أين المخرج؟
محمد أبو رمان
جو 24 : بدا المشهد السياسي في البلاد أمس كأنّه "كرة نارية" ملتهبة؛ اعتقالات لناشطين وسياسيين في الطفيلة وحيّ الطفايلة، بعد أن تجاوزت بعض اليافطات غير المقبولة ما يمكن أن يحتمله "مطبخ القرار"، ثم انفجار احتجاجات شديدة من مئات النشطاء على الاعتقالات، وكان يجري الإعداد من قبل "الحراكات" لـ"ليلة ساخنة"، وبدأنا نسمع ردود فعل نارية من أطراف معارضة أخرى!
في الأثناء كان مؤيدون وأقارب لرئيس الوزراء الأسبق العين عبد الرؤوف الروابدة، يحشدون لمنع أي اعتصام يقوم به ناشطون مساء أمس على باب منزله، بعد أن بدأت الفعاليات عند بيت عماد فاخوري، مدير مكتب الملك، قبل أن يجتمع أبناء عشيرة الفاخوري، ويتوعدوا من يحاول الإساءة لابنهم.
من جهتها، تعدّ الجبهة الوطنية للإصلاح لملتقى كبير ضمن برنامج رفض إجراء الانتخابات وفق القانون الحالي، وبدأنا نسمع ونقرأ لشخصيات سياسية معارضة من الوزن الثقيل عادت للظهور مرّة أخرى، بما يؤذن أنّنا أمام تصعيد كبير متبادل، كل ذلك في ظل ما يفترض أنّه استعداد من الدولة لإجراء الانتخابات النيابية التي تقاطعها المعارضة والقوى الحراكية الجديدة، في ظل أجواء شعبية محتقنة وقلقة!
الجملة التي يمكن أن تختزل كل ذلك هي أنّ الفرضيات الرسمية، التي بشّرت بنهاية الحراك في العام 2012، وساهمت في استدارة الدولة وعودتها إلى الحرس القديم والتيار المحافظ، ضلّلت الدولة ودفعتها إلى رهانات خاطئة، فمن الواضح أنّ هنالك عودة كبيرة للحراك الشعبي والسياسي، بل انبثاق لصورة جديدة منه أكثر راديكالية وتشدّداً في الهتافات والسقوف والمطالب، تتجاوز خطاب قوى المعارضة التقليدية وسقوفها المعتمدة!
ما حدث يؤكّد بصورة واضحة وجليّة ما أسماه خبراء ومثقفون من ألوان الطيف السياسي، بـ"انسداد أفق سياسي"، في حال لم يتم التوصل إلى قانون انتخاب توافقي، تجرى عليه الانتخابات النيابية القادمة.
الخلاصة المهمة من تطورات الأسبوع الماضي؛ لا تحتاج إلى قراءة مستبصرة، بل إلى أعين ليس فيها رمد، فالعودة إلى مقاربة التيار المحافظ والحرس القديم ليست وصفة للحل، بل لتجذير الأزمة السياسية والمأزق الراهن، والدفع بالبلاد إلى مرحلة خطرة وحسّاسة، نحن موضوعياً وسياسياً في غنى عنها.
ومن الجيّد أنّ الفرضيات التي جاءت بحكومة الطراونة انهارت قبل أن نتورط أكثر في مسار سياسي مغلق، يصعب الرجوع عنه، فالعبرة لا ترتبط بقياس حجم الحراك إنما بقراءة عميقة للظروف والشروط الموضوعية التي تحتّم المضي في مرحلة مختلفة تماماً عن الرؤية التقليدية المهيمنة.
في نهاية اليوم المطلوب توافق عقلاني واقعي بين التيار الإصلاحي داخل الدولة وفي المعارضة، وإلاّ فإنّ البديل هو صعود الخطابات اليمينية المتبادلة، وانزلاق نحو لغة راديكالية عدمية، بعد أن أغلقت الأبواب أمام الخطاب الذي يلتزم بالخط المعتدل والعقلاني، ويلتزم – أيضاً- بحماية الاستقرار السياسي والاعتراف بالثوابت التي توافقت عليها القوى السياسية المختلفة.
دعونا نفكّر بالعودة إلى جادّة الصواب، حكومة ومعارضة وحراكات، ونعترف مرّة أخرى أنّه لا بديل أمامنا سوى الحوار الهادف، والتفاهم والتوافق، بعد أن أثبتت حكومة الطراونة عملياً أنّ الرهانات المحافظة والتقليدية فاشلة وعقيمة، وختم على هذه النتيجة استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية الأخير، إذ كان بمثابة استفتاء على هذا المسار.
