jo24_banner
jo24_banner

رؤية متشائمة

ماهر أبو طير
جو 24 : غداً اول يوم في العام الجديد، ومما يؤسف له ان كل المحللين يرون في العام المقبل، عاما اكثر صعوبة مما مضى، لاعتبارات كثيرة، نراها امام اعيننا، خصوصا، في العالم العربي. على الصعيد الاقتصادي فإن هناك تراجعا حادا في اقتصاديات الدول في العالم، بما في ذلك الدول العربية، التي ستعاني من تراجعات سعر النفط، ومن عجز الموازنات، بما يترك اثرا سلبيا عليها، وعلى بقية الدول العربية التي على صلة بها، عبر المساعدات او التجارة، او العمالة، فلا يمكن هنا، تحت اي عنوان، ان يقال ان العام المقبل، احسن، او اننا سنبقى في ذات الدرجة من التراجعات. يزيد من حدة التراجعات الاقتصادية الحالة التي تعيشها منطقة الشرق الاوسط، سياسيا وامنيا، اذ اننا نواجه عدة حروب في عدة دول، تؤدي الى خلخلة الاقليم اقتصاديا، جراء عدم شيوع حالة الامن في العراق وسورية وليبيا واليمن ولبنان ومناطق اخرى. سياسيا فإن هناك توقعات عن تمدد حالة الفوضى الى دول تعتبر مستقرة، والمراقبون يرشحون دولتين على الاقل، بسبب الصراعات والحروب، او انتقال حالة التطرف وتنظيماتها الى دول جديدة، والتحليلات تتحدث ايضا عن اعادة تموضع لداعش والانتقال كليا الى ليبيا، مع فتح بوابات دولة جديدة لم تعمل بها داعش حتى الان. الصراعات الاقليمية الاتراك، الايرانيون، والتقاطعات مع دول عظمى، واتجاهات داخلية، سوف تتواصل وربما سوف يسعى كثيرون لحسم صراعات قائمة، مما يؤشر على انفلات امني اكثر حدة، واللجوء الى تسويات غير سلمية يبقى هو الثات الوحيد. على صعيد الاحتلال الاسرائيلي، يبدو العام المقبل، كذات سابقه، فالقضية الفلسطينية غابت، ويزداد غيابها، وليس من المتوقع ان تجد مكانها في السطح، امام تدهور الاوضاع الامنية والسياسية في كل المنطقة. يرى خبراء ايضا ان العام المقبل سيلعب دورا في اعادة رسم كل المنطقة، هدم كيانات قائمة، تشظي كيانات موجودة، وصراع للبقاء في دول اخرى، لان الزلزلة السياسية والامنية والاقتصادية، ستهدم الكيانات الهشة، التي صمدت حتى الان، وستؤدي فعليا الى نشوء كيانات جديدة، يستغرق اشهارها من سنتين الى ثلاث سنوات، وفقا لمعايير التسويات بين الدول الراسمة للسياسات في المنطقة. ما يمكن قوله بصراحة ان العام المقبل عام صعب جدا، اذ خلفه خمس سنين من التطاحن، واذا كان يفترض ان ينتهي هذا التطاحن، الا اننا على الارجح، نواجه تتمة لهذه العمليات، بشكل اكثر حدة. يرى خبراء هنا ان الاخطر يتعلق بتوليد بؤر جديدة للصراع، اذ على ما يبدو ان الخارطة، ستشهد انتقالا للنيران الى كيانات اخرى، جراء اشتعالها في كيانات قائمة حاليا، وهذا سوف يعمق من الازمة. برغم ان البعض يعتقد ان المنطقة في طريقها لتسوية ازماتها، الا ان هذا الرأي متفائل، فتسوية الازمات بحاجة الى قرار دولي، والى بيئة سياسية واجتماعية واقتصادية، تساعد على هكذا تسويات، وكل هذه العناصر غائبة، بل ان بعض القائم منها، في طريقه للغياب. حتى نقرأ العام الجديد، علينا بحياد تام، ان نفهم ان ترحيل الازمات من العام الحالي الى العام المقبل، سيؤدي الى اعادة جدولتها، لكن بفوائد سياسية وامنية اكثر، وكلف قد لا يحتملها كثيرون.

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news