خمسة افلام تسجيلية قصيرة لخريجي معهد الاعلام الاردني
اتسمت عروض مجموعة الافلام التسجيلية المنجزة بقدرات خريجي معهد الاعلام الاردني الشباب، بذلك الاهتمام بمكونات النسيج الاجتماعي الاردني .
بدت في الاحتفالية التي نظمت مساء امس في باحة الهيئة الملكية الاردنية للافلام بجبل عمان، رؤى واساليب متباينة في التقاط جوانب من العيش المشترك لافراد وجماعات في اكثر من بيئة اجتماعية محلية، وهي تختزن بشغف الانتماء والتصاق المصائر رغم التحديات والعوائق.
استهلت الاحتفالية بفيلم (لغة الروح) لبلسيت ابراهيم التي صورت فيه مسألة تتعلق بشريحة اجتماعية اردنية تنحدر من اصول شيشانية يمتلكها هاجس اندثار لغتهم الام المتوارثة عبر اجيال متتالية ، ويركز الفيلم على تلك المحاولات والمبادرات التطوعية في ابقاء هذه اللغة داخل الاسرة عبر تعليمها للنشء الجديد، وتقتحم الكاميرا الكثير من المناسبات الاجتماعية التي يجري فيها الاشارة الى تعلق الشيشان بموروثهم الثقافي في العديد من المناسبات ، حيث الغناء والرقص والعزف على الات موسيقية شعبية .
وتسلط المخرجة في عملها القصير على معاناة الشيشان التاريخية عندما اختاروا الهجرة من بيئتهم الاصلية في اعالي جبال القوقاز الى بلدان المنطقة اوائل القرن الفائت حماية لمعتقداتهم حيال ما كان يخطط لهم من تهميش واقصاء .
ويتضمن الفيلم الكثير من الصور الفوتوغرافية التي وظفتها المخرجة للتوكيد على لحظات من الشجن والحنين.
ويقدم فيلم (زغرت) لعوني قندح بورتريه لشخصية اجتماعية مثيرة للجدل عن ذلك الفرد في انحيازه الى البسطاء وهو يضطلع بمسؤوليات تعمل على تذليل ما يعترضهم من عقبات وتحديات بحكم الاجراءات البيروقراطية، وهو ما يكرسه شخصية اجتماعية مؤثرة لها حضور ومهابة.
تتبع كاميرا قندح شخصية الزغرت الملقب رويزق في اكثر من موقف انساني وهي تؤشر على رسوخها في محيط اجتماعي مجبولة بحراكها اليومي، الامر الذي حدا به لان يصبح شخصية شعبية معروفة تربطه علاقة طيبة بأبناء بيئته، حيث يعمل جاداً على مساعدة الناس وخدمتهم ويتميز بكاريزما عالية وذكاء اجتماعي حاد وسرعة البديهة.
يأخذ قندح المتلقي إلي اكثر من حادثة وقصة فيها يقدم جوانب من شخصية (زويرق) ابان تواجدها داخل عائلته الصغيرة أو في الحارة أو في نشاطه التجاري في عالم السيارات، بالاضافة الى ذكريات وشهادات لرجال اعلام وقانون واصدقاء وجيران في أكثر من موقع جميعها تؤكد على ما يتمتع به من حضور لافت في مجتمعه.
ومن خلال تلك الشهادات المتنوعة تبدو صفات هذه الشخصية محملة بالعديد من الصور، فهو الهاديء حينا والصاخب في اللحظات الصعبة، أو في امتلاكه لعناصر الجاذبية والقوة والصدام حينا والهدوء والجدية والحنان حينا اخر، وكل ذلك برغبة تحصيل حقوق الاخرين.
ويعاين الفيلم تلك المواقف التي عملت من زويرق بان يضطلع بادوار قيادية غير تقليدية اتاحت له فرض نفوذه في التهدئة والانحياز الى ابناء بيئته بالحق وليس باشاعة الظلم أو الفوضى .
جاء فيلم (خارج الجبال: البدول بين البداوة والتمدن) لريم ابو لبن عبارة عن سياق من اللقطات والمشاهد لحياة شريحة من البدو الذين سكنوا كهوف البترا قبل ان يجري توطينهم في بيوت حديثة على اطراف المدينة الوردية .
وتغوص الكاميرا في عالم هذه الشريحة من الناس كاشفة عن الوان من المفارقات في حياتهم حيث بدات البيوت الجديدة تضيق بهم وهم عازمون على العودة الى فضاءاتهم الرحبة في المدينة الوردية التي كثيرا ما يبثون اشواقهم اليها في نوع من الحنين .
تصطحب الكامير ابناء البدول وهم يشرحون طرق العيش الجارية في بيئتهم داخل تكوينات بصرية مستمدة من جماليات بيئة خزنة وجبال البترا السياحية، دون ان تطغى على قصة الاتفاق بين اهالي البدول والجهات الرسمية الذي قضي بترحيل ابنائها من داخل المغارات والكهوف التي كانوا يسكنون فيها منذ قرون حفاظا على محمية البتراء باعتبارها من ابرز المعالم السياحية والتاريخية، مرتبة وفق مضامين انسانية حيوية وصور فنية للقطات مترابطة.
جسد فيلم (صوت من الغور) لفادية سليم واحدة من حكايات مبادرات ذكرى التي ينهض بها ربيع زريقات في منطقة غور المزرعة، حين تناولت براعة فتاة شابة داخل تلك البيئة القاسية من تقديم اغنيات بصوت جذاب قادها لان تتبوأ مكانة لائقة في المشهد الثقافي المحلي بدعم واسناد من عائلتها البسيطة والمؤسسات التي تعنى بطاقات وابداعات الشباب .
في اكثر من موقع بالفيلم يتلمس المتلقي حساسية هذا الصوت وهو يخوض مسابقة محلية في الغناء تمتليء بالدفء والحنين والحيوية في تواصل مع تحولات تاريخية المكان وطريقة وأنماط عيش سكانه وعاداتهم وتقاليدهم الدارجة.
تنوعت القضايا التي طرحها فيلم (لاجئوا مخيم غزة في مهب الريح) لاسامة ابو ضهير بالعديد من الرؤى والافكار على نحو متواز في حوار هاديء يوضح أمورا تشغل اهالي مخيم غزة من ناحية مساواتهم مع غيرهم من المواطنين في العمل والحصول على خدمات وحاجات ملحة تقيهم من التهميش وبلوغ خط الفقر .
بعيدا عن الإستطالة والتكرار جاءت تلك الاعمال مجتمعة متناسقة في بنيتها التوثيقية التي تلتقط مفردات وعناصر البيئة دون أي شعور بالاقحام او لي الحقائق فهي تتيح لسائر وجهات النظر ان تتواجه بسلاسة وفطنة بما يكفل ايجاد أجواء لطيفة في الحوار والنقاش وهي تسترعي عين المتلقي بلقيات جمالية للامكنة وحميمية وشاعرية الشخصيات من داخل البيئة المحلية. الراي