الخطوط الحمراء بأيد سوداء
منذ بدء الحراكات الشعبية الأردنية المطالبة بالإصلاح قبل نحو عامين، مارست الحكومات المتعاقبة سياسات الإقصاء والتهميش، وعدم التعامل بجدية مع المطالب العادلة لأبناء المجتمع الأردني الوفي.
فالحراك الشعبي الأردني حراك جاد ومخلص ولا هدف له إلا خير الأردن والأردنيين. والمتابع لبداية الحراك لاحظ وبما لا يدع مجالا للشك مشروعية المطالب وسقفها من دون أن يكون هناك مساسا بالنظام أو حتى التعريض به من قريب وبعيد. لكن سياسة المماطلة وإدارة الظهر المقصودة والممنهجة –التي مارستها الحكومات المتعاقبة - لهذه المطالب جعلت الكثير من الناس يعتقد بموافقة النظام على هذه الممارسات العقيمة، مما جعل سقف مطالب الحراك الشعبي يرتفع حتى يسمعه القاصي والداني. فهناك خطوط حمراء لكل البشر وكل المخلوقات، وخطوط حمراء لكرامة الوطن والمواطن، وللقمة العيش، وأن عدم الالتفات لها فيه انتهاك كبير وتجاوز للخطوط الحمراء للشعب الأردني الحر. فتهمة تجاوز الخطوط الحمراء -والتي بدأت الحكومات الأردنية باعتقال بعض الناشطين والمشاركين في الحراكات الشعبية -تهمة ينبغي أن تحاسب الحكومات المتعاقبة عليها لأنها دمرت الخطوط الحمراء لكرامة الوطن والمواطن عن سبق إصرار وترصد. والحكومات الأردنية المتعاقبة هي المسئولة عن تجاوز الخطوط الحمراء التي تنال من النظام ،والحكومات الأردنية ينبغي أن تقدم للمحاكمة بتهمة تجاوز الخطوط الحمراء بدلا من المواطن الحر الذي انتهكت خطوطه الحمراء مئات المرات قبل أن نسمع له همسا. والحكومات المتعاقبة هي التي عزلت النظام عن أبناء الشعب الأردني الوفي، وتحاول أن تغير العلاقة من وئام إلى صدام. فالنظام مطالب بالخروج من دائرة تشكيل الحكومات الضيقة ،والتي لا تخرج عن دائرة رؤساء الوزارات السابقين وأقربائهم ونسبائهم وبعض العائلات التي تاجرت بدم وكرامة المواطن الأردني سنين طويلة.ومطالب أيضا بأن يخرج من عزلته إلى دائرة الشعب الأردني الواسعة والمفتوحة ، والتي تشكل السند والوجه الحقيقي للأردن والأردنيين ،وان يستمع إلى الأصوات الحقيقية للشارع الأردني، بدلا من الاستماع إلى أصوات المصالح الخاصة والضيقة.
وتعتبر المرحلة القريبة القادمة حرجة جدا للخروج من الأزمة وعلى النظام أن يصغي جيدا لأصوات الغيورين والمخلصين لهذا الوطن ، وان يحسن أيضا التعامل معها ،ويقصي كل من كان سببا في تجاوز الخطوط الحمراء للمواطن ، وأقام أسوارا سوداء بين النظام والشعب؛ لوأد بوادر الفتنة التي قد تتجاوز كل الخطوط لا قدر الله.