براءة الإسلام.. ومسؤولية المسلمين
د.ابراهيم بدران
الإسلام كدين، لا يتحرك على الأرض بذاته ليصل إلى أمم العالم ، و إنما يصل من خلال من ينتسبون إليه و حسب سلوكياتهم. والإسلام لا يصطدم مع العقل أو الإنسانية ، ولكن الكثير من المسلمين يصدمون العقل والإنسانية بما يفعلون. و خلال العقود الماضية ازداد الفساد والمحسوبية والتخلف و التطرف والإجرام والتدمير والانقسام والاقتتال بين المسلمين أنفسهم. وازدادت شعوب أخرى كثيرة توحداً وتماسكاً وتقدماً ورقياً.
أن يذبح شاب مسلم مديره في المصنع في فرنسا، ويفجر شاب مسلم مسجداً في الكويت، و آخر في السعودية، وينسف شاب مسلم آخر فندقاً في تونس، وآخرون يدمرون متاحف في تدمر و العراق ومحطات قطار و أبراج كهرباء في مصر،وآخرون يقتلون 142 من الأبرياء في ملعب و مسرح في باريس وغير ذلك الكثير، كل ذلك تحت إسم الإسلام ، فهذا تراجع لم يكن يتخيله أحد. لماذا ؟؟ لأن عقول الشباب المرتكبين لهذه الفظائع، قد تم غسلها، ليعاد ملؤها بالإغراءات و الفتاوى المتطرفة التي لم تجد جرأة و إجماعا من العلماء و المؤسسات، في وقت مبكر و حتى الآن، على رفضها سراً وجهرا، و إعلان بطلانها، و حذفها من الكتب و المقررات و إغلاق أبواب التاريخ عليها. ولم ترفضها الأحزاب والجماعات في أدبياتها وتعاليمها و نشراتها وكتبها المؤسسية والتعليمية والحزبية. بل أن هذه الفتاوي وجدت طريقها إلى عقول الناشئة من خلال الكتب والإعلام و الثقافة الجماهيرية والتوجيه الخفي و الأموال و المنشورات و الإعلام و “الدعاة” و وسائط التواصل الإجتماعي.
كيف يستطيع العالم أن يتعامل مع المسلمين بثقة و اطمئنان، وهم لم يحدثوا حتى اليوم أي تغيير حقيقي لا في الفكر و لا في السلوك؟.. المسلمون يستنكرون الحدث فقط وبكل تردد وتلكؤ، ولكنهم لا يرفضون الفكر والفتوى وراء الحدث. و عند الحديث عن التجديد يقولون “ نعم أن الأحكام تتغير بتغير الزمان”، . حسنا. لماذا لا يقوم أهل الإعتدال أنفسهم بتغيير الأحكام والفتاوى وقد تغير الزمان ألف مرة عن ما كان في زمن الأئمة الأربعة؟ لماذا لا تكون الجرأة عند الإسلاميين المعاصرين فيعطوا المسلمين و العالم تعريفات وأحكاما جديدة تتوافق مع الوطنية والمواطنة والقانون الوطني و الدولي والإنساني،و غير ذلك الكثير ؟
وهكذا، بين إدارات حكومية متلكئة في الإصلاح الشامل الناجز، ومؤسسات مترددة في التجديد ، و زعامات تراهن على أوطانها،ودوائر دولية و أولها إسرائيل توظف التراجع العربي لمصالحها، و جماعات متطرفة تستمتع بالسيطرة و الجبروت، بين هذا و ذاك ،تضيع الشعوب والدول، ويتهاوى المستقبل ، وتزداد كراهية العالم للمسلمين. فهل يشهد عام 2016 بداية التغيير العميق في الفكر و السلوك، فتكون البراءة الحقيقية؟ و يكون الخلاص؟
(الدستور)