لعنة الأمـن والأمـان
ماجد عبدالعزيز غانم
جو 24 : بدأت الحكاية عندما عدت من ديار الأمريكان ، حيث استقبلني بعض الأهل والخلان وقالوا لي الحمد لله أنك عدت إلى وطنك لتنعم بالأمن والأمان ، عادت بي ذاكرتي للوراء قليلا وقلت لهم لقد ذكرتموني به وكدت أنساه أليس هو كلمة السر التي ينام المواطن بسببها وهو جوعان ، قالوا بدهشة عن ماذا تتحدث قلت لهم عن الأمن والأمان الذي أصبح مطية لإفراغ جيب المواطن الغلبان ، لا بل أصبح تعويذة لسلب إرادة الشعب المرهق بالأوجاع والأحزان ، تنطح أحدهم وقال بخبث ما بالك عدت لنغمة الحزن والأحزان ؟ وكنا اعتقدنا بأنك ستعود وقد نسيت هذه الألحان ، أجبته وبحزن وكيف لا أحزن وما زال الأمن والأمان ملجأ لكل مارق وفاسد وجبان , كيف لا أحزن وقد أصبح هذا الشعار طريقا معبدا للفرقة بين الإخوان والخلان ! !
ربتت والدتي على كتفي وقالت يا ولدي لقد تغيرت الأحوال منذ أن غادرتنا ، نظرت إليها بدهشة وقلت يا والدتي لم أطل في غيبتي هما شهران فقط وقد عدت ، ولم أر شيئا تغير للآن فما زال هذا المزعوم بالأمن والأمان مبررا للواسطة والمحسوبية في كل مكان ، ومهربا لطمس الحقائق عن المواطن وحتى عن الأوطان ! لقد أمسى مرضا تحار في علاجه كل مصحات الإدمان !
قام أخي وقال لي قم يا أخي وصل لله ركعتان حمدا له على هذه النعمة التي غادرت كثيرا مما حولنا من أوطان قم وبعدها لنذهب في جولة على الأقدام لأريك كيف أننا ننعم بالحرية التي يتمناها كل العربان ، قلت له كيف تجرأت ونطقتها هذه الحرية ؟ ألا تعلم أن شعار الأمن والأمان لديكم أصبح معجما يفسر كلمة الحرية بالفلتان ، فأي حرية التي تتحدث عنها ؟ هل هي الحرية التي يصبح الأمن والأمان في ظلها بابا للفسق والفجور والعصيان ! هل هي الحرية التي يقام باسمها مهرجان للألوان ! أم الحرية التي يصبح الأمن والأمان تحت ظلالها سبيلا آمنا للظلم والتعسف والطغيان ! اجلس يا ابن أم اجلس فأنا لا أرغب بالخروج من البيت حتى لا أرى الأمن والأمان وقد أصبح قلادة في رقاب الغلمان والخصيان .
وما أن جلس أخي حتى نظر إلي والدي ورمقني بنظرات ملؤها الغضب ولمحت فيها ما ينذر بالطوفان ، وكأني به يقول هذا الولد أتعبني لن يتعلم سيبقى على حاله ثرثارا ويقول كلاما ليس له عنوان ، في هذه اللحظة شعرت بالخجل من نفسي لأنني لمست بأني كنت كالعادة سببا في استفزازه وإيصاله للحالة التي يبقى فيها دائما غضبان ، قمت وجلست بجانبه لأسترضيه وأطيب خاطره قليلا وقلت له يا أبت لا تغضب فأنا لا أحب الثرثرة ولكنه الواقع المؤلم يفرض نفسه علي وعلى كل مواطن هو بوطنه مهان لكنه به ولهان .
ساد الهدوء قليلا حتى خلت بأن والدي قد تفهم الأمر ورضي بما كان ، وما هي إلا لحظات حتى هب والدي وقال ألن تتغير ؟ ألا ترى أنه لم يبق لديك إلا صديقان أحدهما أنت والآخر مثلك دائما تعبان ! ألا يكفي أنك حصلت على وظيفة من الديوان ! ألا يكفي أنك تجد المأكل والمشرب وغيرك لا يجد حتى ما يطعم به الصبيان ! ألم تسمع بمن يموتون من الجوع بعد أن نهشوا كل شيء حولهم ولم تسلم من جوعهم حتى القطط والفئران !
