المسجد الأقصى للحاخامات فقط
كل الكلام الخطير الذي يقال عن وضع المسجد الأقصى لا يجلب رد فعل سوى التنديد والشجب، والعرب والمسلمون لو جمعتهم في اليوم ألف مرة لتحدثوا عن النفط وسعر العقارات وخطر إيران وتناسوا المسجد والقدس معه!!
اليهود ينوون حالياً تقسيم الحرم القدسي على ذات طريقة الحرم الإبراهيمي في الخليل، بحيث يكون نصف حرم الأقصى للمسلمين ونصفه الآخر لليهود، وقد يصبح يوم السبت في الأقصى مخصصاً فقط لليهود والحاخامات.
مر الكلام مروراً سريعاً ولم يحظ برد سوى ببيانات منددة، لأن معظم العرب يكذبون كما يتنفسون، وحتى منحة النصف مليار التي اعلن عنها قبل سنوات للقدس واهلها لم يتم دفعها، والعرب مستعدون أن يخسروا مئات المليارات في البورصات الغربية، على ان يدفعوا ذلك الرقم البسيط للقدس وأهلها، من أجل أن يصمدوا في وجه الضرائب وانعدام الوظائف.
الجماهير العربية ايضا فقدت رشدها، والربيع العربي الذي طبل له المطبلون بكل ما فيه من خير أو شر، لم يتذكر الاقصى، ولا فلسطين، بل غابت فلسطين كليا عن الجماهير، والكل مشغول فقط بالانتقام من العهد السابق او الصراع على السلطة، او الاحتجاج على سعر رغيف الخبز وصحن الفول أو القات او لحم الجمال!!
الفلسطينيون ايضا ليسوا خارج اللوم، حتى لا يتم رمي هذه القصة على غيرهم فقط، فأين أهل فلسطين «الثمانية وأربعون»، عن خطر تقسيم الحرم القدسي؟
وأين اهل الضفة الغربية ؟
وأين المنظمات والفعاليات ؟
وهل يجوز ألا يكون هناك ثورة فلسطينية بأي شكل من أجل الأقصى الذي يقترب الخطر منه إلى درجة غير مسبوقة؟
أين العقل والأخلاق في صراع الإخوة الأعداء في غزة ورام الله، الذين ينشغلون بالصراع فيما إسرائيل في أحسن حالاتها، فلا أحد يهددها اليوم، فلسطينيا أو عربيا، والكل مشغول بهمومه وطموحاته وصراعاته؟!.
لا يفيد الأقصى سهرة رمضانية فوق جبال مأدبا كما جرى عندنا، والتكبير من بعيد، وتناول السحور ثم العودة الى البيوت، ولا يفيد الأقصى أيضا، أي شكل من تلك الأفعال على نبل دوافع أصحابها، لأن الخطر لم يعد ممكنا مداراته بالكلام والشعر والبيانات.
تمنيت ومعي كثيرون أن نرى حراكا عربيا واحدا لجمعة واحدة فقط، من عشرات آلاف المسيرات التي خرجت في العالم العربي خلال العامين الفائتين يكون مخصصا للاقصى والقدس.
الأقصى في خطر شديد ما بين الهدم أو التقسيم، أو توزيع ايام الاسبوع بين العرب واليهود، وهي اخطار تشتد لأن اسرائيل ذاتها، تعرف ان كل جوارها مدمّر إما بثورات دموية، او ُمقسم بفتن طائفية ومذهبية، او فقير ويتم افقاره، فلا يقوى على رفع رأسه.
لماذا لا نسمع عن هبة عربية شعبية من اجل الاقصى هذه الايام؟
وهل الأقصى مجرد مكان حجري بعناه وتساهلنا بأمره، وتركناه لربه حتى يحميه باعتبارنا قاعدين على طريقة «اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون»؟!.
قد تبدأ بالسبت في الأقصى، وستنتهي بكل الأيام، بحيث يكون الأقصى للحاخامات فقط، فلا نلوم إلا أنفسنا آنذاك.
(الدستور)