدان الخليج ، والاخوان المسلمون لهم نفوذهم القوي لدى العديد من البلاد العربية ، وهذا ما دفع الأميركيون لتغيير تحالفاتهم ، بعد هزيمتهم في كل من أفغانستان والعراق وخروجهم بتضحيات كبيرة بشرية ومادية ، وبدون انجازات سياسية ايجابية ملموسة .
في 19 أيار 2011 في ذروة نشاطات الربيع العربي، وصعوده وتمدده بين العواصم من تونس الى القاهرة مروراً بليبيا واليمن قبل أن يتوقف قطاره في المحطة السورية ويتجمد رياح التغيير نحو باقي البلدان ، لخص الرئيس أوباما في خطاب له الوضع العربي بقوله حرفياً « لقد نالت دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا استقلالها ، ولكن شعوبها لم تنله في كثير من الأماكن ، وانحصرت السلطة في كثير من البلدان في أيدي قلة ، فلا قضاء أمين يسمع شكاوى المواطنين ، ولا أجهزة اعلام مستقلة ، ولا حزب سياسي موثوق ، ولا انتخابات حرة ونزيهة يختار فيها المواطن قائده « ، وفي تقييمه لدول الخليج العربي قال الرئيس أوباما « هنالك دول نعمت بثروة النفط والغاز ، وهذا أوجد جيوباً من الترف والرخاء « و « حاول الكثيرون من قادة المنطقة تحويل مظالم شعوبهم وشكاواهم الى اتجاهات أخرى « وخلص أوباما الى النتيجة : « أن أميركا تحترم حق جميع الأصوات المسالمة والملتزمة بالقانون ، والأصغاء اليها ، حتى ولو كنا نختلف معها ، وأحياناً نختلف معها على نحو عميق ، ومع ذلك نتطلع الى العمل مع جميع الذين يتبنون ديمقراطية حقيقية وشاملة ، ما سنعارضه هو أية محاولة من جانب أي فريق لتقييد حقوق الآخرين ، وقبضته على السلطة بالاكراه ، لأن الديمقراطية لا تعتمد فقط على الانتخابات ، ولكنها تعتمد أيضا على وجود مؤسسات قوية وقابلة للمساءلة والمحاسبة ، وعلى احترام حقوق الأقليات « ، وهذا ما يُفسر لقاء الأميركيين وتفاهمهم مع كل من ولاية الفقيه الايرانية ، ومع حركة الاخوان المسلمين .