jo24_banner
jo24_banner

مليار دولار فقط !

ماهر أبو طير
جو 24 : غرقت امانة عمان الكبرى في الديون التي وصلت الى قرابة مليار دولار،وهو دين فلكي لم نحلم به يوما من الايام،وفوق هذا الدين،مدينة تفتقد الى النظافة والخدمات،وشوارع مكتظة،ومناهل مياه مغلقة،وتراجع على كل المستويات.

نموذج امانة عمان نموذج يتشابه مع مؤسسات اخرى كثيرة،اذ ان اغلب المؤسسات بدأت بقوة لكنها سرعان ماتراجعت تدريجيا تحت وطأة الديون التي تسببت بها ادارات مختلفة،لانها تعاملت معها باعتبارها تكايا خيرية،وقامت بتشغيل الالاف فوق ما تحتمل،وتورطت في عطاءات ومشاريع خاسرة،وتسببت بخسائر اضافية،وما ينطبق على امانة عمان،ينطبق على بقية البلديات والجامعات،واغلب المؤسسات.

الذي يتأمل الرواتب المرتفعة في امانة عمان نموذجا وعبر الادارات المتتالية يعرف ان هذه الرواتب لا يوجد مثلها في بلديات عواصم كبرى،لان المال العام هناك عليه رقابة،ولان هذه المؤسسات لم تتحول عن مهمتها الاساسية نحو التشغيل الخيري وترضية النافذين،وتمرير الوساطات،وهذا يقول من جهة ثانية ان الجميع ساهموا بالخراب الاقتصادي الذي نواجهه اليوم،فقد اديرت اغلبت مؤسساتنا بروحية تقوم على نهش المال العام.

مقابل الدين الفلكي للامانة،وتورطها في سوء الادارة المتتالي عبر الادارات،فان لا حل لهذه المؤسسات سوى احد اثنين اما الانهيار الكامل،واما السعي لسياسة الجباية المتواصلة من الناس،والاغلب ان كل سياسات الجباية التي نراها لن تقدم حلا جذريا لانقاذ هذه المؤسسات،خصوصا،ان الامانة ايضا تطالب المواطنين بمئات الملايين من الدنانير،فلا المواطن يدفع،ولا الامانة تتقي الله في احوالها فتواصل التعيين والتنفيع وكأن الدنيا بخير من الله.

اقترابا من هذا الموضوع نتأمل حال الجامعات الاردنية التي تجاوزت ديونها مائة مليون دينار واكثر،ورؤوساء الجامعات يقولون ان رسوم الطلبة منخفضة،ولايحدثونك عن سياسات هدر المال العام في تعيينات بالآلاف كما في الجامعة الاردنية،وبناء مبان ٍ فخمة عبر الاقتراض،وهي مبان ٍ لاعلاقة لها بمستوى التعليم،وصولا الى الامتيازات وماينفقه النافذون على سياراتهم ومكاتبهم.

هي ذات المشكلة في كل مكان،اذ ان سياسة الاستقلالية المالية كما في نموذج امانة عمان ونموذج الجامعات اثبتت ان كل من يتسلم سلطة لايوفر قرشا،بل تحت عنوان الاستقلالية يدير المؤسسة العامة باعتبارها مزرعة شخصية،لايخرج منها الا بعد ان يضمن انه حطمها لعشرين عاما مقبلا،وهذا يقول ان على الجهات الرسمية والرقابية ان تتخلى عن مبدأ الاستقلالية لهذه المؤسسات لثبوت فشله،وان تعود الى سياسة مالية مركزية،بدلا من هذا الفلتان العام.

الخراب لم يترك مؤسسة الا ودخلها،ومازالت مؤسسات كثيرة تدار بعقلية الزعيم الاوحد،الذي يفعل مايحلو له،بدلا من رد هذه المؤسسات الى عصمة الرشد واعادتها الى عنوانها الوظيفي الاساس،تحت عين الرقابة،التي اصيبت بالرمد طوال العام،لا في الربيع فقط."الدستور"
تابعو الأردن 24 على google news