jo24_banner
jo24_banner

المرجلة في قتل الدبلوماسيين!!!

ماهر أبو طير
جو 24 :

لو دفع كل مسلم دولاراً واحداً لانتاج فيلم عن الرسول صلى الله عليه وسلم، لكان خيراً من كل هذا الزعيق امام السفارات الامريكية والغربية، لان المقطع السينمائي الذي اثار هذا الغضب، يريد ان يقول ان المسلمين عنيفون ودمويون، وقد اثبتنا ذلك من بنغازي الى صنعاء.

الرسول اعظم قدراً من التأثر بهكذا قصص، وهذه امة ليست مصابة بالهشاشة الى الدرجة التي يهزها مقطع على «يوتيوب»، ولعل جهات كثيرة اختبرت صلابة المسلمين، والقدرة على هز بنيانهم عبر أربع عشرة دقيقة، هي مدة مقطع تافه لا قيمة له.

ذهبنا الى اكثر من ذلك، فرد الفعل اشهر الفلم، وعمّم الاساءة، والذي لم يعرف عن الفيلم بات يعرف، وهكذا قدمنا خدمة عظيمة للمنتج والمؤلف والمخرج، بحيث ساعدنا في الاساءة لرسول الله، وعمّمنا الاساءات التي لا يحتملها انسان.

ثم لا تعرف ما علاقة الولايات المتحدة بكل القصة، فمن خلف القصة حصرياً، عربي قبطي مصري، يعيش في الولايات المتحدة، والقصة يراد منها اخذ مصر الى مذبحة دينية تؤدي الى شطر مصر، وهذا سيناريو سيىء للغاية؟!.

بعد تفجيرات الابراج في ايلول 2001 كنا نلوم الغرب على اضطهاد المسلمين لان نفرا من المسلمين قام بالعملية. نحن نعيد ذات السيناريو. ولان الفيلم تم انتاجه في امريكا، فكل امريكي بات مهدور الدم، وكل غربي حلال ذبحه، متناسين ملايين المسلمين الذين يعيشون في الغرب هم واطفالهم، ومتعامين عن الضرر الذي قد يقع ضدهم من باب رد الفعل، خصوصا، بعد ماجرى في بنغازي.

لم يعجبني التجمهر قرب السفارة الامريكية في عمان، ولا التهديد باطلاق الرصاص، ولا توعد الدبلوماسيين، ولا التلويح بحرق السفارة، وغداً قد يأتي فاعل مجهول ويرتكب مصيبة ويرميها على ظهر الاردن.

ماذا لو ارسلت اي جهة قاتلا مأجوراً وقتل سائحا امريكياً في عمان، او دبلوماسياً، تحت عنوان نصرة النبي عليه الصلاة والسلام، وللتسبب بمشكلة كبرى بين الاردن والولايات المتحدة، والساخطون امام سفارة واشنطن في عمان، جهزّوا الارضية لذلك بتهديداتهم؟!.

لو تداعى العقلاء، الى جمع موازنة لانتاج فيلم وثائقي عن الرسول صلى الله عليه وسلم، لكان افضل بكثير، من هذا الزعيق امام السفارات، وهو زعيق لا ينفع ابدا، وكان الاولى ان يتداعى الجميع لنصرة الرسول عبر شكل منتج ودائم، وهي دعوة مفتوحة للمال العربي والمسلم لان يثبت صدق غضبته بتمويل عمل من هذا القبيل.

علينا ان نلاحظ ان كثرة في العالم العربي، لم تعد تعتبر الغوغائية في رد الفعل دليلا على محبة الرسول او الدين، فالرسول ذاته اخفض السيف عن اهل مكة حين فتحها، والرسول عليه الصلاة والسلام ذاته، جاء متمما لمكارم الاخلاق، فكيف يصح قتل المستأمنين من الدبلوماسيين والسياح وغيرهم، وسحب خطأ لشخص واحد، على شعب دولة بأكملها.

اين المرجلة في قتل دبلوماسيين امريكيين في ليبيا، او حرق سيارات سفارة امريكية، او حرق مدرسة امريكية في تونس، او مهاجمة مطعم امريكي، ولماذا يأخذنا الغضب غير المدروس الى تأكيد الاساءات في الفيلم، بأننا دمويون نقتل ونشرب دم من امامنا؟!.

الاساءات يتحملها صاحبها فقط، ويا ليتنا ذهبنا لانتاج فيلم ينصف الرسول، او قاضينا منتج الفيلم، او مولنا كتاباً بالانجليزية يروي قصة الرسول العظيم، او عبرنا بهدوء ورقي وحضارة عن موقفنا، لدينا، بدلا من هذه الطريقة التي قدمت المسلمين، وكأنهم قتلة ومجرمون، يحرقون ويقتلون ويتقافزون على الاعلام المحروقة امام السفارات.

تغضبون من اجل الفلم، فيما خيانة الرسول عليه الصلاة والسلام في عالم العرب والمسلمين تجري عشرات الاف المرات يوميا، بكل هذه المفاسد التي نرتكبها في حياتنا، عبر مخالفة رسالته، فنتعامى عنها نفاقاً، ولا نتذكر الرسول الا اذا كانت القصة واردة من امريكا!.


(الدستور)

تابعو الأردن 24 على google news