jo24_banner
jo24_banner

العمارة المستدامة واساليب بناء رفيقة بالبيئة محاضرة لـ م محمد علي الدغليس

العمارة المستدامة واساليب بناء رفيقة بالبيئة محاضرة لـ م محمد علي الدغليس
جو 24 :

قدم  المهندس المعماري محمد علي الدغليس محاضرة في منتدى الرواد الكبار  بعنوان  العمارة المستدامة (( الخضراء )) واساليب بناء رفيقة بالبيئة، للحديث عن اساليب العمارة الخضراء. 

وتاليا نص المحاضرة 

من منا لا يتذكر بحنين منازل الحجر الطبيعي والطين ذات الجدران السميكة والعقود العالية والسقوف المقببة والتلاصق الحميم تجمعها حارات تضيق وتتسع بتناغم بديع . والتي كانت الى عهد قريب موئلنا في المدن والارياف في الاغوار واطراف البوادي في الاردن وفلسطين وفي الدول العربية المحيطة في السعودية والخليج العربي وفي سوريا وخصوصا البيوت الطينية ذات الطابع الخاص في الجزيرة السورية والاغوار والبوادي والارياف .

فالقبة والقبو والسقف العالي يلطف الحرارة الداخلية للمنزل بسبب الهواء الساكن في اعلاه بعكس بيوت الباطون المستوية السقف وقليلة الارتفاع التي تشع حرارة مزعجة في الصيف وبرودة قارصة في الشتاء مما يرفع تكلفة معالجة هذه التقلبات باجهزة ميكانيكية ومحروقات وكهرباء ومصاريف مؤذية ماديا وصحيا.

كما ان تلاصق البيوت وسماكات جدرانها وارتفاع شبابيكها وضيق الحارات بينها يخفف كثيرا من تقلبات الطقس صيفا وشتاء – فالحارات التي تغطيها ظلال البيوت تخلق تيارات هوائية باردة بين المنازل صيفا وتتسع احيانا لتصبح مجالس محضونة ودافئة شتاء مما ينعكس على بيئة الساكنين وعلاقاتهم الحميمة وتعميق المحبة والتعاون بينهم.

كانت تلك البيوت الجميلة تحاكي الجبال والكثبان المحيطة بها وتنبت من طبيعتها وتربتها وحجارتها .. وتنسجم تماما مع بيئتها ومناخها ودفء العلاقة بين ساكنيها .
هذه المواصفة بكل بساطة تتواءم مع التعريف الحديث للعمارة المستدامة او العمارة الخضراء وتطبيقات مبكرة لمفهوم العمارة التي نحن بصدد الحديث عنها.

تعريف العمارة المستدامة او العمارة الخضراء

هو مصطلح يطلق على المباني التي تحترم في تصميمها ومواد بنائها البيئة والمناخ وتقليل استخدام الطاقة الصناعية وعدم استهلاك المواد والموارد الطبيعية والتقليل ما امكن من التاثير السلبي على البيئة وعدم التنافر مع الطبيعة والاستفادة من اعادة تدوير مخلفات الموارد الحياتية . والمحافظة على قدر من الثروات للاجيال المقبلة .

نظرة على تاريخ العمارة

حاول الانسان منذ فجر التاريخ التاقلم مع بيئته .. وذلك باستخدام المواد المتاحة في البيئة المحلية ابتداء بطرق استخدام هذه المواد وانتهاء بالتعامل مع عناصر البيئة من الامطار والرياح والحرارة وضوء الشمس وغيرها ..والامثلة كثيرة فمن المغارة الى الخيمة الى بيوت الطين والعرائش الى بيوت الحجر الطبيعي ونحت المعابد والاوابد في الصخر وتوجيهها بما يتناسب مع البيئة والظروف الطبيعية .

وفي عمارة منطقتنا العديد من المعالجات البيئية الرائعة كاستخدام القباب والاقبية وملاقف الهواء والافنية الداخلية يتوسطها البحرة ( عنصر مائي ) والتظليل والاخشاب في المشربيات والمعرشات والاشجار دائمة الخضرة .وبقيت هذه الحلول سائدة على مر العصور في كل زمان ومكان ولم يتجاهل الانسان بيئته والتاقلم مع عناصرها .. الى ان قامت الثورة الصناعية فقلبت الموازين.

