jo24_banner
jo24_banner

مضلل سياسي

ماهر أبو طير
جو 24 : أغرقنا الإعلام العربي المتلفز بعشرات الأسماء، خبراء في الحروب، محللين سياسيين، والخبراء لم يخوضوا معركة في حياتهم، وكل محلل سياسي، يمكن وصفه بمضلل سياسي، ومشكلة الإعلام العربي، المتلفز والمكتوب، مثل كل الإعلام في الدنيا، يفرض الأولويات والأسماء، ومن يفوز برضا فضائية يصير نجماً من جهة، ونغفو ليلاً على وصفاته ورؤيته للحاضر والمستقبل، وكثيراً ما يتم فرض أسماء غير وازنة، ويتم تغييب أسماء ذات قيمة. الإعلام العربي يبحث عن شخصياته عبر طريقتين، أولهما أن يكون الخبير العسكري أو المحلل السياسي متوافراً عند الطلب، لأن منتج البرامج والأخبار قصير النفس، ويريد تأمين الضيف بأسرع وقت، على طريقة مطاعم الوجبات السريعة. والثانية أن يكون منطوق الضيف مناسباً لسياسة المحطة، ونادرا ما تتم استضافة اسم ما، قد يقول كلاماً مزعجاً أو قد تتعب القناة في تأمين استضافته على الهواء، وهذا يعني أن منسوب التدقيق فيما يقوله هؤلاء يجب أن يكون مرتفعاً إلى حد كبير، فهذا مضلل سياسي بحسب الطلب، ومثلما لهذه القناة خبير عسكري يؤيد التدخل البري العسكري في سوريا، نجد عند قناة أخرى خبيراً يتماشى مع سياستها ويحذر بشدة من التدخل البري العسكري في سوريا. لأمر ليس جديداً، على ثقافتنا، ونراه أيضاً في الإفتاء الديني، وبسهولة يمكن استدراج فتاوى»حسب الطلب» متناقضة حول قضية واحدة، وهذه كارثة بحد ذاتها، تتم تغطيتها بذريعة (الاختلاف رحمة)، فيما هو حقاً شقاق وتناقض وشطر للمرجعية هنا، وفي كل الحالات، لا إعلام بريء تماماً في هذا العالم من أثم الأجندات المسبقة والمواقف المصممة عبر بوصلة سياسية محددة مسبقاً، لكننا أيضاً نقول إن العربي تعب من هذا التذاكي عليه، وبات مرهقاً حد الشك بكل شيء، والظن بكل رأي لم يعد إثماً غياب حرفية. ذات الأمر ربما ينطبق على الإعلام المكتوب، الذي يتبارى اغلب من فيه لطرح اي فكرة دون اي استناد لمعلومات، والأغلب يتم الاستناد الى توجيهات أو إشارات أو ايحاءات، والفرق بين المعلومة والتوجيه فرق كبير جدا، ويستغرق البعض مرات في استدعاء لغته لتأكيد فكرة او رفض فكرة، والقارئ عليه ان يميز حقا بين من يلوذ بمعلومات او تحليل او بتوجيهات، وفي حالات لا يميز الجمهور بين التحليل بدوافع شخصية، او التحليل بدوافع تستند لمعلومات، او التحليل على طريقة مختبرات التحليل للدم وغير ذلك من مشتقات بشرية. ربما الإعلام الأجنبي ينفذ أجنداته بطريقة أذكى، وندر ما يدفع إلى الواجهة شخصية أو أسماء لا تستحق هذه المكانة، لكنه يختار بعناية شخصيات وازنة، ستقول في الأغلب ما تريده تلك القناة أو الصحيفة، ولكن بطريقة لا يمكن الطعن بصدقيتها. خبراء عسكريون لم يخوضوا معركة، ولم يفوزوا حتى بمعاركهم الليلية الشخصية، ومضللون سياسيون يتأبطون الزيف باعتباره عبقرية، وجمهور تعب حد إغماض العينين، عن كل ما يبثه الإعلام العربي. وهذه الإغماضة ليست جائرة بحق الإعلام العربي، بل تتسم بالعدل، وفي ظلالها رسالة، لمن توافر لديه بريد، أساساً، ليتلقى مغزاها! تضليل الجمهور مازال مستمرا بوسائل كثيرة، والمراهنة فقط على الجمهور أن يصحو من مغناطيسية التزييف والتزوير اليومية، لعله يتحرر من الزفات التي يجد نفسه وسطها في حالات كثيرة، فيتشوش بصره جراء كثرة الطبول التي تقرع فوق رأسه لتقنعه انه ليس هو في حالات كثيرة. الدستور
maherabutair@gmail.com
تابعو الأردن 24 على google news