معركة كسر عظم بين نقابة المحامين ومراكز المساعدة القانونية
جو 24 :
ياسر شطناوي - تصاعدت حدة الجدل بين المحامين واستعرت المعركة التي تشنها نقابة المحامين الأردنيين على مراكز المساعدة القانونية بإصدار النقابة بيانا قالت فيه بعدم شرعية هذه المراكز وافتقادها القانونية بعملها وخاصة المرافعات المجانية عن الفقراء والمعوزين الذين لا يملكون قدرة على توكيل محامٍ خاص.
الأمر من وجهة نظر النقابة ينضوي تحت باب أن هذه المراكز تنافس وتحارب المحامين في أرزاقهم بتوكيلها محامين اخرين بالمجان عن المحتاجين. لكن اللافت أن تلك المراكز تتعاقد مع محامين مزاولين للمهنة وأعضاء في الهيئة العامة للنقابة "مقابل أجور تُدفع لهم من المراكز نفسها نظير ترافعهم عن غير المقتدرين ماليا.
ورغم أن النقابة تقول بأن المادة 100 من قانونها تنصّ على توكيل محامٍ بالمجان للمحتاجين والمعوزين، وأنها ملتزمة بذلك، إلا ان القانون لم يمنح تلك الصلاحية للنقيب حصرا، ولا يوجد ما يمنع أي محام أو مكتب محاماة من تولي أية قضية دون الحصول على أتعاب.
ويتساءل المعارضون لرأي النقابة عن عدد القضايا التي ترافعت فيها النقابة بالمجان عن المواطنين، وهي النقطة التي لم يتطرق لها بيان النقابة وحاولنا في Jo24 الاستفسار من نقيب المحامين سمير خرفان عنها وعن غيرها من الأمور إلا أنه رفض التصريح وفضّل الاكتفاء بالبيان الصحفي دون أي توضيح يزيل به الغموض ويردّ على رؤساء مراكز المساعدة القانونية.
فيما عم الصمت التام على الجانب الرسمي، واكتفت وزارة العدل المعنية بالأمر بشكل مباشر بالتفرج من بعيد دون اي تحركات او حتى اصدار تعقيب بسيط أو توضيح رأي وموقف، حتى مع محاولات Jo24 المستمرة للحصول على تصريح من الوزير بسام التلهوني، رغم أن وزارته إحدى الجهات "المتهمة".
عبدالعزيز: محامون مزاولون وبيانات مالية معلنة
مديرة مركز العدل للمساعدة القانونية، هديل عبدالعزيز، أكدت من جانبها أن تأسيس واقامة مراكز العون القانوني يأتي بالتوافق مع أحكام قانون الجمعيات، حيث يتم استصدار تراخيص مراكز العون والمساعدة بموجب هذا القانون.
وأضافت عبدالعزيز لـJo24 إن دور هذه المراكز يشتمل على رفع الوعي وتقديم الاستشارة القانونية اضافة الى الترافع عن الاشخاص المعوزين وغير القادرين على تحمل الاعباء المالية للدعاوى القضائية، لافتة إلى أن محامين مزاولين يقومون بتلك المهام وبموجب عقود مبرمة مع مراكز العون القانوني "وهذا يدحض فكرة أننا نحارب المحامين في لقمة عيشهم، بل إننا ندفع لهم مقابل ترافعهم وخدماتهم التي يقدمون".
وشددت عبدالعزيز على أن مراكز المساعدة القانونية لا تعارض فكرة مأسسة وتنظيم عملها، بل إنها تقف في ذلك إلى جانب نقابة المحامين.
وحول الدعم الأجنبي الذي تتلقاه هذه المراكز والاعتراضات الكثيرة عليه، أكدت عبدالعزيز على أن تحصيل المراكز لدعم اجنبي هو أمر متاح قانونا ولا يوجد به اي مخالفة تذكر، مشيرة الى ان قانون الجمعيات بيّن ان اي تمويل مالي اجنبي لا يمكن يتحصل لأي منظمة دون موافقة مجلس رئاسة الوزراء صاحب الولاية.
