العلاقة الطردية بين الحواضر العلمية والنتاج الشعري في مداخلة أدبية
عبر موفد دائرة المعارف الحسينية بلندن الأديب العراقي الدكتور نضير الخزرجي عن قناعته بأهمية العلاقة الطردية بين الحواضر العلمية والنتاجات الأدبية وبخاصة في مجال النظم والشعر.
جاء ذلك في الأمسية الأدبية التي عقدها الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين فرع كربلاء المقدسة في الأول من ايلول سبتمبر 2012م للإحتفاء بالأستاذ الدكتور عبود جودي الحلي بمناسبة صدور ديوانه الجديد (في رحاب كربلاء).
وكانت الأمسية التي قدم لها وأدارها الأديب الشاعر سلام محمد البناي أمين شؤون العلاقات والإعلام قد شهدت تقديم عدد من الشهادات والمداخلات والأسئلة، بدأها الدكتور نضير الخزرجي الباحث الإسلامي في دائرة المعارف الحسينية في لندن الذي حلَّ ضيفا على الإتحاد لأول مرة منذ هجرته القسرية من مسقط رأسه مدينة كربلاء المقدسة عام 1980م، وقد تطرق في مداخلته إلى خصوصية مدينة كربلاء وأهميتها الفكرية والأدبية وبعدها العلمي وأشاد بالشعراء الذين كتبوا عن كربلاء ومنهم الدكتور الحلي، وقال: إن كربلاء تعد حاضنة علمية وأدبية كبيرة عبر تاريخها الطويل، فالمراقد المقدسة من شأنها أن تنشيء حواضن علمية وحضارة علمية، وهي مرتع للأدب للأدباء، ولذلك فليس من المستبعد أن تلد مدينة كربلاء المقدسة شعراء كثّر يحملون الحس الوطني ويكتبون بوطنية عالية ترجمة للنص الشريف "حب الوطن من الإيمان"، ويتناولون قضية النهضة الحسينية بحب وإخلاص.
وأشار الدكتور الخزرجي في مداخلته الى الجانب الأدبي من الموسوعة الحسينية للفقيه المحقق الدكتور محمد صادق الكرباسي، وبخاصة الدواوين الشعرية الخاصة بالنهضة الحسينية التي أثبتت من خلال أسماء ناظمي القصائد الذين تنوعوا في المعتقد والمذهب والقومية واللغة أن القيم التي دافع من أجلها الإمام الحسين(ع) سنة 61 هي قيم إنسانية عامة ينتصر لها المسلم وغير المسلم.
في بدء الأمسية الأدبية تطرق الشاعر الصحفي سلام محمد البناي إلى السيرة الذاتية والإبداعية للدكتور الحلي وقال: يعد الدكتور عبود جودي الحلي من الأسماء الرائدة في مختلف المجالات الثقافة والبحثية فهو إنسان ومفكر واعي ومثقف مجد وشاعر يتعامل مع اللغة بصفاء وبمثالية عالية جعلت منه يحتل مكانة متميزة في الوسط الأدبي الكربلائي والعراقي وأصبحت اللغة العربية الفصحى لدية هي لغته اليومية التي يتعامل بها .. مارس نظم الشعر كهواية عندما تثقل عليه الضغوط الحياتية إلا أنه أصبح رسالة والتزام.
وقال الدكتور الحلي في بداية الأمسية: أن ديواني الشعري (في رحاب كربلاء) تضمن نوعين من القصائد الأول: قصائد نظمت ونشرت في عدد من الصحف المحلية أو ألقيت في المهرجانات الحسينية، والثاني يحتوي على قصائد منبرية منها الفصيح ومنها الملمع ومنها ما كتب باللهجة العامية الدارجة، وقد أنشدها عدد من خدام المنبر الحسيني في الحقبة الماضية، حقبة الدكتاتورية والطائفية. وأضاف الحلي: لقد عمدت إلى توثيق هذه القصائد بذكر تواريخ نظمها وأسماء (الرواديد) من خدام المنبر الحسيني الذين أنشدوها لتكون وثيقة من وثائق جهاد أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام من العراقيين في زمن الخوف والتقية، ونحن لا ننظر الى كربلاء من ناحية كونها بقعة محدودة جغرافيا، وإنما نرى فيها امتدادا يشمل كل بقعة ترفض الظلم ويضحي أبناؤها من اجل الدين ومبادئه الإنسانية لذا فكل ارض كربلاء وكل يوم عاشوراء.
