الإصلاح المستورد.. وإصلاح بدون إصلاحيين
طاهر العدوان
جو 24 : نقرأ بين وقت وآخر تحليلات ومقالات منقولة عن الصحافة الغربية بان الادارة الامريكية أعادت تقييم مواقفها من الربيع العربي بعد وصول الاسلاميين الى الحكم وهو ما ادى الى سحب غطاء الدعم السياسي والمعنوي الذي كان قائما للثورة السورية بحجة الخشية من انتشار تنظيم القاعدة، حتى ان صحفا تركية ذكرت ان واشنطن تسعى للحصول على ضمانات من أنقرة بالمساعدة على مشاركة حزب البعث والعلويين في نظام ما بعد الاسد اي العمل على تصنيع حكومة يتم تصديرها لوضعها طربوشا على راس الثورة السورية .
التغيير في الموقف الامريكي واضح في المسألة السورية وهو احد اسباب تصاعد عمليات القتل والتدمير التي يقوم بها الاسد، فسياسة العمى السياسي هي السائدة في واشنطن تجاه ما يحدث في سوريا . غير ان هذا التغيير قد يكون افضل ما حدث للثورة السورية لان الاصلاح لا يستورد وبات عليها الاعتماد على شعبها وانتصاراتها . لقد تهاوت مزاعم أنصار نظام القمع بان الثورة مؤامرة خارجية وإرهاب مستورد، فالاحداث تثبت يوما بعد اخر بانها ثورة أصيلة نابعة من صفوف ملايين السوريين وبأنها ليست ثورة مستوردة، النظام هو من يستورد آلات القمع والقتل ويفتح سماء وارض سوريا للأجنبي .
الامر ينسحب في هذه التحليلات على موقف واشنطن من العملية الاصلاحية في الأردن حيث يقال بانها تفضل عدم المضي في الاصلاحات التوافقية التي من شانها ادخال المعارضة والحراك الشعبي في مشروع الدولة الإصلاحي . خطورة مثل هذه التحليلات انها تصور الاصلاح بانه لا يتم الا اذا كتب عليه ( صنع في امريكا ). هذا القول فيه مغالطة تاريخية كبيرة لان مطالب الاردنيين بالاصلاح تمتد جذورها الى عام ١٩٨٩ وهي لم تتوقف يوما واستجابة النظام لها اعتمد دائما على معادلات داخلية والتاثير الخارجي كان مؤقتا لارتباطه بالظروف الأمنية المحيطة بالاردن . صحيح ان عدم انجاز الاصلاح بالصورة التي ترضي الجميع يثير عملية جدلية مستمرة بين الاردنيين لكن صورته النهائية المستقرة يقررها في النهاية الرضاء الشعبي وليس متغيرات السياسة الامريكية .
مثل هذه التحليلات تخدم المزاعم التي تدعي بان الربيع العربي مؤامرة و تتجاهل الجذور الحقيقية التي تدفع الشعوب الى الثورة والمطالبة بالتغيير والإصلاح . وهذه الاقوال تهين تضحياتها من اجل الحرية والكرامة والديموقراطية كما انها تمثل نظرة عنصرية دونية للعرب طالما اعتمدها المستبدون من الحكام بالقول بان الشعوب العربية غير مؤهلة للحياة الديموقراطية وذلك لتبرير استبدادهم، تماماً مثلما استخدموا القضية الفلسطينية لتبرير أحكام الطوارئ وفتح السجون والمعتقلات لكل من يتصدى للديكتاتور ولسان حالهم كما قال الشاعر الأندلسي ابن هانئ في مديح الخليفة الفاطمي المعز : ما شئت لا ما شاءت الأقدار ....... فاحكم فانت الواحد القهار
لا مستقبل لإصلاح لا يستمد قوة استمراره ووجوده من الشعب . ولا مستقبل لنظام يزعم بانه يدافع عن وطنه فيما يرسل طائراته ومدافعه لتدمير مدنه وحواضره . وأي نظام وطني هذا الذي يقوم على تدمير بلده وافناء شعبه ؟..كيف له ان يدعي بانه يحمي مواطنيه وأمنهم واستقرارهم وهو يصدر كل يوم قائمة بضحايا حربه من اجل البقاء ؟!!.
ومن إفرازات الربيع العربي السلبية انك ترى اصلاحيين يطالبون بالإصلاح في بلدهم وفي ظل نظام يملكون فيه حرية التظاهر والتنظيم وحرية القول فيما هم مناصرون للديكتاتور الذي يقمع شعبه بالنار والحديد في سوريا . الاصلاح ليس موقفا سياسيا مجردا انما هو حاجة إنسانية بالدرجة الاولى فالشعوب عندما تخرج مطالبة بالحرية والكرامة والعدالة فهي تناضل من اجل قيم ومبادئ تعيد لها انسانيتها، ومن اجل حقوقها الطبيعية كبشر ومواطنين وتثبيتها في نظام حكم دستوري ديموقراطي يجسد إرادة الشعب بمعزل عن أشخاص الحاكمين وادعاءاتهم بانهم الباقون الصالحون الى الابد .