وحول قول النقابة بأن لهذه المراكز فروعا غير مرخصة، أوضحت عبدالعزيز ان المراكز تعمل على تقديم خدماتها القانونية التوعوية والترافع في مختلف مناطق المملكة من منطلق البعد الوطني والحقوقي للمنتفعين، لافتة إلى ان هذه ليست فروعا وانما مكاتب مستضافة من قبل مؤسسات مجتمع مدني اخرى.
عجيلات: حاجة ملحة لنظام وطني للمساعدة القانونية
من جهتها قالت رئيسة مركز الشفافية الاردني هيلدا عجيلات ان هنالك حاجة ملحة لخلق (نظام وطني للمساعدة القانونية)، وان نظام مراكز المساعدة القانونية وطني ويوجب حكما تشاركية النقابة لانها المؤسسة الوطنية الوحيدة القادرة على القيام بدور المرافعة القانونية من خلال كوادرها البشرية.
وأضافت عجيلات إن نقابة المحامين شرعت فعلا بتأسيس وحدة قانونية، لكن البناء لم يكتمل ويجب أن يستكمل الاطار الاجرائي، والذي يعني أن يحدد النظام الفئات المستهدفة للمساعدة وتحديد القضايا التي يجوز تقديم المساعدة القانونية بشأنها، "إذ لا يستوي تقديم المساعدة القانونية إلى كافة الجرائم والقضايا، ولكن على سبيل المثال لا الحصر تختص المساعدة بالقضايا المعنية بالأسرة والمرأة والطفل وقضايا التعذيب".
وأكدت عجيلات لـجو24 إن مركز الشفافية الأردني يرى أن المساعدة القانونية بوضعها الحالي، وفي ظلّ حالة الفوضى التي تُمارس من خلالها، أنها بحاجة ملحة إلى إعادة تنظيم في الأطر التشريعية والمؤسسية والاجرائية "الأمر الذي يقتضي الرجوع الى الإطار التشريعي الذي رسمته وحددت ضوابطة المادة 100 /ا/7 من قانون نقابة المحامين، والتي نصت على أنه (لنقيب المحامين أن يكلف أي محام بخدمة مهنية مجانية للنقابة مرة واحد في السنة ... بالدفاع عن النقابة وعن أي شخص ثبت للنقيب فقره وعدم إستطاعته دفع أي أجور للمحامي)".
ورأت عجيلات أن هذا النصّ يضع الإطار التشريعي لتنظيم المساعدة القانونية بإعتبار نقابة المحامين هي الجهة الوحيدة المخولة بتنظيم المساعدة القانونية "وإن كان الأمر يحتاج لإعداد نظام مساعدة القانونية وبمشاركة من النقابة والوزارة المعنية بحيث لا يخرج النظام عن حدود وصلاحيات نقابة المحامين كشريك رئيس في هذا الإطار".
وحول الية التمويل اوضحت عجيلات إن مركز الشفافية الأردني يرى بأن التمويل أمر يشوبه شبهٌ عدة ومحفوف بمخاطر متعددة وإن كانت التشريعات تجيزه بعد موافقة الحكومة، لكن في كل حال يجب أن يبعد شأن التمويل عن كل ما يتعلق بنقابة المحامين وأدوارها المتعددة، بما فيها المساعدة القانونية".
ربابعة: لا شروط ولا إملاءات خارجية
هذا ما اكد عليه رئيس مركز عدالة لدراسات حقوق الانسان عاصم ربابعة، والذي اعتبر اتهام مراكز المساعدة القانونية بوجود شبهات يهدف الى تشوية سمعة مؤسسات المجتمع المدني ودورها الوطني في تقديم التوعية و الاستشارة والترافع.
