jo24_banner
jo24_banner

التهيئة البيئية لذوي الإعاقة ليست ترفاً.. فلماذا لا تلتزم الجامعات؟ - انفوغرافيك

التهيئة البيئية لذوي الإعاقة ليست ترفاً.. فلماذا لا تلتزم الجامعات؟  انفوغرافيك
جو 24 :
اعداد: هبة أبو طه - 

نضالٌ شقته بصعوبة حتى الوصول إلى مقاعد الدراسة الجامعية هو ما تراه الشابة لبنى 25 عاما عندما تجاوزت عقبات أسرية ومجتمعية لم تجد أن مقعدها الجامعي سيكون مناسبا لها ولكرسيها المتحرك.

"لن تتمكني من تحقيق ما تريدين، ولا متسع لكِ في ذاك المكان، ستذوقي الأمرّين وتشقي"، كلمات كان يرددها اقارب لبنى 25 عاما عندما اتخذت قرارها بالتسجيل في إحدى الجامعات الأردنية الحكومية، لكنها لم تكثرث بما قيل.

لم يحبط لبنى كل من لم يشجّعها من أقاربها على خوض تجربة الدراسة الجامعية، تقول لـJo24: "حديثهم لم يحبطني ولم يثبط عزيمتي، لم اخجل يوما من صديقي الكرسيّ المتحرك الذي تقاسم حياتي منذ طفولتي، صممت على قراري وسجلت في احدى الجامعات الرسمية لاحقق طموحي في نيل شهادة البكالوريوس، بكل حماس ذهبت للدوام في يومي الأول والثاني ثم الثالث، و بعد فترة وجيزة حماسي اندثر وبدأت المس حقيقة حديثهم لي".

أثر سلبي

تكمل لبنى:"لم أكترث يوما لنظرة المجتمع أو حتى لقرار عائلتي الرافض لإكمال تعليمي بقدر ما هزتني الصعوبات التي واجهتها في الجامعة".

عجزت لبنى عن السير بالكرسي المتحرك في شوارع الجامعة الوعرة المليئة بالحفر، وصعود السلالم للذهاب إلى قاعات المحاضرات في الطوابق العليا، وعدم القدرة على استخدام المرافق الصحية أو اختيار الكتب من رفوف المكتبة.

بعدما قطعت لبنى نصف الطريق لحلمها توقفت بسبب عدم آهلية الجامعة البيئية لها، لكن هديل الصوفي سارت في طريقها ونالت شهادتها من الجامعة الاردنية وسعت لتغيير الظروف التي تعيق مسير أقرانها بتحد كبير.

صار وقتها

"صار وقت نعيش مثل غيرنا من الطلبة وننتزع حقوقنا الأساسية" من هذا المنطلق انبثقت حملة صار وقتها عام 2012 في الجامعة الأرنية، وفق هديل الصوفي.

تقول هديل الناطق باسم الحملة، لـJo24: "كنت ادرس تخصص التغذية مما يتطلب ذهابي للمختبر العلمي ولم تكن وسيلة للصعود إليه سوى حملي، انا والكرسي، كما ان علو طاولة المختبر كان يحول دون اتمام تجربتي العلمية، علاوة عن امتناعي انا وزملائي عن الطعام والشراب قبل يوم من دوامنا الجامعي كي لا نضطر الذهاب لدورات المياه، والكثير من التحديات الأخرى التي واجهناها في ذلك الحين، قررنا البدء بالحملة بعدما دربنا الناشط د. مهند العزة في دورة عن حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة".

إنطلقت الحملة في كانون الأول، عام 2012 وأهدافها هي "تهيئة البيئية المادية للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية، تضمين حقوق وقضايا الطلبة ذوي الإعاقة في الخطة الإستراتيجية للجامعة الأردنية وخططها التنفيذية والموازنة، إضافة للترتيبات التيسيرية لذوي الإعاقتي السمعية و البصرية".

"كان السبيل لتحقيق مطالبنا بالاعتصام الذي استجاب له اخليف الطراونة رئيس الجامعة الأردنية ومن ذلك الحين لليوم ما زالت الجامعة تعمل على تحقيق المطالب وقد نفذ العديد منها"، تقول هديل.

انتهاك ومخالفة

الجامعات الحكومية مؤهلة بيئيا "بنسب بسيطة" أو أدنى، وسيكون هناك إعلان رسمي للنسب في وقت من هذا العام، بحسب رد المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، لـJo24 الأمر الذي يشكل مخالفة لمعايير هيئة اعتماد التعليم العالي حيث الزمت تعليمات الإعتماد العام الجامعات العاملة في الأردن بتأهيل الممرات ورفوف الكتب والطاولات لاستعمال ذوي الإعاقة وتوفير غرفة خاصة للأشخاص المصابين بإعاقة في البصر او في السمع او الذين يحتاجون مساعدة في القراءة وتوفير جهازي حاسوب على الأقل خاصين للطلبة ذوي الإعاقة، اضافة الى تزويد المرافق الصحية بدورات خاصة لذوي الإعاقة.
تشدد التعليمات على الالتزام بكودة البناء الخاص لذوي الإعاقة.

الإستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة 2010-2015 التي نفذها المجلس الأعلى لشؤون الاشخاص المعوقين كانت إحدى أهدافها "دعم توفير المرافق التعليمية والمعدات ووسائل النقل لتسهيل احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة" لكن المجلس لا يرى أن هناك إلزاما من قبل إدارات كثير من الجامعات.