وكعادتي حينما أستفز قلت له يا أبت صدقني ان الأمن والأمان الذي تتحدثون عنه هو مطمع لي مثلكم تماما ولكني لا أريده كما هو الآن طريقا حريريا لإعادة أمجاد العبودية والجواري والقيان ، لا أريده كلمة سحرية يتشدق بها العربان تمهيدا لعودة أبي لهب وعبادة الأوثان ، لا أريده ترنيمة يصدع بها رؤوسنا كل من يدعون أنهم نواب في البرلمان ، هل تعتقد يا والدي بأن الوظيفة والمأكل والمشرب هي مكرمة من إنسان ! لا يا والدي لا هي حق لي ولجميع من يعيشون في الأوطان ،هي مكرمة من إلاه رحمن كرم في كتابه الإنسان ووجب علينا به الإيمان .
نهض والدي ووالدتي وغادرا المكان وهما في حالة لا يحسدهما عليها اثنان ولم يبق حولي إلا صديقا لي وشقيقان ، وبدأ أشقائي يعاتباني على ما قلته أمام والدي ، وبأنه سيبقى مغضوبا علي إذا لم أغير طريقة تفكيري العقيمة بنظرهم ونظر الوالدان ، ورغم أنهم يعرفوني جيدا لكن يبدو أنهم نسوا أنني لا يمكن أن أتغير عندما يتعلق الأمر بالأوطان .
عندها قلت لصديقي تكلم يا صاح ، ما بالك صامتا ؟ ألم تكن تؤمن بما أقوله في سالف الأزمان ؟ أم أن أفكارك تسممت خلال شهران ! وكنت أعلم ما بداخله لكني أردت منه المساندة والدعم في زمان أبى إلا أن يفرق بين الإخوان ، أخيرا نطق صديقي وقال يا إخوان ، هذه المرة قولا لوالديكما بأن أخاكم على حق فالأمن والأمان في هذه الأيام أصبح أهزوجة يتغنى بها كل من يبحث عن مدخل من مداخل الشيطان وأصبح في بعض الأوطان هو الوسيلة الفضلى لإرضاء الفرس والرومان ، وقولا لهما بأن أخاكم لن يتغير إلا عندما يتحول الأمن والأمان من غول يرهب كل من يحلم بالحرية بأمان ويعود واقعا نحياه ونحس به لا شعارا نردده في حضرة الجاه والسلطان .
حاولت جاهدا أن أحشد أفكاري لأكتب شيئا مناسبا يليق بمصطلح الأمن والأمان فلم أجد إلا ما سبق من معان . لذلك إن سألوكم من الذي حرف مصطلح الأمن والأمان قولوا لهم فلان بن علان , وأنا بدوري سأقول لهم لست أنا من كتب هذا إنه ماجد ابن عثمان, اذهبوا فستجدوه نائما في بيته بأمن وأمان ، فهو مريض بوطنه لدرجة الإدمان ، ولكن لا تزعجوه الآن فهو يحلم أنه أكمل أقساط بيته للمتعهد ابو محمد صاحب الفضل والإحسان في زمان غابت فيه كل معاني الأمن والأمان
ودمتم بأمن وأمان
ربتت والدتي على كتفي وقالت يا ولدي لقد تغيرت الأحوال منذ أن غادرتنا ، نظرت إليها بدهشة وقلت يا والدتي لم أطل في غيبتي هما شهران فقط وقد عدت ، ولم أر شيئا تغير للآن فما زال هذا المزعوم بالأمن والأمان مبررا للواسطة والمحسوبية في كل مكان ، ومهربا لطمس الحقائق عن المواطن وحتى عن الأوطان ! لقد أمسى مرضا تحار في علاجه كل مصحات الإدمان !
قام أخي وقال لي قم يا أخي وصل لله ركعتان حمدا له على هذه النعمة التي غادرت كثيرا مما حولنا من أوطان قم وبعدها لنذهب في جولة على الأقدام لأريك كيف أننا ننعم بالحرية التي يتمناها كل العربان ، قلت له كيف تجرأت ونطقتها هذه الحرية ؟ ألا تعلم أن شعار الأمن والأمان لديكم أصبح معجما يفسر كلمة الحرية بالفلتان ، فأي حرية التي تتحدث عنها ؟ هل هي الحرية التي يصبح الأمن والأمان في ظلها بابا للفسق والفجور والعصيان ! هل هي الحرية التي يقام باسمها مهرجان للألوان ! أم الحرية التي يصبح الأمن والأمان تحت ظلالها سبيلا آمنا للظلم والتعسف والطغيان ! اجلس يا ابن أم اجلس فأنا لا أرغب بالخروج من البيت حتى لا أرى الأمن والأمان وقد أصبح قلادة في رقاب الغلمان والخصيان .
