نسمع عن المقاطعين فماذا عن المشاركين ؟
القضية الوحيدة المطروحة للتداول امام الراي العام الاردني قبل شهرين من الانتخابات النيابية تدور حول الاخوان المسلمين : هل سيشاركون ام سيقاطعون ، اذا اعلنوا المقاطعة تثار الأسئلة وان رفضوا الوساطة تنهار سيل التحليلات والتكهنات المغلفة بالنقد والاتهام او التحذير ، ثم ماذا عن مسيرة ال٥٠ الف التي اصبحت حكاية اخرى . من سيشارك ومن سيقاطعها ؟ الى آخر هذه الدوامة من الاخبار والتعليقات التي تنطلق من مؤسسات الاعلام الرسمي والإعلام الخاص سواء بسواء .
من المعروف في باب الانتشار والدعاية ان كبار النجوم السينمائيين عندما تغيب عنهم الأضواء ويشعرون بان الناس نسوهم يتفقون مع صحفي لنشر خبر مفبرك بان هذا النجم أصيب بوعكة او تعرض لحادث ثم لا يلبث ان ينتشر انتشار النار في الهشيم وما ان يتم تبين عدم صحته حتى يكون الغرض منه قد تحقق، وهو تداول الناس لاسم هذا النجم واعادة تصدره لاهتماماتهم .
المتبرعون كثر لضخ الاخبار عن الاخوان وهذا لا يضرهم . وكأن الانتخابات ستتمحور حول إثبات انهم اخطاوا بالمقاطعة بينما الغاية المعلنة من الانتخابات اكبر بكثير وهي الانتقال بالبلاد الى مرحلة جديدة وبرلمان مختلف وكتل تشكل حكومات وتشجيع التعددية والمشاركة والتداول الى آخر هذه المفردات من الاصلاح التي قرقعت رؤوس الاردنيين منذ عامين .
يا إخوان ( وانا اقصد الجميع من غير الاخوان المسلمين ) اذا كنتم كما تقولون تريدون بناء حياة برلمانية وسياسية فيها معارضة فهذه هي المعارضة ، ومن حقها ان كانت اسلامية أو يسارية ان تقاطع او تشارك او تختار الشارع بدلا عن مقاعد البرلمان . السؤال هو ماذا انتم فاعلون من اجل ان تكون الانتخابات حرة ونزيهة .
ثم اين هي الاحزاب الاخرى، لماذا لا نسمع ولا نقرا عن نشاطاتها ولا عن مواقفها من الانتخابات . الاخوان المسلمون يقومون بما عليهم كمعارضة ، نشاطهم لا يهدأ ، حراكهم السياسي والاعلامي لا يقل عن حراكهم في الشارع ، لكن ماذا تفعل أحزاب الوسط واليمين والشمال . لا نرى حراكا لهم وكأن الانتخابات ستجري بعد اربع سنوات وليس بعد شهرين . لماذا لا يحاولون التجمع في تيارات وكتل موحدة تخوض انتخابات على برامج معلنة للناس ، ماذا ينتظرون ؟
نسمع حديثاً لا ينقطع في الصالونات عن ضرورة العمل لخوض انتخابات على اساس حزبي ومثل هذا الهدف يحتاج الى عمل يصل الليل بالنهار من اجل إقناع ناخب اردني تعود تجاهل المرشح المنتمي لحزب وحيث ترسي خياراته على مرشح العشيرة . قوة الاخوان المسلمين الانتخابية هي في نجاحهم بتجاوز هذه المعضلة من زمن طويل ، فأين هي الاحزاب التي يقال انها ستكون حاضرة في سوق الانتخابات . ولا حجة لأي حزب في التهرب من خوض الانتخابات بقوائم حزبية بالزعم بان الاردنيين ليس لديهم وعي بدور الاحزاب ، فالناخب الذي يختار مرشح الأخوان على برنامجه هو مواطن مثل اي مواطن اخر ، المسالة ان هناك جهد من الاسلاميين يبذل على اساس حزبي وآخرون لا يبذلون اي جهد لتطوير وعي الناخب .
لا نري قيام تحالفات وتآلفات بين الاحزاب المدنية ( اذا جاز التعبير ) تلفت أنظار الناخبين في معركة بناء التعددية في ظل مناخ الربيع الاردني وهو مناخ لن يتكرر لسنوات طويلة . ولا ادري لماذا سيقاطع الحراك الشعبي الانتخابات فهو كحركة جماهيرية حديثة العهد يقف امام فرصة تمثيل نفسه بكتلة نيابية ترسخ وجوده كحركة سياسية ، خاصة وان الحراك يتركز في محافظات هي الخزان لنواب الصوت الواحد انها فرصة لأحداث تغيير في محتوى ورقة التصويت .