jo24_banner
jo24_banner

أمين عام "الفكر العربي" يحاضر في "شومان" عن الدولة والمجتمع

أمين عام الفكر العربي يحاضر في شومان عن الدولة والمجتمع
جو 24 :

قال أمين عام مؤسسة الفكر العربي في بيروت د. سليمان عبدالمنعم إن جزءاً من أزمتنا يكمن في ظاهرة شيوع المسؤولية وغياب المساءلة. شيوع المسؤولية يعني أننا نعرف حجم الكوارث وعدد الضحايا لكننا لا نعرف في الكثير من الأحيان من هو المسؤول ! أما غياب المساءلة فيبدو في ذاته منطقيا لأن السلطة التي تنتج الفساد يصعب عليها أحيانا مكافحته.

وأشار في محاضرة له بمنتى شومان مساء أول أمس بعنوان : «الدولة المأزومة والمجتمع الحائر» قدمه فيها وأدار الحوار د. علي محافظة، أننا أبناء ثقافة التنصل من المسؤولية. وهي ثقافة عربية عدمية مغايرة تماما للثقافة اليابانية على سبيل المثال. ثم أنها ثقافة تخلو من الشجاعة. هذه الشجاعة التي لا نكل ولا نمل من التغني بها. جزء آخر من الأزمة الحاصلة في حياتنا أننا نخلط في الكثير من الأحيان بين الأسباب والنتائج. ننشغل بأعراض المشكلة ونهمل جذورها. نعالج مظاهر أمراضنا الاجتماعية ونتجاهل مسبباتها. كأننا نمارس طب التجميل مع أننا نحتاج إلى طب الحالات الحرجة. يحدث هذا في مجالات التعليم، والإدارة، والبطالة، ومكافحة الفساد، وغيرها.

وأضاف أنتجت أزمتنا حيرة عميقة. ثمة أسئلة لم نتوقف عندها بما فيه الكفاية : هل يعني إصلاح السلطة تلقائياً وبالضرورة صلاح المجتمع ؟ ومن الذي يفسد الآخر : هل السلطة هي التي تفسد المجتمع أم المجتمع هو الذي يفسد السلطة ؟ هناك أمثال ومقولات لتبرير هذه الإجابة أو تلك. فمن يرون أن فساد السلطة هو السبب يقولون أن السمكة تفسد من رأسها ! ومن يعتبرون أن فساد المجتمع هو الأصل يرددون : كيفما كنتم يولى عليكم. فما الحل إذن ؟ كان جمال الدين الأفغاني وعبدالله النديم من دعاة الثورة على النظم بينما كان محمد عبده منحازا لفكرة إصلاح المجتمع أولا. وها نحن بعد اكثر من مائة عام نعود لطرح السؤال مجدداً. كل الشعوب تطرح أسئلة جديدة، ونحن نكرر الأسئلة ذاتها!

فلنعرف أننا – سلطة ومجتمعاً – نتقاسم المسؤولية عما آلت إليه أحوالنا. فوراء كل سلطة مستبدة وفاسدة مجتمع (أو بالأقل نخبة) ارتضت بذلك وشرعنته واستفادت منه. ألم يكن «هيدجر» الفيلسوف الألماني هو الذي وضع «هتلر» فوق المساءلة ؟ وألم تكن جماعة التوريث في مصر فيما عُرف بلجنة السياسات من أساتذة جامعات وكتاب ومثقفين هم الذين أوعزوا (كل بطريقته) إلى جمال مبارك بحلم التوريث السياسي ؟ يقولون في علم القانون الجنائي انه لولا المحرض على الجريمة لما كان الفاعل الأصلي أحيانا. ويمكن أن نضيف انه لولا ثقافات بعض المجتمعات لما وجدت الأنظمة المستبدة أو الفاسدة أو على الأقل لما تهيأ لها الاستمرار.

وقال جزء من أزمتنا أن هناك علاقة إغواء وتمكين تتبادلها السلطة والنخبة، أولهما يقوم بإغواء الثاني، والثاني يقوم بتمكين الأول. على مدى خمسين عاما لم تكن هناك مقولة شعبية عبقرية تلخص الحال في مصر مثل مقولة «شيلني واشيلك» والتي كانت عنوانا لاحد الأفلام المصرية. العبارة تعني في بساطة أن الفساد يتآخى ويتآزر. هناك دوائر ضيقة تحيط بالسلطة .. تقوم بإعادة إنتاج الفساد وتتبادله مع دوائر أخرى حولها .. ثم تقوم هذه الدوائر بالفعل ذاته وتنقله إلى دوائر تالية.

وهكذا تتكون نخبة سميكة، ملتصقة ولزجة في تحالفاتها. هذه النخبة الانتهازية بحكم قانونها غير المكتوب لا تقبل الغرباء (الشرفاء) في صفوفها. فإما أن تلوثهم معها، وإما تدفعم إلى الفرار. النخبة إذن أصبحت نخبتين : نخبة تدور في فلك الحاكم، تحجب عنه الحقائق وتزيف له الواقع، لتخون بذلك واجبها في نصح الحاكم وتبصيره، ونخبة أخرى محبطة أما تعاني الاغتراب الداخلي من دون ان تغادر الوطن، وأما تؤثر الاغتراب الخارجي بحثا عن ملاذ مادي أو نفسي. توجد استثناءات بطبيعة الحال في أوساط كل من النخبتين، لكن الأحكام كما يقول علماء الأصول تبنى على الغالب الأعم وليس على مجرد الاستثناءات. فلنقرر إذن بصلاح الاثنين معا (السلطة والمجتمع) تنهض الدول وتتقدم. الراي

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير