jo24_banner
jo24_banner

«المجلس الأعلى للإصلاح» للتصعيد أم لإعلان البرنامج

طاهر العدوان
جو 24 :

اعلان الحركة الاسلامية عن تشكيل ( المجلس الاعلى للاصلاح) من اعلى الهيئات القيادية في الجماعة وحزبها لم يثر ردود فعل رسمية علنية، لكنه بالتأكيد لم يكن عاديا وهو سيدفع بأصحاب القرار الى التعامل معه باعتباره تحديا جديدا على المستوى الأمني والسياسي، خاصة انه جاء في اطار خطاب إخواني تصعيدي في مناخ من ردود الفعل الغاضبة على قرار رفع أسعار الوقود الذي تم التراجع عنه.

الأوساط السياسية غير الحكومية ترى في هذا الاعلان عودة الاخوان عن الصيغة التشاركية التي كانت قائمة مع قوى اخرى في اطار الجبهة الوطنية للاصلاح بقيادة احمد عبيدات، التي تراجع نشاطها الى حد كبير في الآونة الاخيرة وبان الاخوان يريدون قيادة تحالف جديد مع القوى والحراكات في الشارع التي كان لها الدور الرئيسي في تنظيم الاحتجاجات الاخيرة ضد رفع الأسعار.

غير ان معركة كسب الشارع لم تعد سهلة، لا للإخوان ولا للحكومات، لقد مل الاردنيون ماراثون الاصلاح الطويل فما هو قائم فعلا يشبه لعبة شد الحبل بين الحكومات المتعاقبة وبين المعارضة خاصة الحزبية منها وعلى رأسها الاخوان. فإذا كانت الحكومات السابقة متناقضة في برامجها ومواقفها الاصلاحية فان الغموض في الاهداف الاصلاحية للحركة الاسلامية هو السائد. فالمتابع يحتار في معرفة الأسباب التي دعت الاخوان الى مقاطعة لجنة الحوار الوطني او لماذا كانت غير متحمسة لمشاريع حكومتي البخيت والخصاونة اللتان تبنتا ثلاث أصوات وصوتين للنظام الانتخابي ولا أحد يجزم حتى اليوم ان كان الاخوان سيشاركون في الانتخابات اذا عدل النظام الانتخابي مرة اخرى.

ومثلما تطالب قوى حزبية وسياسية وأعلاميون ومثقفون من الدولة الاعلان عن برنامج إصلاحي توافقي يجمع الرأي العام حوله، فان المؤمل ان يكون المجلس الاعلى للاصلاح الذي اعلنت الجماعة إقامته خطوة نحو وضع برنامج إصلاحي شامل وإعلانه للرأي العام ليعرف الاردنيون الاجوبة الشافية حول كثير من الأسئلة المحيرة والمقلقة عن مواقف الاسلاميين من قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تتعلق بالحريات العامة وأسئلة الهوية وغيرها.

الديموقراطية ليست انتخابات فقط وانما هي بنية متكاملة من الوعي والمفاهيم والأفكار التي تتمحور حول العدالة والحرية والكرامة، محتوى الثقافة الديموقراطية اصبح القضية الاولى المطروحة في العواصم التي تقدم فيها الإسلاميون الى كراسي الحكم بفضل الربيع العربي. والشعوب لم تعد تجري خلف شعارات ( انتخبوني وجربوني ) هي تريد ان تنتخب وهي مفتحة عيونها لتختار البرنامج الذي يقنعها بانه يحمل تغييرا او سيحل مشاكلها الاقتصادية والمعيشية.

التصعيد في الشارع بالإثارة واستغلال ردود الفعل الشعبية على القرارات الحكومية الخاطئة لا نتائج له الا إطالة حالة عدم الاستقرار في البلاد وتعميق الهوة بين الدولة والمعارضة وكلا الأمرين ليس في صالح الاصلاح ولا في صالح بلد يعاني من ازمة مالية تتطور بمتوالية هندسية. لقد فرض الربيع الاردني واقعا متناميا من حرية التعبير والتظاهر السلمي وهو إنجاز ديموقراطي كبير، وحان الوقت لكي تستغل المعارضة وفي مقدمتها الإسلاميون هذا الواقع من اجل اعلان برنامج اصلاحي يجيب على كل الأسئلة ويحدد النظام الانتخابي الذي يريدون لخلق حالة من الحوار حوله. ولأن الاسلاميين قرروا ان يتصدوا لقيادة الاصلاح عليهم ان يؤمنوا بان الديموقراطية لا تعني فرض الشروط على الاخرين.

نأمل ان تكون اهداف المجلس الاعلى للاصلاح استغلال حرية التعبير والتظاهر والتجمع لبيان مشاريعهم وبرامجهم الاصلاحية في مواجهة ما هو مطروح من سياسات رسمية لكسب الرأي العام اولا وليس لإثارة شارع ثبت ان من يقومه ويقعده هي قرارات الحكومات الخاطئة وليس الدفاع عن حزب او تأييدا لأشخاص.


(الرأي)

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير