jo24_banner
jo24_banner

الحكومة الحالية ستلد نفسها في الحكومة المقبلة

ماهر أبو طير
جو 24 :

ساعات قليلة تفصل البلد عن حكومة جديدة، وإذا كانت التكهنات في عمان متواصلة حول اسم الرئيس الجديد، فان المعلومات تشير الى ان الاتجاه العام هو مع حكومة مؤقتة،برئيس يأتي لاربعة اشهر فقط، ومن اجل مهمة اساسية هي اجراء الانتخابات النيابية،بعد ان تم حسم الامور باتجاه عدم تشكيل حكومة تستمر الى ما بعد الانتخابات النيابية.

سابقا قيل ان هناك رأيين متقابلين،الاول يرى انه من الممكن تشكيل حكومة ويتم الاستمرار بها الى ما بعد الانتخابات النيابية، والثاني مع حكومة قصيرة العمر، بشخصية عادية، قد تكون وزيرا سابقا، او عاملا، او احد اعضاء نادي رؤساء الحكومات السابقين،ولن يتم تكليف شخص بمعنى المفاجأة المدوية، خارج هذه الحزم.

من ابرز سمات الرئيس الجديد ان يكون محافظا، بمعنى عدم رغبته الشخصية، وعدم وجود برنامج عام للانفتاح على الحركة الاسلامية،وهذا يقول ان كل الاسماء التي قد تأتي توافقية مع الحركة الاسلامية، او مؤيدة لحوار مع الاسلاميين، لن تكون مطروحة، والواضح ان مطبخ القرار لايريد رئيسا يطرح مشروعا لمحاورة الاسلاميين في الاسابيع القليلة التي تفصلنا عن موعد الانتخابات، وبهذا المعنى فأن الرئيس الجديد، سيكون من المدرسة المحافظة، التي لن تنفتح على الاسلاميين، ولن تقوم بأي تراجعات عن خطط الدولة بالمضي الى الانتخابات بمعزل عن الاسلاميين.

هناك اسماء مطروحة، والاغلب ان الرأي الغالب في مؤسسة القرار، هو مع رئيس محافظ، غير خلافي، لمهة واحدة فقط، هي اجراء الانتخابات، مع كاريزما سياسية تتيح له الامساك سياسيا بشؤون الداخل في هذه الفترة الحساسة، على اساس قدرته ايضا على التوافق مع مؤسسات اخرى في الدولة، بشأن الوصفة الواجب تطبيقها في الداخل الاردني،دون ان يكون له اتجاهات معاندة في هذا التوقيت بالذات،خصوصا، ازاء بعض الملفات، وهذا يفسر من جهة ان بعض الاسماء التي تتردد تعود في جذرها الى وزارة الداخلية، ومن خدموا ويخدمون فيها، وهذا مؤشر على ان الاختيار يميل الى مدرسة الداخلية، حتى لو تم اللجوء الى اسماء، من خارج سلك الذين خدموا فيها، لكننا نتحدث عن الوصفة، اي وصفة المحافظين،بشكل عام،والتي تنطبق على خريجي الداخلية،وعلى اخرين ايضا من خارج سلكها.

المعلومات تؤكد ايضاً ان اغلب وزراء الحكومة الحالية سيبقون في الحكومة الجديدة،ولن تجري تغييرات الا على عدد محدود جدا،وكأننا امام تعديل حكومي، وليس تغييرا حكوميا. تعديل هذه المرة على شخص الرئيس وبضعة وزراء، والذين يرون ان هذا افضل يعتقدون ان هكذا وصفة، تخفف من قصة الاستيزار في البلد،ولا تفتح موسما للتوزير والتعيين من جديد، وكأننا ايضا امام حكومة ممتدة لحكومة الطراونة، والسبب في ذلك ان هناك اصرارا في مطبخ القرار على تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات بطريقة مختلفة،وهذا مايسمى بالحكومة البرلمانية التي تعددت الوصفات بشأنها، وبحق تعريفاتها، وايا كان التعريف الحاسم لها،فأن مايراد في مطبخ القرار وضع البرلمان المقبل،امام مهمة تشكيل الحكومة،بطريقة تشاركية، لايكون فيها قرار مسبق،بنقل الرئيس المقبل الذي سيجري الانتخابات الى مابعد ذلك من فترة،وهذا يفسر ايضا، قرار الدولة بالبحث عن رئيس لفترة مؤقتة، يكون من المدرسة المحافظة، وله ايضا تحفظات على اداء الاسلاميين، وهو قادم بصفات قد يكون من بينها خبرات سابقة في ملف الانتخابات، وفوق ذلك لابد له من ظلال سياسية وشخصية، تفرض قوة ما، خلال الفترة المقبلة، امام المخاوف من انفلات الداخل، في ظل تقييمات ماجرى يوم الجمعة في وسط البلد، وتهديد الاسلاميين بالتصعيد المتواصل،وهذا يقول ان تهديدات الحركة الاسلامية، ستؤثر على اختيار الرئيس المقبل بحيث يكون ندا لهم،ان اردنا عدم استعمال وصف الخصم.