الطريق الآمن الذي يجيب عن هواجس المواطنين وطموحاتهم ليس لذوي الأجندات المتطرفة من الطرف الرسمي أو المعارض أو في الحراك، بل هو للصوت العقلاني الوطني الواقعي، والغالبية العامة من الشعب تريد إصلاحاً حقيقياً يمنحها الطمأنينة بأنّنا نسير نحو الأفضل لا الأسوأ!"الغد"
في الأثناء كان مؤيدون وأقارب لرئيس الوزراء الأسبق العين عبد الرؤوف الروابدة، يحشدون لمنع أي اعتصام يقوم به ناشطون مساء أمس على باب منزله، بعد أن بدأت الفعاليات عند بيت عماد فاخوري، مدير مكتب الملك، قبل أن يجتمع أبناء عشيرة الفاخوري، ويتوعدوا من يحاول الإساءة لابنهم.
من جهتها، تعدّ الجبهة الوطنية للإصلاح لملتقى كبير ضمن برنامج رفض إجراء الانتخابات وفق القانون الحالي، وبدأنا نسمع ونقرأ لشخصيات سياسية معارضة من الوزن الثقيل عادت للظهور مرّة أخرى، بما يؤذن أنّنا أمام تصعيد كبير متبادل، كل ذلك في ظل ما يفترض أنّه استعداد من الدولة لإجراء الانتخابات النيابية التي تقاطعها المعارضة والقوى الحراكية الجديدة، في ظل أجواء شعبية محتقنة وقلقة!
الجملة التي يمكن أن تختزل كل ذلك هي أنّ الفرضيات الرسمية، التي بشّرت بنهاية الحراك في العام 2012، وساهمت في استدارة الدولة وعودتها إلى الحرس القديم والتيار المحافظ، ضلّلت الدولة ودفعتها إلى رهانات خاطئة، فمن الواضح أنّ هنالك عودة كبيرة للحراك الشعبي والسياسي، بل انبثاق لصورة جديدة منه أكثر راديكالية وتشدّداً في الهتافات والسقوف والمطالب، تتجاوز خطاب قوى المعارضة التقليدية وسقوفها المعتمدة!
ما حدث يؤكّد بصورة واضحة وجليّة ما أسماه خبراء ومثقفون من ألوان الطيف السياسي، بـ"انسداد أفق سياسي"، في حال لم يتم التوصل إلى قانون انتخاب توافقي، تجرى عليه الانتخابات النيابية القادمة.
الخلاصة المهمة من تطورات الأسبوع الماضي؛ لا تحتاج إلى قراءة مستبصرة، بل إلى أعين ليس فيها رمد، فالعودة إلى مقاربة التيار المحافظ والحرس القديم ليست وصفة للحل، بل لتجذير الأزمة السياسية والمأزق الراهن، والدفع بالبلاد إلى مرحلة خطرة وحسّاسة، نحن موضوعياً وسياسياً في غنى عنها.
ومن الجيّد أنّ الفرضيات التي جاءت بحكومة الطراونة انهارت قبل أن نتورط أكثر في مسار سياسي مغلق، يصعب الرجوع عنه، فالعبرة لا ترتبط بقياس حجم الحراك إنما بقراءة عميقة للظروف والشروط الموضوعية التي تحتّم المضي في مرحلة مختلفة تماماً عن الرؤية التقليدية المهيمنة.
في نهاية اليوم المطلوب توافق عقلاني واقعي بين التيار الإصلاحي داخل الدولة وفي المعارضة، وإلاّ فإنّ البديل هو صعود الخطابات اليمينية المتبادلة، وانزلاق نحو لغة راديكالية عدمية، بعد أن أغلقت الأبواب أمام الخطاب الذي يلتزم بالخط المعتدل والعقلاني، ويلتزم – أيضاً- بحماية الاستقرار السياسي والاعتراف بالثوابت التي توافقت عليها القوى السياسية المختلفة.
دعونا نفكّر بالعودة إلى جادّة الصواب، حكومة ومعارضة وحراكات، ونعترف مرّة أخرى أنّه لا بديل أمامنا سوى الحوار الهادف، والتفاهم والتوافق، بعد أن أثبتت حكومة الطراونة عملياً أنّ الرهانات المحافظة والتقليدية فاشلة وعقيمة، وختم على هذه النتيجة استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية الأخير، إذ كان بمثابة استفتاء على هذا المسار.
الطريق الآمن الذي يجيب عن هواجس المواطنين وطموحاتهم ليس لذوي الأجندات المتطرفة من الطرف الرسمي أو المعارض أو في الحراك، بل هو للصوت العقلاني الوطني الواقعي، والغالبية العامة من الشعب تريد إصلاحاً حقيقياً يمنحها الطمأنينة بأنّنا نسير نحو الأفضل لا الأسوأ!"الغد"