فحماوي: أبحث في الكتابة عن عوالم جديدة
يكشف القاص والروائي صبحي فحماوي عضو رابطة الكتاب الأردنيين، واتحاد كتاب مصر، ونادي القصة المصري، واتحاد الكتاب العرب في سوريا، والقلم الأردني الدولي، ورئيس لجنة الثقافة والفنون في منتدى الرواد الكبار، وعضو الجمعية الأميركية لمهندسي الحدائق، ومؤسس «مجلة الرواية»، عن وجه بسيط عندما يتعلق الأمر بحوار يجرى معه. وجه بسيط وتلقائي وخفيف الظل، بعيداً عن التعقيد والفذلكة الكلامية والجمل الرنانة.
فمهندس الحدائق المنزلية، ينحّي كثيراً مما قد يتصف به المبدعون والمثقفون، لصالح نصه، وانكبابه عليه، وفق، خطة تنظيمِ وقت شبه صارمة، تبدأ، كما يذكر منذ ساعات الصباح الأولى، يخصص حوالي أربع منها للكتابة، بعد أن يغلق الباب على نفسه، ويحضر جهاز الحاسوب الذي يتقن، كما يوضح، كثيراً من آليات استخدامه وتطويعه، وكوب القهوة السريعة، يبدأ بالكتابة السريعة العارفة إلى أين تريد أن تصل. أما ساعات ما بعد الظهيرة، فإن حصة القراءة منها ليست قليلة، فهي الزاد الذي يمكن أن يعينه صبيحة اليوم التالي على مزيد من الكتابة ومزيد من المجموعات القصصية والروايات والمسرحيات.
والحقيقة أن نصيبه منها جميعها غير قليل: سبع روايات: «عذبة»، «الحب في زمن العولمة»، «حرمتان ومحرم»، «قصة عشق كنعانية»، «الإسكندرية 2050»، «الأرملة السوداء» وأخيراً وليس آخراً رواية «على باب الهوى» المتوقع صدورها خلال أيام ضمن سلسلة إبداعات عربية في القاهرة. وخمس مجموعات قصصية: «موسم الحصاد»، «رجل غير قابل للتعقيد»، «صبايا في العشرينات»، «الرجل المومياء» مثّل الفنان السوري ياسر العظمة بعض قصصها في سلسلته «مرايا»، إضافة لمجموعته «فلفل حار» الصادرة قبل أيام عن دار مجدلاوي للنشر والتوزيع. وست مسرحيات: العزومة، ليلة الافتتاح، ثورة فلاحين، في انتظار النور الأخضر، شخصيات مستنسخة، حاتم الطائي والمومياء.
هذا الجهد الغزير دفع عديد من الباحثين والنقاد لدراسة تجربة فحماوي الإبداعية، كما فعلت الناقدة العراقية د. سوسن البياتي من جامعة تكريت، التي أصدرت حول قصصه كتاباً نقدياً بعنوان: «قراءة جمالية في قصص صبحي فحماوي»، وكما فعل الناقد السوري د. محمد حسن عبد المحسن رئيس الأدب الحديث والدراسات العليا في جامعة حلب من خلال كتابه النقدي «البنية السردية في رواية صبحي فحماوي «حرمتان ومحرم». وكما فعل عدد من طلبة الماجستير والدكتوراه، مثل أسعد سعدون حيدر الذي حملت أطروحته لنيل الماجستير عنوان: «الفضاء القصصي عند صبحي فحماوي».
فحماوي يرفض اعتباره كاتباً غزير الإنتاج، وعلى عكس ذلك يرى نفسه مقصراً، قياساً مع عدد الكتب التي قرأها منذ كان صغيراً، حتى إنه كما يقول كان ينهي أيام دراسته الجامعية كتاباً كل يوم. ودون توقف ظل يلتهم الكتب حتى يومنا هذا. لكن عمله في هندسة الحدائق، وانشغاله بداية عمره المهني بلقمة العيش، أخر الجزء الكتابي من حياته الأدبية، فجاء رده على هذا التأخير، كما يورد، تدفقاً كتابياً يبدو أنه لا ينوي التوقف قريباً.
فحماوي يرفض أيضاً مصطلح التفرغ الإبداعي، ويحيل مفردة التفرغ إلى جذرها من فرغ يفرغ فهو فارغ. يقول «أنا لا أفهم كلمة التفرغ هذه، ألا تحيلنا (بسلامتها) إلى الفراغ، وإلى الكيس الفارغ الذي لا يحتوي على شيء!؟».
عن تنوّع موضوعات رواياته وقصصه، يقول فحماوي «أجدني أهتم بتنوع كتاباتي على صعيديّ المعنى والمبنى». ويتحدث عن حرصه على تقديم الجديد والمدهش والمستفز للقارئ. «أكره التكرار، وأبحث في كل عمل جديد عن أسلوب جديد وحكاية جديدة وعوالم جديدة».
مقاييس الجودة عند فحماوي هي: لغة جميلة بموسيقاها وبلاغتها ومجازها، فكرة تستحق التوقف وفكر ثاقب، بنية فنية متماسكة، دراما مشوقة تشد القارئ وتجعله يسأل: ثم ماذا حدث بعد ذلك. فحماوي يعيد التركيز، في سياق تعداده مواصفات الجودة على الفكرة قائلاً: «أي أدب يخلو من الفكرة هو أدب مفرغ من محتواه».
فحماوي لا يعيش، كما يقول، من كتاباته، ولولا مهنته كمهندس زراعي، وعمله، تحديداً في تنسيق الحدائق وتصميمها، لما أتيح له ربما الكتابة المرتاحة من سؤال العيش. وهو هنا يغمز لقيمة الكتابة في عالمنا العربي التي «لا تطعم خبزاً» كما يرى، مجرياً مقارنة سريعة مع أحوال الكتابة في دول العالم المتقدم، ومورداً مثالاً في سياق هذه المقارنة صاحبة سلسلة «هاري بوتر» الكاتبة البريطانية ج. ك. رولينج التي تقدر ثروتها حالياً بثلاثة مليارات جنيه إسترليني.
فحماوي يرد على من يتحفظون على الاهتمام الملحوظ من دور نشر عربية، خصوصاً في مصر ولبنان، بإصداراته وإنتاجه الأدبي، ويجيّرونه لمساع شخصية يقوم بها فحماوي نفسه قد يستخدم خلالها أحياناً الهدايا والمال وما إلى ذلك، بالمثل الشعبي الدارج: «اللي ما بطول العنب بيقول عنه حامض».
فحماوي لا يمانع من تحويل إحدى رواياته إلى عمل درامي، وياخذ في هذا السياق على من يكتبون أعمالهم الدرامية ويخرجونها ويمثلون فيها، طالباً أن يترك الخبز لخبّازه.
«قاع المدينة» هو اسم الرواية المقبلة لفحماوي، وفيها يرصد، كما يبيّن، عوالم القاع وناسه وأجواءه وصخبه، ويلقي الضوء على سقف السيل وجواره. الراي