لقد كان للتقدم الصناعي المذهل الذي يشهده العالم والنمو السكاني المتعاظم آثار خطيرة على البيئة والطبيعية ..من استهلاك وتدمير ما على هذا الكوكب من غابات وانهار وموارد طبيعية وتلويث متنامي على الجو والهواء .. مما تسبب في كوارث طبيعية يمر بها العالم ومنها ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع حرارة الارض وارتفاع مستوى سطح البحر وتدمير طبقة الاوزون الحافظة لسكان الارض من الاشعاعات الكونية الضارة .. هذا بالاضافة الى التلوث البصري والبيئي ( كما حدث في غيمة الدخان فوق مدينة القاهرة ) وانعكاس ذلك على صحة الناس وقدرتهم الانتاجية والابداعية .

مباديء وخصائص العمارة المستدامة ( الخضراء )

اولا :- التكيف مع المناخ – وذلك بمحاولة الحماية من سلطته وايجاد جو داخلي ملائم لراحة الانسان وصحته.

ثانيا :- الحفاظ على الطاقة . بتقليل الاعتماد على الوقود الاحفوري والاستفادة القصوى من الموارد والطاقات المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح والامواج والمساقط المائية وغيرها .

ثالثا :- التقليل من استخدام المواد الجديدة المصنعة والاستعاضة عنها باستعمال المواد الطبيعية المتوفرة في الموقع والصديقة للانسان ..واعادة تدوير الفضلات والمخلفات الزراعية واستعمالها في البناء ..بدلا من حرقها واتلافها .

رابعا :- احترام المحيط والنسيج العام للموقع المنشأ فيه المبنى –بحيث لا يؤثر سلبا عليه ولا يعمل على احداث تغييرات جوهرية في معالم الموقع . واذا تم ازالته لا يترك اثرا سيئا ويعود الموقع كسابق حالته قبل البناء عليه .

خامسا :- خفض تكاليف الانشاء والصيانة ونفقات التشغيل .

معايير عالمية للابنية الخضراء والابنية المريضة :-

• الابنية المريضة ( وهي عكس الابنية الخضراء ) هي الابنية التي تستهلك اكبر قدر من الطاقة الذي يتسبب في الاعتماد على التكييف الاصطناعي واهمال التهوية الطبيعية والاعتماد على الانارة الصناعية بدل اشعة الشمس .
حيث ثبت علميا ان الاعتماد على الانارة الصناعية لفترات طويلة يتسبب في حدوث اضرار جسيمة على صحة الانسان على المستويين النفسي والبدني . مصابيح الفلورسنت وذبذباتها تعتبر في مقدمة الاسباب المرجحة لاعراض الاكتئآب والاعياء والصداع والارق .
• الموظفون الذين يتعرضون للاضاءة الطبيعية والذين تتوفر لهم اطلالة على مناطق طبيعية من مكاتبهم اظهروا رضى اكبر تجاه العمل وكانوا اقل اجهادا واوفر انتاجية واقل تغيبا عن العمل ..وهذا ينطبق على المراكز التجارية والمدارس وغيرها .
• منذ عام 2000م تم تطبيق نظام ( LEED ) في امريكا.
(leadership in Energy and Environmental Design )
والآن يتم منح شهادة ( LEED ) للمشاريع المنجزة في تطبيقات العمارة المستدامة الخضراء في الولايات المتحدة الامريكية .. والتي توفي الطاقة والمياه والسلامة الداخلية.

امثلة عالمية على العمارة الخضراء

نحن في هذه المنطقة احوج ما نكون الى تطبيقات معايير العمارة الخضراء المستدامة نظرا لمحدودية مواردنا وشمسنا المشرقة وحرارتها ووهجها الذي يفوق معدلات سطوعها في الدول الصناعية المتقدمة ..هذا يعني وجود فرصة ذهبية لتوظيفها كمصدر بديل لانتاج الطاقة.

