عصابات مش بس حراميه
تتعرض بيوت عمان منذ سنوات الى سرقات منظمة تتم احيانا في عز الظهيرة من اقتحام الأبواب الى قص الحمايات على النوافذ، انتهاء بإيقاف الشاحنات امام العمارة او المنزل وتفريغه من محتوياته والنتيجة دائماً ( احكيلي تا احكيلك ) لأنك اذا صدف وكنت في جلسة مع الأصدقاء او الجيران وسرد احدهم اخبار اخر سرقة تعرض لها او سمع عنها فانك تفاجأ بانها سيرة وانفتحت لان الناجين من سطو اللصوص هم قلة.
اغرب ما تسمع من قصص السرقات تلك المرتبطة بالأعراس فما ان تخرج زفة العريس او العروس من منزلي آسرتيهما حتى يتعرض احد المنزلين للسطو وغالبا ما يكون المستهدف منزل اهل العروس بحثا عن المهر من صيغة واساور، وغالبا ما يتجه تحقيق الأمن في مثل هذه الحالات الى الشك بان اللص هو واحد من العائلة او اقاربهما وهي نظرية قديمة تتعلق بقصص الحرامية عندما كانوا ندرة في المجتمع وكانوا عادة ينتمون الى اسر فقيرة . فيما يظهر مسلسل سرقة بيوت العرسان باننا امام عصابات منظمة من اللصوص تملك من الإمكانات ما يمكنها من معرفة المنازل التي تخرج منها الزفة، وتدل اخر حكايات هذه الظاهرة ان اللصوص لا زالوا يركزون على هذا الهدف وبكل دراية وسهولة.
اسكن في احد احياء عمان التي تتعرض منازلها للسرقة منذ عدة سنوات خاصة في مناسبات الأفراح وذهاب الأهل الى قاعات الأفراح آخرها كان العام الماضي . وخلال هذه السنوات تداول اللصوص على بعض المنازل اكثر من مرة لسرقتها وكنت اعتقد ان الحي الذي اسكنه هو المبتلى الوحيد بالحرامية لكن اكتشفت بالسؤال ان البلاء عام ولا استثناء الا في حي او اثنين في عمان يقال انهما يخضعان لرقابة امنيه لان سكانهما قادرون على وضع أكشاك رسمية وللشركات الأمنية.
لم اسمع احدا وهو يروي انضمامه الى ضحايا السرقات بان رجل امن طرق بابه بعد شهر او بعد سنوات ليقول له : ألقينا القبض على الحرامي والعبارة المتداولة بين الناس ( منه العوض وعليه العوض ) تسليما بظاهرة استفحلت حتى تكاد ان تصبح أمرا واقعا، مما يتطلب استنفارا امنيا وشعبيا لمواجهتها . ولست في موقع الخبرة الأمنية لأقدم خططا في الموضوع لكن من باب الراي والملاحظة، أتساءل : اذا كان اللصوص قادرين استخباريا على معرفة مواعيد الأعراس وأماكنها فلماذا لا توضع لهم الكمائن الأمنية في هذه المناسبات؟
كثيرة هي قصص السرقات التي تثير الشكوك، من حيث تحديد أهدافها واحتساب ردود الفعل من الجيران، التي تدل باننا قد نكون امام شبكة لصوصية منظمة تتوزع الاحياء كمناطق نفوذ فتصبح كل واحدة منها خبيرة بسكان الحي الذي تستهدفه وبعادات سكانه وظروفهم وبيئتهم الاجتماعية . لقد تمت سرقة منازل وشقق في عز الظهيرة وينقل اللصوص الأثاث امام الجيران بدون ان يثير ذلك شكوكهم، وبما يدل ان السرقة تتم من قبل عصابات منظمة تراقب السكان ومواعيد دخولهم وخروجهم.
من المؤسف القول ان المواطنين في المدينة لا يظهرون اي حس امني في تقييم ما يجري من حولهم وامامهم بسبب ضعف العلاقات الاجتماعية بين سكان العمارة الواحدة وبين سكان الحي انفسهم، وقد يحتاج الامر الى حملة توعية أمنية مكثفة مع غرف عمليات خاصة في كل حي لرصد السرقات او لتلقي الإنذارات بوجود شبهة سرقة تجري، كما ان المجتمع بحاجة ليرى صور اللصوص الذين يقبض عليهم ويدانون ومعرفة مناطق سكناهم، فاللص الذي يتخصص بسرقة حي تعلق صوره في كل شارع وفي وسائل الاعلام لان الردع المجتمعي والأخلاقي مطلوب في مجتمع الكل فيه يعرف الكل وحتى لا نعود نسمع بان اللصوص يعتبرون السجن فترة راحة لإعادة النشاط من جديد.
(الرأي)