توقيف الصحفيين ، لماذا ؟
كتب باسل العكور - من حيث المبدأ، يعتبر التوقيف عموما عقوبة مسبّقة، وادانة قبل صدور الحكم النهائي والقطعي ، واجراء بغيض لانه يمس بقرينة البراءة.
في قوانينا هناك موجبات محددة وواضحة للتوقيف، وما التوسع في عمليات التوقيف الا اعتداء على حق الاردنيين في محاكمة عادلة ،وحقهم في الحرية وعدم حبسها دون قرار قضائي قطعي.
موجبات التوقيف حكما- ودون ان يكون هناك نص واضح يمنع توقيف الصحفيين في قانونهم الخاص قانون المطبوعات والنشر الذي لم يعد برأي ديوان تفسير القوانين قانونا خاصا - لا تنطبق على جرائم النشر لا من قريب ولا من بعيد ، فالصحفي لن يهرب ، كما انه لا يستطيع ان يعبث بالادلة ولن يعيق عدم توقيفه مجريات التحقيق فلقد نشر الخبر وكان ما كان ، ثم لن يؤثر بأي طريقة على الامن العام، وحياته غير معرضة للخطر غالبا بسبب مادة صحفية نشرها في مطبوعته . لذلك الاصل ان لا يتم توقيف الصحفيين بالاساس ، لا سيما ان الصحفي يعمل في مطبوعة مرخصة وهذه المطبوعة وجودها يضمن انفاذ الاحكام القضائية ضد الصحفي .
حكومة عبدالله النسور لا تريد ان تغادرنا دون ان تجهز تماما على اخر ضمانة للحريات الصحفية في بلادنا ، لا تريد ان تغادر قبل ان تضع عشرات الصحفيين خلف القضبان ، حرية الصحفيين اليوم باتت مرتهنة بقرار شخص ، وهذا الشخص يستطيع بحكم قانون قراقوش (الجرائم الالكترونية ) ان يحجز حرية جميع الصحفيين دون استثناء . وعندما نقول دون استثناء فاننا نعني هذا ،فكل وسيلة اعلام لها موقع الكتروني وهذا الموقع يخضع للقانون نفسه ، وبذلك يمكن توقيف اي صحفي في صحيفة مطبوعة او وسيلة اعلام مرئية او مسموعة، وهنا نذكر بحادثة توقيف رئيس تحرير صحيفة السبيل الورقية عاطف الجيلاني بالاستناد إلى قانون الجرائم الالكترونية كون المادة الصحفية (المقال) نشر على موقع السبيل الالكتروني.
ما الذي تريدونه منا نحن معشر العاملين في مهنة الشقاء والعذاب والبلاء، اجيبونا بربكم: هل يعيق ما ننشر فساد الفاسدين؟ طبعا لا، هل نعطل سرقة السارقين؟ هل نكشف تعديات المتعدين؟هل نربك المتربصين؟ هل نخيف المترددين؟ لا اظننا اعقنا قراراتهم، او عطلنا مشاريعهم، او افسدنا نمو ثرواتهم وبناء قصورهم وعماراتهم.. فلقد مرت تغطياتنا مرور الكرام ، لم يعرها الناس اي اهمية، وهذه مشكلتنا مع الناس، اذن ما الذي تريدونه منا ولماذا ادخلتم هذا التعديل واخترتم هذا التفسير؟
يبدو ان القادم اعظم -وهذا هو التفسير الوحيد- ، ويتطلب الامر صمتا اعلاميا مطبقا لا يحتمل حتى الهمس.. يبدو أن شعار المرحلة هس هس. وحذار من كل تغطية والا سيصدر قرار الحبس..