يوجد في الدول الصناعية الكبرى العديد من المباني التي تجسد مفهوم العمارة المستدامة ..ومن الامثلة على ذلك :-

1. برج ( ( Conde Nastالمكون من 48 طابقا في ساحة التايمز بنيويورك – وقد استعملت فيه جميع التقنيات لتوفير الطاقة – فقد استعمل في واجهاته الخارجية نوعية خاصة من الزجاج تسمح بدخول ضوء الشمس الطبيعي وتبقى الحرارة والاشعة فوق البنفسجية خارج المبنى .. وتقلل من فقدان الحرارة الداخلية شتاء بالاضافة الى خلايا الغاز الطبيعي تزودان المبنى كامل بالطاقة الكهربائية . واستخدمت الخلايا الشمسية لتزويد المبنى بالماء الحار والتدفئة .. واجهزة التكييف تعمل على مولدات غاز على السطح .. وتزويده بحساسات حركة تتحكم بالمراوح واطفاء الاضاءة في المناطق قليلية الاستخدام والسلالم .. وكانت النتيجة النهائية ان هذا المبنى يستهلك طاقة اقل بنسبة( 35 – 40 %) مقارنة باي مبنى تقليدي مماثل .

2. برج ( the Swiss Re tower ) في احد شوارع لندن ومكون من 41 طابقا – يتميز هذا المبنى بكفاءته العالية في استهلاك الطاقة – فهو مصمم بطريقة يحقق معها توفيرا متوقعا في استهلاك الطاقة يصل الى 50 % من اجمالي ما تستهلكه بناية تقليدية مماثلة وذلك باستعمال الاضاءة والتهوية الطبيعيتين كل ما امكن لذلك .. حيث تتكون الواجهات الخارجية من طبقتين من الزجاج الخارجية منها مزدوجة والطبقتان تحيطان بتجويف مهوى بالستائر الموجهه بالحاسب الآلي.
وهو مزود بنظام حساسات خارجية لقياس سرعة الرياح ودرجات الحرارة ومستوى اشعة الشمس ويقوم الحاسوب بغلق الستائر وفتح لوحات النوافذ عند الحاجة . والمبنى مصمم بحيث يزيد من استعمال الضوء الطبيعي نهارا – ويتيح مشاهدة مناظر خارجية طبيعية حتى لمن هم في عمق المبنى .

3. والآن يتم تصميم مبنى اخضر اكثر شهرة ..سيتم بناءه في الموقع السابق لمبنى التجارة العالمي في نيويورك والذي سيرتفع الى حوالي ( 600 ) م.


وبناء على ما تقدم . وحيث انه يتعذر علي الاطالة عليكم اكثر من هذا .فانه يسرني ان اقدم لكم مثالين فقط . عملت عليهما بحثا و تطبيقا على ارض الواقع وهما :

البناء بواسطة بالات القش و الطين و اكياس الرمل و الطين و اغنائها بملاقف الهواء

بالات ( حزم ) القش

تعمل بالات القش من العيدان المتروكة و المهدرة بعد حصاد القمح او الارز او القطن او القصيب و غيرها , بحيث تحزم هذه العيدان و تضغط بشكل مكعبات بابعاد مختلفة اكثرها شيوعا ( 40*60*120 ) سم . وعلى شكل طوبة كبيرة خالية من الرطوبة . يتم بناءها فوق بعضها بسهولة و يسر في جدران المبنى بعد وضع حلوق الابواب و الشبابيك ضمنها مسبقا و تثبيتها جيدا . وعلى ارضية بلاطة من الاسمنت المسلح بشكل خفيف بدون حفريات او قواعد نتيجة لخفة وزنها . و لابعادها عن رطوبة الارض . بعد الانتهاء من الجدران يوضع فوقها سلم من الخشب او الحديد الخفيف كجسر رابط يتم تحميل عراضات السقف عليه و التي هي عبارة عن جذوع اشجار او تيوبات حديد و هذه السقوف اما ان تغطى بسعف النخيل و فوقها بالات من القش او اعواد من القصيب او الخيزران حسب موقع البناء . ويكون السقف اما مائلا او على شكل قبو او قبة حتى لا تتجمع مياه الامطار عليه .
عند الانتهاء من بناء الجدران و السقوف يتم قصارة ( لباسة ) الجدران و السقف بالطين الابيض المخلوط مع التبن او القصل و بسماكة من 5-7 سم . ويمكن تقوية هذه القصارة بشبك من اسلاك الدجاج بينها و بين جدران القش .

ويمكن تلبيس الجدران باية مادة طبيعية مثل الحجر القشرة الطبيعي . وذلك لبعض العناصر الجمالية في المبنى . او دهانها بمواد حافظة من الرطوبة و التاكل .

