jo24_banner
jo24_banner

قانون الانتخاب المقترح

حمادة فراعنة
جو 24 : قد يكون مشروع قانون الانتخابات النيابية المقترح ، ذات إجراءات أيسر، ولكنه في سياق تجارب الانتخابات التي جرت منذ عام 1989 ، جرت وفق قوانين مؤقتة أو متقلبة وغير ثابتة تحتكم للتجريب أكثر من امتلاكها للإستقرار والثبات والتطور كما ينبغي.

ولذلك نحكم على قانون الانتخاب ، أي قانون وفق مفهومين :
أولهما : هل يؤدي بشكل تدريجي إلى دولة تسودها القوانين المدنية الديمقراطية ، وليس التقسيمية والتمييزية بين المواطنين ؟؟ .
وثانيهما : هل يؤدي إلى نجاح الخطوات نحو حكومات برلمانية حزبية ؟؟ وهذه المفاهيم تتقاطع اهتماماتها بين طرفين هما رأس الدولة جلالة الملك سواء في أوراقه النقاشية أو في خطاباته الأفتتاحية لدورات مجلس النواب ، مثلما يتفق معه وبنفس المضامين الأصلاحية التي ينادي بها ويعمل لأجلها الطرف الثاني وهم القوى العصرية والديمقراطية والمعتدلة لدى الأردنيين وفي طليعتها الأحزاب القومية واليسارية وبعضاً من الأحزاب الوسطية التي تتحلى قياداتها بالحس التقدمي والنفس الديمقراطي وتسير بوعي نحو أهمية شيوع قيم المواطنة الدستورية بعيداً عن الجهوية والتعصب والأنغلاق ، وهؤلاء جميعاً في مواجهة قوى الشد العكسي المحافظة التي ما زالت ممسكة بمواقع النفوذ ومؤسسات صنع القرار ، والمشكلة أن معهم قوى حليفة متطرفة غارقة في ماضويتها ترفض العصرنة والتقدم وتعمل على عرقلة السير إلى الأمام .
مشروع قانون الأنتخاب الجديد ، قد يكون خطوة إيجابية متقدمة إلى الأمام ، ولكنه يحمل خطوات تراجعية إلى الوراء مقارنة مع قانون القائمة الوطنية ، لأنها وحدها التي توحد بين الأردنيين في مسألتي الترشيح والأنتخاب ، فالقوائم الوطنية تميزت على أنها مثلت في تشكيل كل واحدة منها القطاع الأوسع من الأردنيين ، وجذبت من المصوتين للقائمة الواحدة من كافة صناديق الأقتراع ، ومن كل المحافظات ، ومن جميع المكونات الأردنية ، ولهذا نجحت قائمة التحالف بين عاطف الطراونة وخميس عطية ، وقائمة رولا الحروب مع منير زوايدة ، وقائمة فيصل الأعور مع محمد الأنطاكي ، وفرضت على قائمة الأحزاب اليسارية والقومية أن تكون في إئتلاف موحد ، وحصلت قائمة حازم قشوع ومعه رايق كامل على أصوات بدوية ومسيحية ومن مواقع الريف ، وحصول عبد الهادي المجالي على أصوات معتبرة من مخيم البقعة ، وهكذا أفلحت القوائم الوطنية أن تضع المدماك الأنتخابي الوحدوي الأول لوحدة الأردنيين في صناديق الأقتراع ترشيحاً بقائمة واحدة وتصويتاً من المسلمين والمسيحيين والدروز ومن العرب والشركس والشيشان والأكراد لصالح قائمة واحدة ، وهذا هو ما كان مطلوباً في البند الأول لأهمية القائمة الوطنية ، ولكن أن تخفق القائمة الوطنية في الحصول على مقاعد كافية كي تكون هي القاعدة لتشكيل حكومات حزبية برلمانية ، فهذا يعود لضعف الأحزاب ولعدم قدرتها لأسباب خارجة عن إرادتها ، ومع ذلك كانت تجربة إيجابية أولى دللت على إمكانية الشراكة والتفاهم والضرورة بين الأردنيين ولصالح كل الأردنيين وعلى أساس المواطنة والبرنامج المشترك الذي يوحد مكونات الأردنيين وتوجهاتهم بصيغ إئتلافية مروراً من البرلمان ونحو الحكومات البرلمانية الحزبية .
ثمة ملاحظات أو اخفاقات تم تسجيلها على القائمة الوطنية ، ولما لا ؟؟ إذا كان يمكن تلافيها وتصحيحها إن وجدت والدفع باتجاه انجاح التجربة لو كانت مؤسسات صنع القرار حريصة على الحفاظ على تجربة القوائم الوطنية والعمل على تطويرها وصولاً إلى الدولة المدنية الديمقراطية وأساسها المواطنة العادلة المتساوية المتكافئة ، ووصولاً إلى الحكومات البرلمانية الحزبية المنشودة المسنودة بالأغلبية النيابية .
مشروع قانون الانتخاب يُعيدنا إلى الحفاظ على الجهوية في المحافظات ، لتكون كل محافظة لها قائمتها الجهوية ، وفي داخل القائمة الواحدة سيكون صراعاً بين مكوناتها ، فالصوت الأول سيذهب إلى القائمة أما الصوت الثاني فسيكون تنافساً وصراعاً بين مكونات القائمة الواحدة وهكذا نعود بدلاً من العمل على توحيد الأردنيين ووحدتهم على أساس المواطنة سنقوم بتعزيز الجهوية وتعميقها عبر قوائم المحافظات وتعزيزاً للصراع والتنافس داخل المحافظة الواحدة .
ما زلنا نعيش حالة التجريب والتبديل والتغيير ، بعيداً عن إرساء تقاليد دستورية وقانونية ثابتة تحتمل التطوير التدريجي بخطوات تراكمية واضحة المعالم على الطريق المؤدي إلى المفاهيم الديمقراطية والدستورية والمواطنة وحكومات ذات مصداقية تستند لإرادة الأردنيين ومصلحة أغلبيتهم عبر صناديق الاقتراع .


h.faraneh@yahoo.com
تابعو الأردن 24 على google news