حروب الفساد
اعلنت الحرب على الفساد في الوطن العربي والاردن منذ مدة بعيدة، مذ كان الفساد مضغة او ربما علقة، لا تحس بحملها اكثر الشعوب خبرة وفطنة وتطورا، فيكانه كان حملا خفيفا تحمله شعوب سمينة مكتنزة اللحم والشحم. واليوم وبعد كل تلك السنين، وبعد كل تلك الاموال المهدورة، والاوطان المتهالكة، لا زالت تلك الحرب تسكن قلوب المخلصين الصادقين والفاسدين المفسدين على حد سواء.، كل يديرها على طاحونه كيف يشاء.
المخلصون الصادقون -وهم كثر – اعياهم الفساد، ويقظ مضاجعهم في كل يوم وليلة مرات ومرات، من غير ان يكون لهم حول ولا قوة لفترة زمنية طويلة، استقوت الدولة بصالحها وطالحها على الوطن والمواطن، واحكمت قبضتها الامنية، وعاثت فسادا عريضا، فصمد البعض رغم كل اصناف العذاب التي تعرضوا لها، واستميل البعض بموقع هنا او كرسي هناك. اما الفاسدون، فما ارعووا يفسدوا ويفسدوا ، يتضخمون ويسمنون، وينتشرون كالسرطان بالجسد الهزيل، لا بل يزعمون انهم يصنعون اكسير الحياة وترياقها شفاء للوطن والمواطن وهم السم الزعاف.
المريض وكما تقول الدراسات يتشبث بالحياة اكثر، ويصدق كل ما قد يسمعه من الطبيب او الممرض لا بل الزائر، ان قالوا انه سيتعافى قريبا، حتى وان كان يمضي للموت، فطالت حربنا مع الفساد وما ازددنا الا فسادا وهزالا ووهنا واقترابا من النهاية المأساوية.
هكذا- قاتلهم الله- يقتلوننا في كل ساعة، وهم يزعمون انه الدواء من كل داء. فمرة برنامج للتحول الاقتصادي، ومرة لتعميق الولاء للوطن، ومرة للارتقاء بالشباب الضائع، ومرة لتمكين المرأة، ومرة للديمقراطية ومرة للانتخابات النزيهة، ومرة لإصلاح التعليم وهكذا.
لن يعدموا المبادرات والشعارات الرنانة الزائفة الكاذبة، ولن يعدموا الحيلة ليعموا ابصار كثير من الناس مستغلين حاجاتهم وضعفهم، ولن يعدم العليل الامل.
انها الحرب التي ينشط معها اناس لا هم لهم الا الافادة منها بشتى الوسائل والسبل، واطالة امدها الى اقصى مدة ممكنة ليحققوا اكبر قدر من المنافع وليكثروا من الفوضى، لتبقى لهم الكلمة واليد العليا.
ضاعت هيبة الدولة فقالوا ديمقراطية وتسامحا، وحلقت الاسعار عاليا فقالوا جرأة في القرارات ودرء لمصيبة اكبر، ويذبح الوطن والمواطن فقالوا الانسان اغلى ما نملك والأردن اولا. يزورون الانتخابات فتكون عرسا، ويورثون المناصب فتكون كفاءة واقتدرا، وكبرت كروشهم فقالوا وجاهة.
انهم تجار الحرب، انهم اناس لا خلاق لهم، لا يرقبون في الاردنيين الا ولا ذمة، لا هم لهم الا جمع الاموال وتقاسم خيرات الوطن، وتقسيم المقسم واضعاف المواطن وقتل الهمة والعزيمة والاخلاص فيه، قاتلهم الله انى يؤفكون.
اين وصلنا في حربنا على الفساد؟ هل نحارب الفساد ام نكافئه ونزيده؟ الارقام والواقع يقول اننا مذ اعلنا الحرب على الفساد زدنا فسادا وافسادا!
حمى الله الاردن ووفق المخلصين وسدد على طريق الخير خطاهم