وقد حصل اول منزل صرح له بالبناء بحزم القش على ضمان و تحويل بنكي عام 1991 بولاية نيومكسيكو . لعائلة قام افرادها ببناء منزلهم بانفسهم على النمط المعماري الذي يناسبهم . و بعد ذلك انتشرت مباني عديدة في ولاية اريزونا من جدران حاملة من بالات القش بعد تقويتها بقضبان من الخشب او الحديد و منحت الجهات الرسمية تراخيص لاي بناء من بالات القش دون اي تردد لمواجهة الطلب المرتفع على هذا النوع من المباني لاعتبارات متعددة اهمها :
1- مقاومة الزلازل . و ذلك لمرونة المواد المستعملة في البناء .
2- مقاومة الحرارة في المناطق الصحراوية . لعزلها بسماكة جدرانها .
3- لهذه المباني قيم جمالية نتيجة لسماكات الجدران و الانحناءات و السقوف المتنوعة و سهولة التعديل على البناء ان لزم ذلك .
4- قلة تكلفة البناء . حيث لا لزوم لمواد خاصة مصنعة و لا لزوم لايدي عاملة ماهرة و لا آلات و معدات معقدة للبناء .
5- ظروف الحياة المعيارية الصحية لساكني هذه البيوت . حيث انها مكونة من الطين الذي هو من مكونات جسم الانسان . و لا يفرز مواد كيماوية سامة كما يحصل في بعض مواد البناء الحديثة .
6- صداقتها للبيئة. حيث التخلص من المخلفات الزراعية بطريقة غير ضارة : كالحرق او الدفن في الارض حيث تحدث تلوث كبير للجو و اشباعه بغاز ثاني اكسيد الكربون و تؤثر في نشاط التربة البيولوجي في حال تركها تتعفن فيها .

من الامثلة الناجحة التي تم بناءها ببالات القش و الطين في المناطق الحارة من المملكة العربية السعودية ( منطقة الغاط ) فقد صممت و شهدت انشاء مركز ثقافي و هو عبارة عن مكتبة عامة ملحق بها مسجد و توابع اخرى . و بالطين تم بناء بعض بيوت النخبة في منطقة الرياض و جميع ملحقاتها و تنسيق حدائقها و اسوارها من مادة الطين المتوفرة في الموقع .

ملاقف الهواء

ان فكرة ملاقف الهواء معروفة منذ القدم في المناطق الصحراوية الحارة . و الشواهد على ذلك كثيرة في جزيرة العرب و الخليج العربي و الشرق الاوسط لم لها من قيمة مناخية عظيمة . و تلطيف للهواء الداخلي للبناء و فنائه . حتى اصبح ملقف الهواء عنصر اساسي في تصميم بعض المباني . و اذا تم تنفيذه حسب الاصول و الدراسات الحديثة و تزويد شبابيكه بالقش المبلل فانه يغني عن استعمال المكيفات الصناعية . و قد اثبت جدارة عالية في تبريد بعض الاماكن العامة المفتوحة مثل المساجد و الساحات و المدارس و حتى الفنادق . كما هو موجود حاليا في مسجد و فندق و مدرسة في مدينة سكاكا السعودية . حيث ان المسجد يتسع لاكثر من الف مصلي و يمتلئ بالمصلين يوم الجمعة و لا ترتفع درجة حرارته الداخلية اكثر من 25 درجة مئوية في اكثر ايام السنة حرارة . و ذلك بعد تزويده بستة ابراج من ملاقف الهواء على محيطه الخارجي . و هذا لمسته شخصيا بنفسي و نفذته في مدرسة الرحمانية و الاعدادية . و ايضا في بيت احد المسؤولين في الرياض لتبريد حديقة بمساحة (1500 م2 ) و فيها بركة سباحة و محاطة بسور عالي و قد اصبح الجو الداخلي لهذه الحديقة شبيها باجواء بلاد الشام في اكثر ايام الصيف حرارة .


الافنية الداخلية
من ميزات البيت البيئي الفناء الوسطي و هو بيت شاع في المنطقة العربية لما له من ميزات . اذ يؤمن خصوصية لساكنيه و من الناحية المناخية قد يكون الفناء الداخلي مصدر تدفئة للمنزل ايام الشتاء و مصدر تبريد و راحة و استجمام ايام الصيف و لياليه خصوصا عند اغنائه بملاقف الهواء وتظليله بالمعرشات وزراعته بالاشجار دائمة الخضرة كالحرجية او الصحراوية . واضافة عنصر مائي في وسطه او احد جوانبه .

