ما سر المادة (٥) من قانون الاقامة؟
كتب محرر الشؤون المحلية - وافق مجلس النواب بجلسته التي عقدت يوم الثلاثاء باغلبية 84 صوتا على تعديل المادة ٥ في قانون الاقامة وشؤون الاجانب الاصلي الذي يمنح وزير الداخلية صلاحية السماح بدخول الأجانب من اي مكان يعتمده وبالطريقة التي يقررها . وذلك باطلاق العبارة دون اي قيد او شرط او محدد ..هي صلاحية مطلقة للوزير منحت من قبل نواب الامة بنص القانون ..
رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، برر الامر بقوله : ان الدولة تستقبل مندوبين لرؤساء دول واجهزة تقتضي مهمتهم السرية ودون التسجيل في نقاط الحدود ، لافتا الى ان التعديل مهم ويعهد ذلك الى وزير الداخلية الذي يمارس مجلس النواب الرقابة عليه . وطبعا لم يأخذ النواب غلوة ، فوافقوا على النص باغلبية ٨٤ صوتا ، وانقضى الامر ..
المزعج في الامر ،هو التبرير نفسه ،فلماذا يود اي شخص كائن من كان ان يأتي الينا دون تسجيل لدى نقاط الحدود في الظروف الطبيعية ؟ وهذا ايضا ينسحب على اولئك الذين يرغبون بان تكون زيارتهم للاردن سرية وغير معلنة ، ما علاقة التسجيل لدى النقاط الحدودية بسرية الزيارة من عدمها ؟ وخاصة ان هذه المعلومات لا تخرج عن الدوائر الامنية التي تسجل عمليات الدخول والخروج ،وتضبط هذه المسألة ، ناهيك عن انه لا يوجد من يستطيع ان ينفذ الى البيانات دون موافقتها وعلمها ،فبإمكانها اخفاء البيانات الخاصة بالزائر الخفي ، كون المصلحة العامة تقتضي ذلك، وبذلك تتحقق الغاية من السرية دون وضع نص تشريعي يعطي حقا مطلقا لشخص بعينه لدخال من يريد بالعدد الذي يريد و من المكان الذي يريد وبالوقت الذي يريد دون قيد او شرط .
ثم هل سبق وان انكشفت في الاردن تفاصيل الزيارات السرية التي يقوم بها قادة بعض الدول او ضباط مخابراتهم او مبعوثيهم الرسميين ؟ لماذا تنطلي علينا حيلهم في كل مرة ؟ اظن ان الموضوع اكبر من ذلك بكثير ،وان وراء الاكمة ما وراءها ...
السؤال القوي هنا : هل هناك دول اخرى في العالم المتقدم او المتأخر او ما بينهما تعطي هذا الحق لاي مسؤول فيها مهما علا شأنه ؟ واذا كان الجواب بلا ،كيف نقوم نحن بذلك !
دعونا نسأل انفسنا ايضا : الا يعطي نص المادة الخامسة من قانون الاقامة - قيد التعديل- الحق للوزير بادخال الارهابيين مثلا ؟ المهربين؟ المحتالين ؟ المتاجرين بالرقيق الابيض ؟مبيضي الاموال ؟ القتلة؟ السفلة؟ شذاذ الافاق ؟ المطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية ؟ مرتكبي جرائم الحرب؟ تجار المخدرات ؟ اعضاء المافيا ؟ الملاحقين دوليا من قبل الانتربول ؟
ما الذي يمنعه من ذلك ؟ لماذا لم يتضمن النص قيودا تمنع دخول هذه الاصناف من البشر الى المملكة ؟ ما الذي يمنعه على سبيل المثال لا الحصر من ادخال مئة الف لاجئ اخر من مختلف مخيمات اللجوء في المنطقة استنادا الى هذا النص المفتوح غير المقيد، وطبعا بشكل سري و دون ان نعرف او يعرف نواب الامة الذين صادقوا على نص المادة كما جاءت من الحكومة ...
وحتى نوضح الفارق بين المادة الاصلية والتعديل ننشر النص الاصلي للمادة ٥ وهي على النحو التالي : يكون دخول الاجنبي الى المملكة او خروجه منها مشروعا اذا تم عن طريق البر او البحر او الجو من مراكز الحدود او الموانئ او المطارات الاردنية المخصصة لذلك ، وبعد التأشير على جواز سفره او الوثيقة التي تقوم مقامه من موظف الحدود .
الى هنا انتهى النص الاصلي اما تعديل حكومة عبدالله النسور فجاء بتقسيم المادة الخامسة الى الف وباء ، ويصبح رقم المادة الجديد في القانون المعدل هو (٤) ، وعليه تصبح المادة الرابعة من القانون المعدل لقانون ال ١٩٧٣ على النحو التالي :
المادة ٤
أ) يكون دخول الاجنبي الى المملكة او خروجه منها مشروعا اذا تم عن طريق البر او البحر او الجو من مراكز الحدود او الموانئ او المطارات الاردنية المخصصة لذلك ، وبعد التأشير على جواز سفره او الوثيقة التي تقوم مقامه من موظف الحدود (او باي طريقة اخرى يعتمدها الوزير ) .
ب) يمنح وزير الداخلية صلاحية السماح بدخول الأجانب من اي مكان يعتمده وبالطريقة التي يقررها..
وبعد هذه الاضافات فتلاحظون ان التعديلات التي ادخلت على المادة نسفتها تماما والغتها ومنحت الوزير سلطة تقديرية واجرائية مطلقة غير محدد بقانون وبذلك لا ينفذ الوزير نصا محددا من قبل السلطة التشريعية في هذه الحالة وانما لديه كامل الحرية ليقوم بادخال واخراج من يريد بشكل سري او علني و بالاسلوب والطريقة التي يريد..
المهم ان هناك عددا من النواب في جلسة المناقشة نبهوا لخطورة هذه المادة وطالبوا بشطبها وهؤلاء النواب هم : رلى الحروب زكريا الشيخ،هايل ودعان الدعجة،محمود الخرابشة، ولكن للاسف حسمت الاغلبية ومداخلة النسور قول كل خطيب ...
اما التعديل الاخطر المتصل بهذه المادة فهو موجود في المادة ٣٩ من القانون المعدل والتي تسمح للوزير ان يفوض من يريد لممارسة هذه الصلاحية المطلقة ..
دعونا نقرأ نص المادة ٣٩ قبل وبعد التعديل :
المادة ٣٩ قبل التعديل : للوزير ان يفوض كل او بعض اختصاصاته المنصوص عليها في هذا القانون لاي من الموظفين المختصين ..
التعديل الذي ادخلته حكومة عبدالله النسور قسم المادة الى الف وباء :وجاءت على النحو التالي
١) للوزير ان يفوض اي من صلاحياته المنصوص عليها في هذا القانون باستثناء اصدار التعليمات الى اي من الحكام الاداريين او الى المدير او الى اي من ضباط المديرية لا تقل رتبته عن عقيد .
ب) للمدير ان يفوض اي من صلاحياته المنصوص عليها في هذا القانون الى اي من ضباط المديرية والادارة لا تقل رتبه عن مقدم .
بمعنى ان جميع الصلاحيات التي منحت للوزير يمكن ان يقوم وفق التعديلات بتفويضها للمدير والمدير يستطيع ان يفوضها للضباط التبعين له برتبة مقدم فما فوق ..
اذن القصة الان لا تقتصر على صلاحيات تمنح للوزير وانما صلاحيات تمنح لعدد كبير من ضباط ومدراء الوزارة وهذا بحد ذاته يفتح المجال للكثير من الاسئلة والتخوفات ...