وما أن جلس أخي حتى نظر إلي والدي ورمقني بنظرات ملؤها الغضب ولمحت فيها ما ينذر بالطوفان ، وكأني به يقول هذا الولد أتعبني لن يتعلم سيبقى على حاله ثرثارا ويقول كلاما ليس له عنوان ، في هذه اللحظة شعرت بالخجل من نفسي لأنني لمست بأني كنت كالعادة سببا في استفزازه وإيصاله للحالة التي يبقى فيها دائما غضبان ، قمت وجلست بجانبه لأسترضيه وأطيب خاطره قليلا وقلت له يا أبت لا تغضب فأنا لا أحب الثرثرة ولكنه الواقع المؤلم يفرض نفسه علي وعلى كل مواطن هو بوطنه مهان لكنه به ولهان .
ساد الهدوء قليلا حتى خلت بأن والدي قد تفهم الأمر ورضي بما كان ، وما هي إلا لحظات حتى هب والدي وقال ألن تتغير ؟ ألا ترى أنه لم يبق لديك إلا صديقان أحدهما أنت والآخر مثلك دائما تعبان ! ألا يكفي أنك حصلت على وظيفة من الديوان ! ألا يكفي أنك تجد المأكل والمشرب وغيرك لا يجد حتى ما يطعم به الصبيان ! ألم تسمع بمن يموتون من الجوع بعد أن نهشوا كل شيء حولهم ولم تسلم من جوعهم حتى القطط والفئران !
وكعادتي حينما أستفز قلت له يا أبت صدقني ان الأمن والأمان الذي تتحدثون عنه هو مطمع لي مثلكم تماما ولكني لا أريده كما هو الآن طريقا حريريا لإعادة أمجاد العبودية والجواري والقيان ، لا أريده كلمة سحرية يتشدق بها العربان تمهيدا لعودة أبي لهب وعبادة الأوثان ، لا أريده ترنيمة يصدع بها رؤوسنا كل من يدعون أنهم نواب في البرلمان ، هل تعتقد يا والدي بأن الوظيفة والمأكل والمشرب هي مكرمة من إنسان ! لا يا والدي لا هي حق لي ولجميع من يعيشون في الأوطان ،هي مكرمة من إلاه رحمن كرم في كتابه الإنسان ووجب علينا به الإيمان .
نهض والدي ووالدتي وغادرا المكان وهما في حالة لا يحسدهما عليها اثنان ولم يبق حولي إلا صديقا لي وشقيقان ، وبدأ أشقائي يعاتباني على ما قلته أمام والدي ، وبأنه سيبقى مغضوبا علي إذا لم أغير طريقة تفكيري العقيمة بنظرهم ونظر الوالدان ، ورغم أنهم يعرفوني جيدا لكن يبدو أنهم نسوا أنني لا يمكن أن أتغير عندما يتعلق الأمر بالأوطان .
عندها قلت لصديقي تكلم يا صاح ، ما بالك صامتا ؟ ألم تكن تؤمن بما أقوله في سالف الأزمان ؟ أم أن أفكارك تسممت خلال شهران ! وكنت أعلم ما بداخله لكني أردت منه المساندة والدعم في زمان أبى إلا أن يفرق بين الإخوان ، أخيرا نطق صديقي وقال يا إخوان ، هذه المرة قولا لوالديكما بأن أخاكم على حق فالأمن والأمان في هذه الأيام أصبح أهزوجة يتغنى بها كل من يبحث عن مدخل من مداخل الشيطان وأصبح في بعض الأوطان هو الوسيلة الفضلى لإرضاء الفرس والرومان ، وقولا لهما بأن أخاكم لن يتغير إلا عندما يتحول الأمن والأمان من غول يرهب كل من يحلم بالحرية بأمان ويعود واقعا نحياه ونحس به لا شعارا نردده في حضرة الجاه والسلطان .
حاولت جاهدا أن أحشد أفكاري لأكتب شيئا مناسبا يليق بمصطلح الأمن والأمان فلم أجد إلا ما سبق من معان . لذلك إن سألوكم من الذي حرف مصطلح الأمن والأمان قولوا لهم فلان بن علان , وأنا بدوري سأقول لهم لست أنا من كتب هذا إنه ماجد ابن عثمان, اذهبوا فستجدوه نائما في بيته بأمن وأمان ، فهو مريض بوطنه لدرجة الإدمان ، ولكن لا تزعجوه الآن فهو يحلم أنه أكمل أقساط بيته للمتعهد ابو محمد صاحب الفضل والإحسان في زمان غابت فيه كل معاني الأمن والأمان
ودمتم بأمن وأمان