البناء باكياس الرمل الطيني المبلل

حيث لا يلزم قواعد ولا اساسات ..يتم حفر خندق بعمق 40 سم على محيط المبنى وتحت الجدران التي يتم تنفيذها بواسطة كيس يشبه كيس الطحين ولكنه متصل يتم ملئة بالتراب المبلل ومن ثم يتم دك كل مدماك منه دكا جيدا بحيث يصبح سماكة الجدران حوالي 50سم ..واثناء البناء توضع حلوق الابواب والشبابيك وفتحات للتهوية وبعد ارتفاع معين تميل الجدران الى الداخل حتى تشكل في نهايتها قبة او قبو ويعمل في اعلاها فتحة سماوية تغطى بالزجاج وفتحات تهوية علوية . وبعد ان تجف الجدران جيدا يتم ازالة قماش الاكياس ويتم قصارتها بالطين المخلوط بالتبن وتعالج بدهان اسمنتي مقاوم للعوامل الجوية ابيض او ملون ..وهذه الجدران قوية جدا ولا يخترقها الرصاص وعازلة جيدا للحرارة ولطيفة جدا من الداخل والخارج ..وسريعة التنفيذ ولا يدخل في بناءها اية مادة غير طبيعية .
ومثال على ذلك قمنا بتنفيذ مبنى الحراسة امام فندق الاند مارك في عمان وتم عمل الاسوار واحواض الزهور والمقاعد الداخلية من نفس المادة وبنفس الطريقة .
الخلاصة
حيث ان العمارة الخضراء ليست ترفا فكريا –بل ضرورة تطبيقه في حاضرنا ومستقبلنا ..فعلينا الاهتمام بالتعليم المعماري الهندسي في جامعاتنا بحيث تصبح كليات العمارة والهندسة الحاضنة الاساسية لتوجه العمارة الخضراء والمستدامة والتوعية والتثقيف المجتمعي لدعم هذا التوجه وتطبيقه لما له من تأثير عميق على الارتباط بين التنمية الاقتصادية والبيئية .
شاكرا حضوركم وحسن اصغائكم واعرض امامكم بعض الصور للمشاريع المنفذة بالطرق التي تم شرحها امامكم ..مع احترامي


- مثال قائم لاول مبنى تم تنفيذه ببالات القش والطين في منطقة الغاط بالسعودية. - مكتبة الرحمانية
هي اول مشروع تم تنفيذه بمواد طبيعية مكوناتها الخشب والقش والطين .. وضع تصميمها المهندس محمد الدغليس وقد تم تنفيذ المشروع في عام 1997 م .


اعتمد في تصميم مبنى المكتبة الفريد من نوعه على البيئة الريفية وسط اشجار النخيل فظهرت بطابع نجدي واضح المعالم بمبانيها الطينية واقواسها المحلية ومسجدها المصلى المفتوح على الفناء وجمعت المكتبة مع الاصالة الاستعداد للتجربة والتجديد اضافة الى استعمال وسائل التبريد بواسطة ملاقف الهواء بالتقنية الحديثة، وتتكون من مبنى المكتبة والمسجد وصالة تستخدم للنشاطات الثقافية المختلفة اضافة الى قسم الاطفال عبارة عن جناح خاص بالاطفال تتوافر فيه الكتب والدوريات والمواد التربوية والتعليمية المناسبة لهم، ويرتبط المسجد بالمكتبة من خلال رواق مغطى وكانت مواد انشاء هذه المكتبة مواد طبيعية اكثرها من البيئة المحلية مثل الخشب والجريد والقش والطين واستغرق انشاء هذا المشروع ما يقارب العامين.


وتشرف المكتبة على حديقة خاصة بها تتكون من مسطحات خضراء واشجار الظل ونافورة مياه جارية في جنبات الحديقة تنتهي ببستان النخيل المحيط بها وروعي في تصميم المكتبة والحديقة عدم اقامة سور لهما حتى تكون واجهة متميزة ولتكون زيارتها متاحة دائماً. وتعد مكتبة الرحمانية نموذجاً للعمل الخيري في مجال تأسيس المكتبات العامة غير الحكومية ويقدم هذا النموذج الأمير عبدالرحمن السديري إيماناً منه بأن المكتبات هي ذاكرة الأمم والشعوب وروافد مهمة للعلم والمعرفة والدراسات والبحث العلمي.