(الرأي)
التغيير في الموقف الامريكي واضح في المسألة السورية وهو احد اسباب تصاعد عمليات القتل والتدمير التي يقوم بها الاسد، فسياسة العمى السياسي هي السائدة في واشنطن تجاه ما يحدث في سوريا . غير ان هذا التغيير قد يكون افضل ما حدث للثورة السورية لان الاصلاح لا يستورد وبات عليها الاعتماد على شعبها وانتصاراتها . لقد تهاوت مزاعم أنصار نظام القمع بان الثورة مؤامرة خارجية وإرهاب مستورد، فالاحداث تثبت يوما بعد اخر بانها ثورة أصيلة نابعة من صفوف ملايين السوريين وبأنها ليست ثورة مستوردة، النظام هو من يستورد آلات القمع والقتل ويفتح سماء وارض سوريا للأجنبي .
الامر ينسحب في هذه التحليلات على موقف واشنطن من العملية الاصلاحية في الأردن حيث يقال بانها تفضل عدم المضي في الاصلاحات التوافقية التي من شانها ادخال المعارضة والحراك الشعبي في مشروع الدولة الإصلاحي . خطورة مثل هذه التحليلات انها تصور الاصلاح بانه لا يتم الا اذا كتب عليه ( صنع في امريكا ). هذا القول فيه مغالطة تاريخية كبيرة لان مطالب الاردنيين بالاصلاح تمتد جذورها الى عام ١٩٨٩ وهي لم تتوقف يوما واستجابة النظام لها اعتمد دائما على معادلات داخلية والتاثير الخارجي كان مؤقتا لارتباطه بالظروف الأمنية المحيطة بالاردن . صحيح ان عدم انجاز الاصلاح بالصورة التي ترضي الجميع يثير عملية جدلية مستمرة بين الاردنيين لكن صورته النهائية المستقرة يقررها في النهاية الرضاء الشعبي وليس متغيرات السياسة الامريكية .
مثل هذه التحليلات تخدم المزاعم التي تدعي بان الربيع العربي مؤامرة و تتجاهل الجذور الحقيقية التي تدفع الشعوب الى الثورة والمطالبة بالتغيير والإصلاح . وهذه الاقوال تهين تضحياتها من اجل الحرية والكرامة والديموقراطية كما انها تمثل نظرة عنصرية دونية للعرب طالما اعتمدها المستبدون من الحكام بالقول بان الشعوب العربية غير مؤهلة للحياة الديموقراطية وذلك لتبرير استبدادهم، تماماً مثلما استخدموا القضية الفلسطينية لتبرير أحكام الطوارئ وفتح السجون والمعتقلات لكل من يتصدى للديكتاتور ولسان حالهم كما قال الشاعر الأندلسي ابن هانئ في مديح الخليفة الفاطمي المعز : ما شئت لا ما شاءت الأقدار ....... فاحكم فانت الواحد القهار
لا مستقبل لإصلاح لا يستمد قوة استمراره ووجوده من الشعب . ولا مستقبل لنظام يزعم بانه يدافع عن وطنه فيما يرسل طائراته ومدافعه لتدمير مدنه وحواضره . وأي نظام وطني هذا الذي يقوم على تدمير بلده وافناء شعبه ؟..كيف له ان يدعي بانه يحمي مواطنيه وأمنهم واستقرارهم وهو يصدر كل يوم قائمة بضحايا حربه من اجل البقاء ؟!!.
ومن إفرازات الربيع العربي السلبية انك ترى اصلاحيين يطالبون بالإصلاح في بلدهم وفي ظل نظام يملكون فيه حرية التظاهر والتنظيم وحرية القول فيما هم مناصرون للديكتاتور الذي يقمع شعبه بالنار والحديد في سوريا . الاصلاح ليس موقفا سياسيا مجردا انما هو حاجة إنسانية بالدرجة الاولى فالشعوب عندما تخرج مطالبة بالحرية والكرامة والعدالة فهي تناضل من اجل قيم ومبادئ تعيد لها انسانيتها، ومن اجل حقوقها الطبيعية كبشر ومواطنين وتثبيتها في نظام حكم دستوري ديموقراطي يجسد إرادة الشعب بمعزل عن أشخاص الحاكمين وادعاءاتهم بانهم الباقون الصالحون الى الابد .
(الرأي)