وزارة الخارجيّة ودبلوماسيّة التوريث
جو 24 : تامر خرمه- التوريث، مسألة تليق بحفيد محظيّ غادر جدّه هذه الأرض بعد أن خلّف وراءه تركة دسمة، كما يليق بزوجة فارقها شريك حياتها تاركاً لها ما يجنّبها ضنك العيش. هنا يمكن انتقال الملكيّة الشخصيّة من راحل إلى مالك جديد.
ولكن.. عندما يتعلّق الأمر بالحقل العام، لا يمكن اعتبار المناصب و"المكاسب" ملكيّة شخصيّة يمكن انتقالها إلى الأبناء والأحفاد. قد ينبغي تذكيرك يا ابن المسؤول الفلاني أو العلاّني بأن "التوريث" لا يليق بك.
وللتذكير أيضاً لا يمكن اعتبار العقد الاجتماعي -الذي منح الناس بموجبه المسؤولين صلاحيّة إدارة شؤونهم- صكّ ملكيّة يخوّل الحاصل عليه احتكار وظيفته بالحقل العام بعد امتلاكها ومن ثمّ توريثها. الأصل أيّها المسؤول الفطن أنّك موظّف عند الشعب وليس العكس.
المفترض أن كلّ ما ورد أعلاه يمكن وصفه بالمتّفق عليه بين كافّة أهل هذا الكوكب الصغير. لا يوجد مسؤول في أيّة دولة يجرؤ على المجادلة بعكس ذلك، إلاّ إذا كان هذا المسؤول على شاكلة زعيم كوريا الشماليّة مثلا. أمّا الأردن الذي يبذل جهودا حثيثة لترويج أنموذج "الديمقراطيّة" الخاصّ به، لا سيّما لدى الغرب المانح، فهو آخر دولة تحتاج إلى وسم نفسها بسمات كانت معروفة قبل نشوء مفهوم الدولة الحداثيّ.
رغم هذا، تجد بعض المسؤولين من تناسى حقيقة وظيفته، وظنّ أنّه مالك لمنصبه، يتصرّف فيه كيفما يشاء، ليرضى زميله أو صديقه، كأن يورّث نجله منصب كان لأبيه ذات يوم. "حارة كلّ من إيده إله".. جملة تختصر المنطق الذي يستند إليه كثير من الرسميّين في تفكيرهم وقراراتهم.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، دعنا نلقي نظرة خاطفة على الكيفيّة التي تدار بها الأمور وتدوّر عبرها المناصب في إحدى أهمّ الوزارات السياديّة: وزارة الخارجيّة.
الوزير العتيد العابر للحكومات، الخارق لمنظومة التبديلات والتعديلات الوزاريّة، ناصر جودة، يعتقد على ما يبدو أن طول بقائه في منصبه يعني امتلاكه لهذه الوزارة، فتراه يتيح –عن قصد أو حسن نيّة- فرص التوريث لأبناء من كان يوما بالسلطة، وخرج منها بعد إمعانه في الفشل والعجز عن تحقيق متطلّبات منصبه.
بالأمس أعلنت هذه الوزارة العتيدة أسماء المؤهّلين لعقد المرحلة الثانية من الامتحانات المقرّرة لشغل وظيفة ملحق ديبلوماسي، تمعّن جيّداً في هذه الأسماء لتدرك أن نتيجة "الامتحان" محسومة سلفاً، حيث أن عشرين اسما من الأسماء المعلنة هي لأبناء وبنات شخصيّات متنفّذة، بعضها مازال بالسلطة، وبعضها الآخر خرج منها ولكنّه مازال عضواً في نادي تدوير وتوريث المناصب، المغلق على أقليّة استفردت بالمكاسب والمغانم، في وطن بات يدار كما تدار الشركات الخاصّة!!
يمكن القول إن نتيجة هذه "الامتحانات" محسومة سلفاً، فنادي المناصب على ما يبدو مازال مغلقا على أسماء معيّنة، يبقون في مناصبهم إلى أن يشاء القدر، ومن ثمّ يقومون بتوريثها كما كان يجري الأمر خلال حقبة الامبراطوريّات البائدة. الطريف أنّه رغم هذا الواقع، تجد من لايزال يتحدّث عن "سيادة القانون"!!
هل حقّا مازال هناك من يفكّر بمنطق أن "ابن الشيخ شيخ" ؟ كان هذا المنطق سائدا قبل العصور الوسطى، ولكن الأردن دولة تتقن تسويق نفسها –خاصّة من خلال وزارة الخارجيّة- على أنّها دولة قانون حديثة تستند إدارتها إلى مبادئ النزاهة والشفافيّة. غريب كيف يعتقد البعض أن بإمكانه "الضحك على اللحى" عبر "بروباغاندا" الأنموذج الأردني للديمقراطيّة، في ذات الوقت الذي يتورّط فيه بمثل هذه الممارسات. وعودة على ذي بدء، قد يكون من المفيد تذكير كلّ مسؤول في هذا البلد بأن التوريث لا يليق بحملاتكم الدعائيّة.