أسلوب العمارة
إن كافة مواد الإنشاء الرئيسية في مركز الرحمانية الثقافي هي مواد طبيعية، وأكثرها من البيئة المحلية بما في ذلك مكعّبات القش (50×50×100 سم) كوحدة أساسية لبناء الجدران وغطاء الطين وسعف النخيل؛ الجريد، والأخشاب في الجدران والأسقف.
وحجر الغاط في الأبراج الني تستخدم في تبريد جميع مرافق المركز بالهواء الطبيعي المرطب وجميع هذه المواد سهلة الاستخدام مطواعة للتشكيل ولا تحتاج إلى خبرات معقّدة إذ يتعامل سكان المنطقة مع أكثرها وقد ألفوا استخدامها منذ القدم.


منزل في المملكة العربية السعودية :-
نلجأ للبناء بواسطة الطين وذلك لانه الخيار المفضل والمناسب لبيئة الحضارة الجافة والحارة ولكن يعتقد البعض ان المبنى لا يكون حديثا ومتطورا الا اذا بني من الاسمنت او الحجارة وليس الطين.
وينظر البعض الى الحداثة الى انها نبذ البناء الطيني ونبذ التصميم المحلي ولكن هذا الامر ليس له علاقة بالحداثة والتطور . فالبناء تحدده عدة عوامل منها البيئة والمنطقة الجغرافية الذي يتواجد بها وبالتالي يعتبر الطين افضل مادة في البيئة الصحراوية الجافة لذلك اعتمدته شعوب المناطق الصحراوية على امتداد العالم الاسلامي من المغرب غربا الى افغانستان شرقا .
الحداثة والابداع هي عصرنة مباني الطين وانتاج تصاميم رائعة وراقية وتناسب بيئتنا ..وعدم اللجوء الى مباني خارجة عن بيئتنا ومن مواد مستعارة من الاخرين .


ان تصميم البيوت بالسعودية يجب ان ياخذ عامل المنطقة الجغرافية والمواد الموجودة بالاضافة الى المناخ .. يجب استخدام مواد تخدم العمارة المستدامة وتقلل من استخدام الطاقة .
في منزل الشيخ زياد السديري روعي استخدام مادة الطين الذي يعتبر مادة مجانية موجودة في موقع التنفيذ .. وهذا يؤدي الى خلق مباني تحاكي البيئة وغير خارجة عن المنطقة بالاضافة الى انها تقلل من استخدام المواد الحديثة التي تسبب التلوث للبيئة ولا تتحاكى مع الوضع المناخي في السعودية .
تم استخدام عناصر التبريد للفناء الداخلي مثل ملاقف الهواء والتي تبرد الفراغات الداخلية بالاضافة للخارجية من حدائق وحوش.. لان الملاقف تبرد داخل وخارج المبنى فهي حل مثالي لمناطق البيئة الصحراوية والجافة. .الفناءات الداخلية تحتفظ بخصوصيتها وهناك تدرج في الخصوصية وكلها مفتوحة على حوش داخلي يضمن لها التهوية والانارة الطبيعية المميزة .. تم دراسة المداخل ايضا فكان هناك مدخلان منفصلان بالاضافة لجلسة خارجية للرجال .. المواد الطبيعية للمبنى تم زخرفتكا واضافة الحجارة في اجزاء من المبنى لتعطي جمالية كبيرة للمبنى ..هذه المواد الطبيعية المكونة من الطين وبالات القش في الجدران لسماكتها وفراغات الهواء بين مكوناتها تعمل عزل كبير ان كان صوتي اوحراري في جميع المواد المستخدمة في البناء.

اقيم هذا المبنى امام فندق لاندمارك في العاصمة الاردنية عمان وكان يمثل هذا المشروع مبنى امني لمراقبة حركة السيارات الداخلة والخارجة الى مواقف الفندق.الدراسة الاولية كانت تشير الى بناء مبنيين مختلفين من الطين على المدخلين المؤديان الى الفندق احداهما نصف قبة والمبنى الاخر عبارة عن قبة كاملة ( وهو الذي تم تنفيذه سابقا ).


