نص استقالة حكومة فايز الطراونة
رفع الدكتور الطراونة رفع إلى مقام جلالة الملك عبدالله الثاني رسالة استقالة حكومته، تاليا نصها:
مولاي حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، أعزكم الله ورعاكم، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وبعد، فأرفع إلى مقام مولاي المعظم صادق المحبة وعظيم الولاء مع الدعاء إلى الله، جلت قدرته، أن يديم على جلالتكم نعمة الصحة والعافية والحكمة البالغة لتمضوا على بركة الله سبحانه وتعالى، وبعزيمتكم التي لا تخبو، نحو ما تصبون إليه من إعلاء شأن هذا الوطن الأردني الأغلى والأعز، والارتقاء به إلى أعلى درجات الاستقرار والمجد والسؤدد.
مولاي المعظم، لقد طوقتم عنقي بثقتكم الملكية السامية الغالية، حين أوكلتم إلي تشكيل الحكومة قبل أكثر من خمسة أشهر، وفي مرحلة دقيقة وحساسة من تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية، لما تمر به من تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية دولية وإقليمية ومحلية، واقتضتها أيضا طبيعة الإصلاحات الشاملة التي كنتم، ولا زلتم، تدعون إليها منذ تسلمكم سلطاتكم الدستورية. ولقد عبرتم، يا سيدي، بكتاب تكليفكم الملكي السامي لهذه الحكومة عن رؤيتكم الثاقبة والعميقة لما يجب أن تكون عليه المرحلة التي نمر بها بمحاورها المتعددة، وهي المرحلة التي أسميتموها بالانتقالية، لأنها ستكون الأساس للانتقال من حالة الدعوة إلى الإصلاح إلى حالة البدء بالتنفيذ الفعلي للتشريعات الناظمة للإصلاح السياسي ضمن الاستحقاقات التي فرضتها التعديلات الدستورية الجذرية كتشكيل الهيئة المستقلة للانتخاب، وقانون الأحزاب، وقانون المحكمة الدستورية وتشكيلها، وقانون الانتخاب لمجلس النواب، وقانون المطبوعات والنشر، هذا إضافة إلى الخطط والبرامج والمشاريع الاستثمارية، ضمن إطار الإصلاح الاقتصادي، الكفيلة بإخراج الأردن من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تراكمت في السنوات الأخيرة بسبب الأزمات الدولية، وكانت أيضا إحدى تداعيات الربيع العربي المحيط بنا.
ولقد كان على رأس التحديات السياسية إنجاز قانون للانتخابات النيابية يحظى بأكبر قدر ممكن من التوافق الوطني. وقد تم إنجاز ذلك القانون بالتعاون المطلق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وتحت قبة البرلمان. وقد عبر الأردنيون عن رضاهم عن ذلك القانون بالإقدام الهائل على عملية التسجيل التي لا تزال سارية بكل نزاهة وشفافية ووضوح.
وكان على رأس التحديات الاقتصادية إعادة الثقة بالاقتصاد الوطني في الداخل والخارج، ووقف نزيف احتياطيات المملكة من العملات الأجنبية بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، والانخفاض الحاد في تدفق الغاز المصري إلى الأردن إلى مستويات متدنية للغاية. وقد تم، وبحمد الله، إطلاق العديد من المشاريع المحركة لعجلة النمو المستدام، سواء على مستوى المملكة أو على مستوى المحافظات، وبخاصة مشاريع الطاقة، وضمان ديمومة التزويد، وبدائل الطاقة، وزيادة استطاعة توليد الكهرباء، وصندوق تنمية المحافظات وبرامج التنمية في المحافظات وغيرها. وقد توصلنا إلى برنامج وطني للإصلاح الاقتصادي لسنوات قادمة من شأنه أن يعمل على وضع الأردن على مسار الأمن والأمان، ومن ضمنه آلية لتوجيه الدعم إلى مستحقيه من خلال الدعم النقدي المباشر وهي في مراحلها الأخيرة.
واليوم، يا صاحب الجلالة، وقد صدرت إرادتكم الملكية السامية بحل مجلس النواب، وإرادتكم بإجراء الانتخابات النيابية وفق أحكام القانون، فإنني أرفع إلى مقامكم السامي، وكاستحقاق دستوري واجب النفاذ، استقالتي واستقالة زملائي الوزراء في حكومتكم معاهدين الله عز وجل، ومعاهدين سيد البلاد، أن نبقى كعهدكم بنا، الجند الأوفياء لعرشكم المفدى وللشعب الأردني العظيم، والمدافعين بالمهج والأرواح عن كل حبة تراب من تراب الوطن الأردني الطهور.
وفقكم الله يا سيدي ورعاكم وسدد على طريق الخير والفلاح والمجد خطاكم، مولاي المعظم.
المخلص دائما الدكتور فايز الطراونة رئيس الوزراء عمّان في 24 ذو الـقـعـدة 1433 هـجريـة الموافق 10 تشرين الأول 2012 ميلادية. بترا