ولكن.. عندما يتعلّق الأمر بالحقل العام، لا يمكن اعتبار المناصب و"المكاسب" ملكيّة شخصيّة يمكن انتقالها إلى الأبناء والأحفاد. قد ينبغي تذكيرك يا ابن المسؤول الفلاني أو العلاّني بأن "التوريث" لا يليق بك.
وللتذكير أيضاً لا يمكن اعتبار العقد الاجتماعي -الذي منح الناس بموجبه المسؤولين صلاحيّة إدارة شؤونهم- صكّ ملكيّة يخوّل الحاصل عليه احتكار وظيفته بالحقل العام بعد امتلاكها ومن ثمّ توريثها. الأصل أيّها المسؤول الفطن أنّك موظّف عند الشعب وليس العكس.
المفترض أن كلّ ما ورد أعلاه يمكن وصفه بالمتّفق عليه بين كافّة أهل هذا الكوكب الصغير. لا يوجد مسؤول في أيّة دولة يجرؤ على المجادلة بعكس ذلك، إلاّ إذا كان هذا المسؤول على شاكلة زعيم كوريا الشماليّة مثلا. أمّا الأردن الذي يبذل جهودا حثيثة لترويج أنموذج "الديمقراطيّة" الخاصّ به، لا سيّما لدى الغرب المانح، فهو آخر دولة تحتاج إلى وسم نفسها بسمات كانت معروفة قبل نشوء مفهوم الدولة الحداثيّ.
رغم هذا، تجد بعض المسؤولين من تناسى حقيقة وظيفته، وظنّ أنّه مالك لمنصبه، يتصرّف فيه كيفما يشاء، ليرضى زميله أو صديقه، كأن يورّث نجله منصب كان لأبيه ذات يوم. "حارة كلّ من إيده إله".. جملة تختصر المنطق الذي يستند إليه كثير من الرسميّين في تفكيرهم وقراراتهم.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، دعنا نلقي نظرة خاطفة على الكيفيّة التي تدار بها الأمور وتدوّر عبرها المناصب في إحدى أهمّ الوزارات السياديّة: وزارة الخارجيّة.
الوزير العتيد العابر للحكومات، الخارق لمنظومة التبديلات والتعديلات الوزاريّة، ناصر جودة، يعتقد على ما يبدو أن طول بقائه في منصبه يعني امتلاكه لهذه الوزارة، فتراه يتيح –عن قصد أو حسن نيّة- فرص التوريث لأبناء من كان يوما بالسلطة، وخرج منها بعد إمعانه في الفشل والعجز عن تحقيق متطلّبات منصبه.
بالأمس أعلنت هذه الوزارة العتيدة أسماء المؤهّلين لعقد المرحلة الثانية من الامتحانات المقرّرة لشغل وظيفة ملحق ديبلوماسي، تمعّن جيّداً في هذه الأسماء لتدرك أن نتيجة "الامتحان" محسومة سلفاً، حيث أن عشرين اسما من الأسماء المعلنة هي لأبناء وبنات شخصيّات متنفّذة، بعضها مازال بالسلطة، وبعضها الآخر خرج منها ولكنّه مازال عضواً في نادي تدوير وتوريث المناصب، المغلق على أقليّة استفردت بالمكاسب والمغانم، في وطن بات يدار كما تدار الشركات الخاصّة!!
يمكن القول إن نتيجة هذه "الامتحانات" محسومة سلفاً، فنادي المناصب على ما يبدو مازال مغلقا على أسماء معيّنة، يبقون في مناصبهم إلى أن يشاء القدر، ومن ثمّ يقومون بتوريثها كما كان يجري الأمر خلال حقبة الامبراطوريّات البائدة. الطريف أنّه رغم هذا الواقع، تجد من لايزال يتحدّث عن "سيادة القانون"!!
هل حقّا مازال هناك من يفكّر بمنطق أن "ابن الشيخ شيخ" ؟ كان هذا المنطق سائدا قبل العصور الوسطى، ولكن الأردن دولة تتقن تسويق نفسها –خاصّة من خلال وزارة الخارجيّة- على أنّها دولة قانون حديثة تستند إدارتها إلى مبادئ النزاهة والشفافيّة. غريب كيف يعتقد البعض أن بإمكانه "الضحك على اللحى" عبر "بروباغاندا" الأنموذج الأردني للديمقراطيّة، في ذات الوقت الذي يتورّط فيه بمثل هذه الممارسات. وعودة على ذي بدء، قد يكون من المفيد تذكير كلّ مسؤول في هذا البلد بأن التوريث لا يليق بحملاتكم الدعائيّة.