هذه القبة قطرها 3 امتار او مايزيد على ذلك قليلا .. كان لها اربع شبابيك وفتحات تهوية واعلى القبة عبارة عن skylight . يمثل المبنى شمعة جميلة في عمان .. وكان لبنائه صدى كبير لما له من مميزات .. فهو مبنى سريع البناء ويعطي شكل جميل ..بالاضافة لمقاومته الكبيرة للعوامل الجوية وتكلفته القليلة .

لقد بدا العمل في المشروع يوم 2-1-2011 م وقد بني بطريقة الاكياس المملوءة بالطين والمدكوكة بشكل جيد .. وهذه الجدران قوية لا يخترقها الرصاص.. وعملنا بداخل القبة كراسي للجلوس من الطين نفسه .. بالاضافة لاغنائها جماليا بعد تلوينها بالدهان الابيض عند الفتحات والداخل .
بعد ذلك تمت دراسة المكان المحيط بالقبة الطينية من احواض زراعة لاعطاء نفس الروح .. فكان للمشروع متابعة كبيرة من مجلات وبعض الاذاعات والقنوات التلفزيونية .. ويعبر المبنى عن سابقة رائعة في مدخل الفنادق.

لقد تم البناء بعدة مراحل بدء بعمل قاعدة للقبة ومن ثم تم رفع الجدران بطريقة لف الاكياس المملوءة بالرمل ومن ثم تمت قصارتها وتلوينها واخيرا عزلها .. للوصول الى هذا الشكل البديع .. وقد تكون مثل هذه القبب موجودة كصراف الي او نقاط تفتيش للشرطة وغيرها.

يقوم مكتبنا حاليا بعمل العديد من الدراسات والاسكتشات لمشاريع مختلفة منها السكني ومنها السياحي .. ودراسة مدى ملائمة مثل هذه المشاريع وفعاليتها .. فقد توصلنا الى ان هذه المباني المقامة بالطين لها ديمومة كبيرة وسهلة البناء كثيرا ولا تحتاج الى معدات كبيرة وآليات كبيرة لبنائها .. بالاضافة لوفرتها الاقتصادية عن المباني الاخرى .. ومدى جماليتها واستخدامها لمواد تحاكي البيئة .. وتم التوصل بالنهاية الى ان مناطق وادي رم والبتراء والعقبة مناطق مناسبة جدا لمثل هذه المشاريع.

- دراسات اولية لمباني بيوت سكنية مقترحة للتنفيذ بواسطة بالات القش و الطين.
قام مكتب المهندس محمد الدغليس بعمل دراسة خاصة بمباني الطين و بالات القش .. وقد ساهم في الدراسة المهندسين في المكتب من المعماريين والانشائيين.. وحيث هدفت الدراسة الوصول الى نتائج اجابية وتحسين قدرة المباني الطينية المعزولة ببالات القش من حيث الدعامة والعزل والتوزيع الوظيفي المريح .. بالاضافة للشكل الجذاب للمبنى .. ومعرفة مدى تقبل الناس لمثل هذه المباني .. وملائمة المباني للطبيعة والمناخ في الاردن .
لقد شملت الدراسة على ثلاث مراحل مختلفة من حيث مساحة المبنى والفراغات الموجودة به .. واسلوب البناء ..لتلبي كافة الاحتياجات الازمة لبناء بيوت الطين والقش وفيما يلي شرح كامل لهذه المراحل :
المرحلة الاولى
وتنقسم الى جزئين:
1. ايجاد حلول لثلاث مباني مختلفة تبنى من بالات القش والطين تزيد مساحاتها بزيادة عدد افراد العائلة .. اولها يحتوي على غرفة نوم واحدة .. والثاني يحتوي على غرفتين نوم .. والثالث يحتوي على ثلاث غرف نوم.. روعي في جميع الحلول جمالية المنزل والاستخدام الامثل للفراغات وقد استخدم في التشكيل الخارجي عنصر القبة و برلل فولت .

2. محاولة عمل تجمعات من هذه المنازل ودراسة مدى القدرة على ايجاد فراغات تفاعلية فيما بينها بالاضافة لدراسة جدواها الاقتصادية والمنظر الرائع الذي توفره هذه التشكيلات.


