jo24_banner
jo24_banner

مصر وتونس : الصراع على هوية الدولة

طاهر العدوان
جو 24 : تنشغل مصر بأحداث ميدان التحرير ( يوم الجمعة ) بين أنصار جماعة الاخوان المسلمين وبين تيارات أحزاب مدنية وثورية ، وانشغلت تونس في المواجهة داخل الجمعية الوطنية بين حزب النهضة الاسلامي وبين العلمانيين . وهو انشغال لا يقتصر على هذين البلدين بل يتجاوزه الى ليبيا وأزمتها الوزارية والى اليمن وحربها المفتوحة مع القاعدة.

احداث ميدان التحرير شابها عنف غير مسبوق ادى الى سقوط اكثر من ١٠٠ جريح واذا كان المعلن عن أسبابها هو اعلان الاحزاب والتيارات الثورية محاسبة الرئيس محمد مرسي على ما لم ينفذ من وعود بمناسبة مرور ١٠٠ يوم على رئاسته فان حالة ( القلوب المليانة ) التي ترجمت الى عنف في الميدان هي انعكاس للخلاف غير المعلن بين أنصار الدولة المدنية وبين أنصار الدولة الدينية في اللجنة التأسيسية لوضع الدستور وهو خلاف يظهر في الصحافة والإعلام.

اما في تونس فحالة الخلاف بين الاتجاهين لا تحتاج الى تحليلات وتخمينات بعد ان امسك بالغنوشي زعيم حزب النهضة مسك اليد وهو يعلن في تسجيل بالصوت والصورة ان تطبيق الشريعة سيتم على مراحل لان الجيش غير مضمون ولان نفوذ أنصار بن علي لا يزال قائما في الدولة وهو ما دفع ٧٨ نائبا من الجمعية الوطنية الى التوقيع على مذكرة تطالب بحل حزب النهضة بحجة انه يتآمر ضد طابع الدولة المدني.

راشد الغنوشي أدلى بأقواله التي أثارت ازمة سياسية امام مجموعة من الشباب السلفي وفي مصر تقع جماعة الاخوان الحاكمة تحت ضغط حزب النور السلفي لتمرير مواد في الدستور تتعلق بالشريعة والمرأة وهو ما يدفع القوى والاحزاب المدنية في البلدين الى تصعيد حراكها في الشارع من اجل مقاومة محاولات الاخوان والنهضة الرضوخ لضغوط السلفيين في المسائل الدستورية المتعلقة بهوية النظام.

لقد كشف الربيع العربي عن قوة حزبية وجماهيرية لم يكن يحسب لها حساب في السابق وهي الاحزاب والتيارات والحركات السلفية التي تشكل اليوم تعددية حزبية ذات طابع ديني داخل دائرة الاسلام السياسي ، الى جانب الاخوان وحركات الجهاد في مصر وتونس وليبيا ، وغدا في سوريا ، ولولا الطابع الثوري العام لأنظمة الربيع العربي لكانت الدولة الدينية أمرا واقعا لتدار من قبل تعددية حزبية دينية . لكن الطابع الثوري يفرض على هذه التيارات القبول بدساتير تقوم على التوافق العام بين جميع الأطراف وليس على الأغلبية وهو امر يسمح للأحزاب المدنية اللجوء الى الشارع كلما تأزم الوضع مع الاسلاميين.

غير ان هذا الصراع على طابع الدولة في تونس ومصر وليبيا يجري في اطار سلمي وفي مناخ وطني من النقاشات المفتوحة واستخدام الشارع للضغط ، وهو امر جديد على السياسة العربية التي تشهد لاول مرة أساليب واجواء كانت غريبة ومحرمة على المشهد السياسي الداخلي في العالم العربي . قبل عام من كان يصدق انه سيقوم في ليبيا برلمان يسقط الحكومة قبل ان تبدأ وان تكون مسالة اختيار رئيس جديد مناطة بلجنة برلمانية ترشح اربعة اسماء لتأليف حكومة جديدة ، والمكلف عليه نيل تأييد ٤٠ عضوا من ( الجمعية الوطنية المنتخبة ) التي بدورها ستخضع حكومته لمسألة الثقة.

وحتى لا يفاجأ احد بقوة وحضور السلفيين خاصة في مصر فان ما يتوفر من معلومات عنهم حتى في اواخر عهد مبارك ان عدد المعتقلين منهم كان يتجاوز ال ١٥ الف معتقل وان بعضهم أمضى ١٦ سنة بدون محاكمة وهذا يفسر حصولهم على المركز الثاني في انتخابات مجلس الشعب المنحل.


(الرأي)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير