الأردن التحدي
بالإضافة إلى الفقر وشح الموارد ، يملك الأردن رصيداً من الوعي والقدرة على التكيف وعلى الأبداع ، ما جعله منيعاً على السقوط والقسمة والدمار ، ففي أحلك الظروف صعوبة وإنحداراً ، من عام 1957 إلى عام 1967 ، إلى الأحداث الدامية 70- 1971 ، إلى كوارث الخليج العربي المتلاحقة وحروبها المدمرة التي أدت إلى إحتلال العراق وتقسيمه وإنعكست علينا بالمصاعب والمطاردة وفقدان الروافع الداعمة لنا ، إلى الربيع العربي الواقف على رأسه لا على رجليه ، بسبب التدخلات الأجنبية حيث تتحكم بمساراته ولوي عنق نتائجه لمصلحة حركة سياسية واحدة عابرة للحدود هي حركة الأخوان المسلمين التي كانت حليف للسياسات الأميركية طوال الحرب الباردة 1950 – 1990 ، وجددت تفاهماتها اليوم مع واشنطن على مجمل الوضع والأولويات في المنطقة بإستثناء فلسطين ، ولذلك ربحت السباق في العديد من العواصم العربية والباقية على الطريق .
وفوق هذا وذاك من المخاطر والتحديات ، يقف المشروع الأستعماري التوسعي الأسرائيلي على حدودنا ، مؤذياً مصالحنا الوطنية والقومية والدينية والأنسانية مدركاً حالة الطمأنينة التي نفتقدها بسبب توسعاته من عام 1948 ، إلى إحتلاله للضفة الفلسطينية التي كانت جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية حتى عام 1967 ، إلى القدس وهي ما زالت في الحاضنة الأردنية والهاشمية ، حيث يجري تهويدها وأسرلتها وصهينتها ، وتغيير معالمها وطمس ماضيها وتراثها الأسلامي المسيحي ، ومزيفاً هويتها العربية الفلسطينية مما يجعلنا في عين العاصفة لما نتحمله من مسؤوليات وطنية وقومية ودينية نحو القدس بتراثها الأسلامي والمسيحي معاً .
لدينا شح الموارد ، نعم ، ولدينا حالة إفقار ، نعم ، ولكن لدينا ما نتباهى به ، وهو قدرة الأردني على الصمود والمواجهة وإبتداع الأساليب المدنية السلمية والوسائل الحضارية لمواجهة التحديات ، بل والأنتصار عليها ما أمكن .
دققوا في المواقف المعلنة لجلالة الملك ، من فلسطين والقدس ورفض الأحتلال ، من التعامل مع المأزق السوري والتمسك بالحل القائم على الأنتقال السياسي السلمي ضمن القانون الدولي ، إلى التعامل مع الأخوان المسلمين والتغيير الديمقراطي التدريجي .
دققوا في المواقف المعلنة لجلالة الملك :
- من فلسطين والقدس ورفض الأحتلال وعدم تعيين سفير أردني في تل أبيب .
- إلى سوريا : " يجب أن نجد صيغة لعملية إنتقال سياسية للسلطة من شأنها أن تجعل جميع مكونات المجتمع السوري ، بمن فيهم العلويون ، أن يشعروا أن لهم نصيباً ودوراً في مستقبل البلاد " و " إن الدور المستقبلي لأي شخصية سياسية يقرره الشعب السوري وحده ".
- وفي كيفية التعامل مع حركة الأخوان المسلمين يقول : " إنني أقول للإخوان المسلمين أنهم يسيئون تقدير حساباتهم بشكل كبير . نحن ندرك أن قانون الأنتخاب الحالي ليس مثالياً " و" إن كنتم تريدون تغيير الأردن نحو الأفضل ، فهناك وسيلة وفرصة ، أما الوسيلة فهي من خلال البرلمان ، وأما الفرصة فتأتي عبر الأنتخابات " و " أقول للإخوان المسلمين : هناك خيار أمامكم ، إما أن تبقوا في الشارع أو تساهموا في بناء أردن ديمقراطي جديد " .
ألا نتشارك بالأنحياز لهذا الوضوح ؟؟ .
h.faraneh@yahoo.com