متر البناء في الألمانية 870 دينارا وفي اليرموك 274
أحمد الحراسيس - يتطلع الأردنيون في كل لحظة لليوم الذي ستدور به عجلة الاصلاح ومحاربة الفساد لتطحن الفاسدين الذين أنهكوا البلاد ونهبوا حقوق العباد. لكن تلك التطلعات والأحلام تصطدم في كل عام بواقع مرير يوقظنا عليه تقرير تتجاوز صفحاته الألف وخمس مائة صفحة، دون أيّ تحرك من قبل الجهات المعنية..
تضع التقارير السنوية الصادرة عن ديوان المحاسبة الإصبع على مواطن الخلل في عمل المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية، وتشير إلى التجاوزات الادارية والمالية التي تقدّر بمئات الملايين اجمالا، لكن العجيب، اننا لا نلمس أثرا على الأرض لكل تلك التقارير، ولا نعلم مصير الملايين التي هدرت ووثقها تقرير الديوان، فلا الحكومة تتحرك ولا مجلس النواب صاحب سلطة بمحاسبة المتجاوزين..
على سبيل المثال لا الحصر، ما أشار إليه تقرير ديوان المحاسبة للعام 2010 حول عطاء انشاء مبنى كلية العلوم الطبيعية التطبيقية في الجامعة الألمانية، التي كان يرأسها في حينه وزير التعليم العالي الحالي، الدكتور لبيب الخضرا.
التقرير أشار بوضوح إلى وجود تجاوزات ومخالفات في عطاء التنفيذ رقم (5/2008) والذي قدّرت قيمته بـ11.390 مليون دينار، فيما تقدر مساحة البناء -حسب ما علمت Jo24- بـ13 ألف متر مربع، أي أن "تنفيذ" المتر المربع الواحد كلّف الجامعة 870 دينار، وهو ما نعتقد أنه ثمن مرتفع في ظل علمنا أن جامعة اليرموك أحالت بعد عدة سنوات عطاء مشابها لكن بسعر بلغ نحو 274 دينارا للمتر المربع الواحد فقط، أي أقل بـ70% من تكلفة عطاء الألمانية!
وبحسب مختصين في قطاع الاسكان والانشاءات لـJo24، فإن نسبة التغير في تكلفة البناء خلال العقد الأخير لا يمكن أن تتجاوز الـ10% معتبرين الحديث عن نسبة تصل 70% مبالغا فيه.
ردّة الفعل الحكومية على ملاحظات ديوان المحاسبة كانت صادمة للغاية، فالخضرا ظلّ رئيسا للجامعة الألمانية لمدة بلغت نحو 7 سنوات، ولم يغادرها إلى أن قرر رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور تسميته وزيرا للتعليم العالي -فيما بدا مكافأة رسمية له-
لا نعلم إن كان النسور لحظة تسمية الخضرا وزيرا يذكر قوله للملك عبدالله الثاني في أحد الأيام: "أنت أمرتني بالحفاظ على المال العام"! فهل بالتكريم والترقيات نحافظ على المال العام؟!
.