الدغمي والقبعة
تفوق عبدالكريم الدغمي، رئيس مجلس النواب، على سميح المعايطة، وزير الدولة لشؤون الإعلام، في الترويج لخطاب السلطة التنفيذية وتبني نهج الوصاية وتكميم الأفواه ومصادرة الحريات، معبرا عن تناغم برلمان الصوت المجزوء وارتهانه الكامل للرغبات والتوجهات الحكومية.
الدغمي ارتدى قبعة المعايطة وأكمل مشواره الذي بدأه في مهاجمة المواقع الالكترونية وتبرير إقرار قانون المطبوعات العرفي، حيث تفوق على الناطق باسم الحكومة في مهاجمة الصحافة الحرة خلال لقاء مع برنامج "نبض البلد" على فضائية "رؤيا". ولم تغب مختلف الاتهامات عن بال الدغمي ليحارب بها الصحافة عبر تصريحاته التي كانت بمثابة اعتراف بحقيقة البرلمان، باعتباره امتداد خلالق للسلطة التنفيذية.
وبعد أن التف على سؤال وجهه إليه مقدّم البرنامج حول عدم الاكتفاء بقانون العقوبات، بقوله إنه "جرّب ذلك شخصياً ولم ينجح"، لم يتمكن الدغمي من تفسير مقنع لتهريب النصاب في كافة الجلسات المخصصة لمناقشة القوانين التي تمس مصالح المواطنين، كقانون المالكين وقانون الضمان، في الوقت الذي اكتمل فيه النصاب في جلسة إقرار المطبوعات.
كما تهرّب الدغمي من تقديم أي تفسير للرد على توصيف وزير الإعلام السابق راكان المجالي بأن الدورة الاستثنائية جاءت فقط لتعديل قانون المطبوعات، مكتفيا بقوله "هو حرّ".
أما الغريب في تصريحات الدغمي فهو تعبيره عن معاناته من حالة تضخم الذات عبر قوله بأنه "كفيل" بأن يتم تعديل "المطبوعات" في حال تبيّن أنه يهدف لتكميم الأفواه.
كما أن نوبة التعرّق التي اجتاحت الدغمي عندما قال أنه يتحدى وجود أية ضغوطات على البرلمان لإقرار قانون المطبوعات، أعادت إلى الأذهان مأساة المجلس النيابي الذي يحرص الكثير من أعضائه على تشغيل هواتفهم النقالة لمعرفة ما ينبغي عمله خلال معظم الجلسات.
رحم الله المجالس النيابية التي كانت تعبر عن إرادة الشعب وتنتصر للحريات.. فرئيس المجلس الحالي الذي عقد لقاءه الديكوري مع المواقع الالكترونية للوصول إلى صيغة عصرية لقانون المطبوعات، نسي أنه ضرب عرض الحائط بكل ما تم تداوله خلال ذلك اللقاء الذي دعي إليه عدد من الخبراء، وعجز عن تقديم مبرراته لانصياع البرلمان الكامل لتوجيهات السلطة التنفيذية ورغبات المتنفذين.