المرحلة الثانية

وتنقسم الى جزئين:
1- ايجاد حلول لمباني مبنية بواسطة الطين بالاستفادة من مراجع وبيوت الطين التي تبنى حول العالم ومميزاتها وطريقة بنائها .. مثل لف اكياس مملوءة بالرمل ودكها .. كما كان في مشروع لاندمارك.. او بنائها بواسطة بالات القش والطين .. وقد قسمت لثلاث مباني تم التركيز على شكل القبة .. فالمبنى الاول هو عبارة عن قبة ذات فراغ واحد .. المبنى الثاني عبارة عن ايكو دوم ( قبة مع قبب صغيرة مرفقة ) .. والثالث تون دوم ( وهي قبتين رئيسيتين مع قبب مرفقة) .

2- محاولة عمل تجمعات من هذه المنازل ودراسة مدى القدرة على ايجاد فراغات تفاعلية فيما بينها بالاضافة لدراسة جدواها الاقتصادية والمنظر الرائع الذي توفره هذه التشكيلات.

المرحلة الثالثة
ايجاد مباني كبيرة باستخدام تقنيات البناء بواسطة بالات القش والطين باشكال ومساحات مختلفة .. بمزج بين القبة والبرلل وغيرها .. واستخدام تقنيات التبريد الطبيعي لتبريد الفراغات بشكل رائع ويظهر ذلك جليا في المشاريع التي نفذت في السعودية ( كمشاريع المدارس المختلفة + مشروع الرحمانية ).


العمارة فن يؤرخ لوعي الشعوب ويكرس مفاهيم التعامل مع البيئة .. وظروف العناصر الطبيعية .. وبيوت الطين دلالة على التعامل الامثل خصوصا الى البيئة الصحراوية بسبب قدرتها على العزل فهي تقي حر الصيف وتحمي من برد الشتاء .. والذي يكون قارس في الليالي الصحراوية.
لقد جمعت هذه الفئة من البيوت جميع العناصر المعمارية المريحة من العناصر الوظيفية والجمالية والبيئية والاقتصادية .. فهية بالاضافة الى تركيزها على المواد الطبيعية واستخدامها .. فهية مباني جميلة الشكل .. وهناك تدرج وظيفي اخاذ .. وخصوصية للفراغات .. وهناك دراسة لعلاقة المبنى مع المحيط ودراسة عمل حوش داخلي يخدم هذه المنازل ويفعل العلاقة بينها وبين الخارج.

احدى الامثلة على المرحلة الثالثة :-
الوصول الى الحل الامثل .. الجمع بين الحادثة والتطور والتقليل من استخدام الطاقة .. الوصول الى منظر جمالي رائع وحل وظيفي مثالي .. هي رغبة كل من يريد بناء منزل .. ان هذا المشروع يحقق جميع ذلك ..
لقد اضيفت فراغات داخل المبنى لزيادة الرفاهية .. والمحافظة على حوش داخلى يمثل الرئة التي يتنفس بها المبنى ..
مدخل رئيسي مهيب يؤدي الى صالون رجال بابعاد انسانية .. ويؤدي المدخل الرئيسي ايضا الى مكان الطعام المرفق بالمغاسل والحمامات الخاصة به .. مدخل اخر للوصول الى صالون النساء .. المبنى يتنفس من منطقة وسطية نموذجية من حيث وجود الحوش الذي يتوسطه ملقف هواء يعمل على تبريد منطقة الصالونات والمعيشة ..

التدرج بالخصوصية مميز بالمشروع فالمنطقة الخلفية لها خصوصية وبعيدة عن المنطقة الامامية وتحتوي على ثلاث غرف نوم وبيت درج يربط الطابق الارضي بالاول .. المطبخ وسطي وقريب من منطقة الطعام والمعيشة .. المبنى مدروس من حيث التهوية .. دراسة كراج السيارة وسكن الحارس او السائق بالاضافة للخادمات.


تيراسات من كافة الاتجاهات .. علاقة رائعة بين الداخل والخارج .. جميع الفراغات منارة بانارة طبيعية والفتحات مدروسة وحركة الهواء داخل المنزل ايضا.


الواجهة تعكس شكل العمارة التقليدية الخاصة بمنطقتنا وهي جميلة وتعكس ايضا الحداثة والتدرج الحاصل في التشكيل العام والتراجع في الطابق الاول تضفي على المشروع تكتيل مدروس جميل من كافة الاتجاهات.

 

 

 

 

 

 

تابعو الأردن 24 على google news