وشدد الربابعة على ان التمويل الذي تتحصل عليه اي مؤسسة مجتمع مدني لا يكون مشروطا باي شرط ولا يؤثر ابدا على استقلالية المؤسسة أو يملي عليها سياسات خارجية.
وأضاف الربابعة لـJo24 ان ترافع محامين عن القضايا المنظورة امام المحاكم بشكله العام هو حق مكفول سواء كان بمقابل او من دون مقابل، منوها الى ان تقصير الحكومة الاردنية عن اداء هذه المهمة وكذلك النقابة جعل من وجود مراكز المساعدة القانونية امرا هاما لمساعدة الاشخاص المعوزين، منوها الى ان نسبة المرافعات التي تنطوي تحت اطار المساعدة القانونية لا تتجاوز نصف بالمائة من مجموع القضايا كاملة.
العرموطي: اتجار بالبشر
نقيب المحامين الاسبق صالح العرموطي أكد من جانبه أن هذه المراكز تشكل خطرا كبيرا على المصالح الوطنية العليا وان تمويلها الاجنبي يملي عليها سياسات تجعلها تتدخل في شؤون بلادنا، خاصة القضائية والقانونية منها.
وطالب العرموطي وزارة العدل ووزارة التنمية الاجتماعية باتخاذ الاجراءات اللازمة لوقف اعمال هذه المراكز، لما اعتبره أحد أوجه الاتجار بالبشر، وأنها تلتف على القانون بعدم وضع غايات الترافع في بيان تراخيصها، اضافة الى استغلال بعضها للمحامين بعدم اعطائهم نفس قيمة الاجور المبرمه في العقود.
وقال ان مراكز المساعدة القانونية هي تدمير للنقابة والمحامين واعتداء كبير على الهيبة القانونية للاردن، محذرا وزارة العدل والسلطات المعنية بضرورة الاسراع لوقف نشاطات هذه المراكز لما تشكله من خطر على المواطن والمحامي.
درادكة: التفاف على القانون
اما نائب نقيب المحامين الحالي، فتحي الدرادكة، اوضح ان هذه المراكز تلتف على النص القانوني ولا تلتزم ابدا بقانون نقابة المحامي الذي نظم اصول المرافعات ، منوها الى ان هذا يشكل اعتداء صارح على سلطة النقابة و هيبتها .
واضاف درادكة ان هذه المراكز تعمل على استدراج الموكل بطرق الدعاية و الاعلان وفي ذلك مخالفة كبيرة لقانون النقابة ، منوها الى ان السكوت عن هذه المراكز يشكل خطورة على الجوانب الاجتماعية و السياسية و الاخلاقية .
وقال ان نقابة المحامين تستطيع الترافع عن الاشخاص المعوزين احتكاما للمادة 6 من قانون النقابة والذي يقضي بان من اهداف النقابة تقديم المساعدة القانونية ، مشيرا ان الترافع من خلال محامي النقابة لا يحتاج الى اي تمويل اجنبي.
العدوان: استخدام اساليب اعلانية مخالفة
وأشار عضو مجلس نقابة المحامين وليد العدوان إلى أن عمل هذه المراكز هو سلب لأرزاق المحامين ومنافسة غير عادلة ،مبينا ان هذه المراكز تستخدم اساليب اعلانية في جذب القضايا والترافع عنها مجانا وذلك ممنوع في قانون النقابة.
وقال العدوان ان نقابة المحامين هي الجهة المخولة بالترافع عن القضايا دون غيرها، مؤكدا ان عشرات القضايا التي ترافع عنها محامون مجانا بتكليف من النقيب وذلك عملا باحكام المادة 100 من القانون.
وقال ان النقابة استحدثت وحدة المساعدة القانونية من اجل تطوير وتحديث العمل، وتقديم الخدمات القانونية بالاستشارات او المرافعات بشكل صحيح ومنضبط بعيدا عن وجود اي اختلالات او شبهات.