يمكن القول ايضا ان الاردن،امام حكومة ستحمل صفات متشددة ايضا،اذ ان حل مجلس النواب حاليا،يعني عدم تغيير قانون الانتخابات ويعني عدم تعديل قانون المطبوعات، وهذا يعني ان الرئيس المقبل سيلتزم منذ هذه الايام بوصفة مطبخ القرار الاساسية، بعدم فتح شبابيك في صناعة القرار لاي تغييرات محتملة على صعيد النهيج السياسي، وكل هذا يأخذنا صراحة الى ان الحكومة الحالية ستلد نفسها في الحكومة المقبلة، لن تكون هناك تغييرات جذرية على النهج، بل ربما تكون الحكومة المقبلة بشخص رئيسها أكثر تشددا في وجه بعض الاتجاهات، مع وجود ملفات ضاغطة مثل التغييرات على الوضع الاقتصادي، ورفع الاسعار، ومواجهة الاسلاميين والحراكات.

إذا اعتبرنا ان هذا المنهج في التحليل دقيق، فأن هذا يقول اننا سنشهد حكومة يتم تشكيلها في بحر يومين فقط، ولن تحتاج الى وقت طويل،مادام اغلب الوزراء سيبقون،ومادام الرئيس سيتغير فقط، وهذا يختصر على البلد مخاضة كبيرة من الوقت،واضاعة الوقت في التكهنات،ولعبة الاسماء والتوزير والضغوطات والواسطات،خصوصا،ان رحيل الحكومة خلال ساعات، سيفرض قياسا اخرا، يقول ان مطبخ القرار لايريد ان يذهب الى الجمعة المقبلة، بكل احتمالاتها، من مسيرات وتصعيد كما اعلن الاسلاميون سابقا،بحكومة مستقيلة،او بلد يدار عبر الامناء العامين فقط، وهذا يعني ان تشكيل الحكومة الجديدة لن يستغرق إلا يومين، وسيعلن عنها قبيل الجمعة، لاعتبارات أمنية وسياسية،تضع في حساباها المخاطر من جمعة مقبلة، في ظل عدم وجود حكومة،أو بلد يدار عبر الامناء العامين.

كل ما سبق يقول اننا ندخل ربعا حساسا على الصعيد السياسي والاقتصادي،وهو ربع تتجمع فيه نتائج اعمال عام كامل من العمل السياسي والنيابي، والفواتير الاقتصادية، بالاضافة الى وضع الاقليم، والمؤكد هنا ان اختيار شخص الرئيس المقبل سيراعي البعد الاقليمي وتحديدا الملف السوري، واحتمالات انفجاره اقليميا، وتداعيات الازمة باتجاهات الاردن وتركيا وايران والعراق،وهذا يفرض قياسا حساسا على شخص الرئيس يأخذنا الى مراعاة قدرته في مواجهة اي حالة طوارئ في المنطقة وفي البلد لاسمح الله، وهذا يقول من جهة ثانية ان الرئيس المقبل، سيكون بمهمات محددة جدا، وكلها يتركز على الشأن الداخلي، ويمكن توصيف الرئيس المقبل بكونه مدنيا، ذا رؤية تخلط بين المدنية والعسكرية، لاعتبارات الداخل والخارج.

تبقى اغلبية الاردنيين غير مهتمة بالحكومات الباقية او الراحلة، وكل ما يهمها امرين،اولهما استقرار البلد العام،وثانيهما الوضع الاقتصادي،وارجح في هذا الصدد ان لاتجد الحكومة المقبلة حلولا جذرية للوضع الاقتصادي،لانها ستحمل ارث قرارات ستتخذها الحكومة الحالية،فيما استقرار البلد،مهمة تتعلق بمؤسسات متعددة،وترتد ايضا الى مايمكن ان تفعله فاعليات عديدة في الشارع امتدادا الى اخطار الاقليم والمنطقة،وما فيها من مفآجات سلبية او غير متوقعة او صعبة.

لننتظر الذي سيحدث في عمان خلال هذا الاسبوع،ولعل السؤال يقول:هل ستنحصر التغييرات المحدودة على الحكومة،ام ان هناك تغييرات اخرى على مؤسسات ثانية،في ظل تقييمات متعددة المصادر،ترى ان مؤسسات اخرى لابد من الوقوف عند مايجري فيها،والسؤال معلق والاجابة عند من يعرف الجواب فقط. (الدستور)

تابعو الأردن 24 على google news