وتضمنت الأمسية محاور عدة وضعها مقدم الأمسية منها محور الأدب العربي في كربلاء المقدسة ومحور الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام والشعر، ومحور الإدارة الجامعية والمحور الخاص ببعض مؤلفاته وكتبه البحثية ومنها كتابه عن الشاعر أبي المحاسن وكتابه الآخر الذي كان عن أبو عمر الشيباني. ثم قرأ المحتفى به عدداً من قصائد الديوان التي تنوعت بين الشعر الملمع والشعر العمودي الفصيح وأيضا قرأ عدداً من القصائد المنبرية.
من جانبه قال القاص والروائي عباس خلف في مداخلته: إن للحلي حضوراً متميزاً على الصعيد الأكاديمي والمعرفي داخل كربلاء وخارجها، وله بصمة واضحة في التاريخ الفكري للمدينة من خلال قصائده وبحوثه العلمية الرصينة.
فيما اعتبر الفنان المخرج المسرحي علي الشيباني أن للدكتور الحلي مساهمات مثيرة في حقول عدة وخاصة في حقل الشعر وهو يعتمد على منهج علمي وأكاديمي، وأضاف: لقد وجدت أن قصائد الديوان ظهرت في فترة حرجة وهذا يحسب للشاعر.
وقال الشاعر الدكتور علي الفتال في مداخلته أنَّ الحلي لم يكن طارئا على الأدب فهو له حضور متميز في أدب كربلاء والأدب الحسيني بصورة خاصة.
وقال الإعلامي والباحث تيسير الاسدي: إن الحلي قد ارشف لفترة عندما كانت الكلمة ممنوعة في هذا البلد وكانت قصائده تصدح على المنابر لتبين أن الأدب الكربلائي كان مشروعا إصلاحيا في عهد الدكتاتورية.
فيما قال الشاعر إسماعيل الوائلي: لقد وجدت الشاعر الحلي عاشقا للأدب الحسيني وقد لاحظت في هذا الديوان شعرا عميقا ولا يصدر إلى من محب لآل البيت عليهم السلام.
الجدير بالذكر أن الشاعر الدكتور عبود جودي الحلي من مواليد مدينة كربلاء المقدسة سنة 1954م، حاصل على البكالوريوس في اللغة العربية من جامعة بغداد، وعلى الماجستير من الجامعة نفسها، ونال الدكتوراه من الجامعة المستنصرية وحاصل على لقب الأستاذية (البروفسور)، وهو عضو اتحاد الادباء والكتاب العراقيين والعرب ويرأس حاليا جامعة اهل البيت عليهم السلام، وقد صدرت له كتب عدة منها: (أبو عمرو الشيباني وجهوده في الرواية الأدبية) عام 1988م و(الأدب العربي في كربلاء منذ إعلان الدستور العثماني إلى ثورة تموز- اتجاهاته وخصائصه الفنية) عام 1995م، و(مصادر رواة الشعر العربي قبل الإسلام وصنّاع الدواوين)، و(الإمام علي والشعر)، و(ملامح من الشعر السياسي في ديوان محمد رضا الشبيبي)، و(الرجز في عصر صدر الإسلام موضوعاته وخصائصه الفنية)، و(دلالة التثنية في سورة الرحمن)، و(الاتجاه السياسي في أدب كربلاء الحديث 1920- 1958)، و(رواية الشعر القديم في كتاب الجيم لأبي عمرو الشيباني)، و(أوراق ضائعة من ديوان محمد حسن أبي المحاسن- نصوص ودراسة)، و(نصوص نثرية لأبي المحاسن الكربلائي- عرض ودراسة) وغيرها.