بين موت ضمير التجار وواجبات المؤسسات الرقابية.. مواد تحنيط الموتى على موائد الأردنيين
فرح راضي الدرعاوي - أبدى عدد كبير من المواطنيين تخوفهم من شراء مادة اللبنة بعدما ضبطت كوادر الصحة في البلديات معملان لانتاج اللبنة يستخدمان مادة تحنيط الموتى "الفورمالدهايد". كما ضبطت مديرية الغذاء والدواء 400 معمل ألبان غير مرخص حسب ما قال المدير العام لمؤسسة الغذاء والدواء هايل عبيدات.
مادة الالبان والتي يتعامل معها المواطن بشكل يومي وتعتبر مادة غذائية رئيسة على موائد الأردنيين، يبدو انها باتت سلعة في ايدي من لا يخافون الله ولا يملكون ضميرا او محددا لتصرفاتهم غير مدى الربح المادي الذي يكسبون.
البداية كانت في لواء عين الباشا، والذي يُفترض أن تكون منتجات الألبان فيه "مضمونة"، بسبب طبيعة تلك المنطقة وقربها من جرش، المدينة الأشهر بالألبان، حيث ضبطت الكوادر الصحية في بلدية عين الباشا وبالتعاون مع الادارة الملكية لحماية البيئة مصنع البان غير مرخص يستخدم مادة "الفورمالدهايد" المستخدمة في تحنيط الموتى، من خلال اضافتها الى اللبنة لاطالة فترة صلاحيتها.
واوضح مدير مركز عين الباشا الدكتور جمال الدباس أن المصنع المذكور غير مرخص منذ سنتين ويفتقر للشروط الصحية ويعمل بدون ترخيص في ساعات الصباح الباكر وفي المساء، مما استلزم مراقبته لمدة ثلاثة أيام وتم ضبطه اثناء العمل حيث وُجِد في المصنع مادة الفورمالدهايد وهي مادة حافظة تستخدم لتحنيط الموتى واستخدموها في انتاج اللبنة لاعطاء فترة صلاحية اطول للمنتج وهي مادة يمنع استعمالها في المواد الغذائية.
يا الله ما أقبح تلك الجريمة المركّبة؛ عمل دون ترخيص وغشّ في المنتجات، لم يقم صاحبنا بخلط الماء بالحليب أو اللبن، بل تعدا ذلك لاضافة مواد سامة ومسرطنة تستخدم في "تحنيط الموتى"!
* مادبا على خطى عين الباشا
لم تكد تمرّ أيام حتى سمعنا عن معمل لبنة يستخدم أيضا مادة التحنيط سيئة الذكر، في مادبا.
في حين قال مدير الدائرة الصحية في البلدية الدكتور احمد غليلات انه وخلال الجولات الاعتيادية لكوادر الدائرة الصحية تم ضبط معملين في المدينة احدهما يستخدم حليب البودرة، فيما يستخدم الاخر مواد التحنيط في انتاج الالبان، حيث تم اغلاقهما.
ومن جانبه رئيس البلدية مصطفى المعايعة انه وردت اكثر من معلومة عن المعمل الذي يستخدم مواد التحنيط، حيث تم الايعاز للأجهزة الصحية بمراقبة المعمل، الى ان تم ضبط صاحبه وايداعه للقضاء، مؤكدا ان كوادر البلدية لن تسمح تحت اي ظرف بمثل هذه التجاوزات التي تمس غذاء المواطن وصحته.
* 400 معمل غير مرخص " تحت الدرج"
هذا ما قاله مدير عام المؤسسة العامة للغذاء والدواء الدكتور هايل عبيدات في تصريح له حيث قال أن هنالك 400 معمل لانتاج الالبان غير مرخص، تعمل بعيداً عن الأنظار إما في "بيت الدرج، أو داخل منزل أو ورشة"، مبيناً أن هذه المعامل المخالفة تسيء إلى قطاع الألبان في المملكة، مشيرا الى مخاطبة الجهات الصحية الرقابية التي قامت بضبط المعامل المخالفة في البلقاء ومأدبا لتزويدها بالتقارير الفنية إلى جانب عينات من منتجات الألبان المضبوطة؛ لإخضاعها للفحص المخبري، والتأكد من استعمالها مادة تحنيط الموتى في صناعة منتجات الألبان.
* نقص في الكوادر
من جانبه طالب رئيس لجنة الصحة والبيئة النائب الدكتور رائد حجازين مجلس النواب ورئيس الوزراء بدعم مؤسسة الغذاء والدواء بالكوادر المؤهلة التي تمكنها من القيام بواجبها على اكمل وجه.
وبين حجازين لـJo24 أن المؤسسة لا يمكنها متابعة جميع المحافظات بالاضافة الى نقاط الحدود والمعابر بـ60 ال 70 موظف موزعين على أنحاء المملكة، مطالبا تزويدها بما لا يقل عن 200 موظف من خلال ديوان الخدمة المدنية .
وكما وطالب حجازين الجهات المختصة بتطبيق قانون الغذاء والدواء الذي اقره المجلس والذي برأيه سيكون رادعا لكل مخالف وخارج عن القانون.
وأوضح حجازين ان هذه المواد التي يستخدمها هؤلاء مواد مرخصة ومتواجدة في الاسواق نظرا لطبيعتها الطبية، فهي تستورد للاستخدام الطبي من قبل المستشفيات وكليات الطب.
الجهات المختصة تتابع وتقوم بحملات مستمرة ودائمة مما جعل 400 معمل ومصنعين تخالف التعليمات، وتستخدام مواد التحنيط في انتاج الالبان ، وهذا إن دل فما يدل الا على قوة الكوادر المراقبة على هذه المصانع.
هنالك أسئلة كثيرة بدءا من التشريعات الغذائية و استيراد هذه المواد أو طرق تهريبها ودور الرقابة الجمركية، وغياب الرقابة الذاتية وضياع الرقابة من قبل مؤسسة الغذاء والدواء ووزارة الصحة، مؤسسات لعلها تشكو من ترهل ونقص في كوادرها.