من سيتوسّع؟!

جو 24 : في ظلّ التغييرات الكارثيّة التي تنذر بزوال كثير من خرائط المنطقة السياسيّة، برز إلى المشهد السياسي الأردني طرح أرعن، يحاول إقناع الرأي العام بضرورة استغلال فرصة تدمّر وتمزّق أشقّائنا في سوريّة والعراق، لتمدّد المملكة وتوسيع حدودها.

هذا الطرح ليس إلاّ نكتة سمجة، لا تستند إلى أيّ منطق. الأردن يواجه تحديات داخليّة وخارجيّة خطيرة، ولا يمكنه الصمود أمام هذه التحديات بتوسيع رقعة الصراع والتورّط فيه بشكل مباشر، خاصّة في ظلّ إمكانيّات اللدولة الأردنيّة المتواضعة، نتيجة مثل هذه المغامرة محسومة سلفاً.

الدولة الوحيدة التي يمكنها التوسّع وتجاوز حدودها تحتاج لأن تكون دولة عسكريّة بامتياز. دولة مصطنعة تقوم على تهجير أهل الأرض والاستيلاء عليها. دولة لا تحتاج لدمج سكّانها بالثقافات المتنوّعة، بل كيان سرطانيّ يستبدل الناس بآخرين.

لا يخفى على الطامحين بالتوسّع، المحلّقين في عنان الخيال، ما هي الدولة المقصودة هنا. "اسرائيل" هي الكيان الوحيد الذي يمكنه التوسّع وتجاوز حدود الأرض التي استولى عليها. وبالطبع سيحتلّ طموح التمدّد شرق النهر عبر إعادة طرح مشروع الوطن البديل، أعلى سلّم أولويّات هذا الكيان، الذي يصرّ على ما يدعى بـ"يهوديّة الدولة"، مدعوماً من كلّ المنظومة الغربيّة الاستعماريّة.

عوضا عن التشدّق بما لا يتصّل بمنطق، والدعوة لتوسيع حدود المملكة، ينبغي إدراك معطيات الواقع، والتفكير جديّاً بكيفيّة الحيلولة دون تقلّص المملكة، أو تحويلها إلى أرض لاجئين بلا هويّة ولا مستقبل.