"يسعى المجلس إلى توفير دعم فني لازم للجامعات لتطبيق كودات البناء في المباني الحديثة التي يتم انشاؤها في الجامعات وموائمة المباني القديمة بما يسمح للطلبة ذوي الاعاقة بسهولة الوصول والاستخدام للمرافق التي تتبع للجامعات"، وفق رئيسة قسم دعم التعليم في المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، غدير الحارث.

تشير الحارث إلى بطء تنفيذ الجامعات ببنود القانون الأردني، على الرغم من ازدياد التحاق الطلبة ذوي الاعاقة في الجامعات وازدياد الوعي باهمية توفير التهيئة البيئية اللازمة في الجامعات بما يسهل على الطلبة التنقل واستخدام المرافق ذون الحاجة الى وجود مرافق لهم وبما يساهم في زيادة الاعتمادية على الذات والدمج الكامل في البيئة الجامعية.

يعمل المجلس الأعلى على تمتين علاقتهم مع "ضباط ارتباط في الجامعات ودعم الحملات المطالبة بتوفير التهيئة البيئية والترتيبات التيسيرية للطلبة ذوي الاعاقة مثل حملة (صار وقتها) التي نفذت في العديد من الجامعات بهدف المطالبة بهذا الحق".

علامة استفهام

بدوره، يقول العين والناشط الحقوقي، مهند العزة، لـJo24 أن "عدم تطبيق معايير الإعتماد العام على كافة الجامعات يدفعني لوضع علامة استفهام، حيث باتت تلك المعايير ككودة البناء، لا يُحاسب من يخالفها".

"واقع الحال هو غياب المتابعة والرقابة"، يقول العين العزة، "أنظروا إلى المباني القديمة والجديدة، لا تراعي كودة البناء معنى ذلك أن لا اكتراث في الجديدة منها على تطبيق تلك الكودة".

التهيئة البيئية لفئة ذوي الإعاقة لا تصنف كخدمة "تجميلية أو تكميلية" كما يصف العين العزة، انما هي "حق لذوي الإعاقة، وعلى الجامعات ضمان هذا الحق وتوفير البيئة المناسبة لهم التزاما بنصوص القانون الوطني و الاتفاقية الخاصة بشؤون ذوي الاعاقة".

الهيئة: نقوم بالمراقبة

سبق وأن اصدر مجلس التعليم العالي قرارا في جلسته رقم (16) تاريخ 19/9/2007 متعلق باضافة بنود تتعلق بتوفير التهيئة البيئية واماكنية الوصول والاستخدام للمرافق الجامعية على معايير الاعتماد العام والخاص.

رئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي، بشير الزعبي، يوضح أن الهيئة تقوم "بمتابعة تطبيق الجامعات للمعايير الخاصة لذوي الاعاقة باعتبارهم جزء من النسيج الوطني الاردني وفئة هامة في المجتمع و لاتتجزء عنه.

"نحن بصدد تشكيل لجان للتأكد من تطبيق الجامعات الرسمية والخاصة معايير الإعتماد العام المتعلقة بذوي الإعاقة وسنقوم بمخالفة اي جامعة غير مطبقة للشروط"، تصريح رئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي، بشير الزعبي في حديثه لـJo24.

يعلق الصحفي المختص بقضايا ذوي الاعاقة، رامي زلوم، أن "عدم توفير تسهيلات بيئية وترتيبات تيسيرية مناسبة للطلبة من ذوي الاعاقة يمثل انتهاك كبيرا بحق الطلبة الأردنيين في التعليم".

"قضية الاشخاص ذوي الاعاقة، واحدة لا يمكن تجزئتها، فحق التعليم مرتبط بحق الوصول وحق توفير التسهيلات البيئية المناسبة وحق التأهيل والتدريب, وانتهاك لإحداها هو انتهاك لجميعها"، يقول زلوم الذي تابع في قصص صفيحة عدة انتجها عن "إهمال الجهات المعنية من تشديد تطبيق كافة بنود اتفاقية الاشخاص ذوي الاعاقة وإلزام الجميع بتطبيقها".

مسؤولية الجامعات مشتركة

سبق وأن دعت جمعية رعاية ذوي الإعاقة الحركية، الجامعات وباقي المؤسسات الخدمية بالتقيد بشروط كودة البناء الخاص كجزء أصيل من تطبيقات القوانين.

يقول رئيس الجمعية زهير الشرفا أن الجامعات مسؤولة عن آهلية مرافقها للأردنيين منذ الإعاقة الحركية والبصرية وغيرها خاطبناهم كثيرا.

"لا يوجد أبسط من الأمر، عدم اعطاء اذن أشغال أو تزويد المباني بالكهرباء والمياه ما لم يتم تجهيز المباني لذوي الإعاقة"، يقول الشرفا.

يطالب الشرفا باستحداث لجنة لمتابعة انفاذ القوانين كسبيل لتنفيذ الكودة في المباني الجديدة.

إلزامية دولية

توفير بيئة داعمة ومناسبة لهذه الفئة هو مضمون الفقرة الثالثة من المادة 24 من الاتفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة، التي تطالب الدول بتوفيرها، تنص: "على الدول تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من تعلم مهارات حياتية ومهارات في مجال التنمية الاجتماعية لتيسير مشاركتهم الكاملة في التعليم على قدم المساواة مع آخرين بوصفهم أعضاء في المجتمع. وتحقيقا لهذه الغاية، تتخذ الدول الأطراف تدابير مناسبة تشمل تيسير تعلم طريقة برايل وأنواع الكتابة البديلة، وطرق ووسائل وأشكال الاتصال المعززة والبديلة، ومهارات التوجيه والتنقل، وتيسير الدعم والتوجيه عن طريق الأقران، و تيسير تعلم لغة الإشارة وتشجيع الهوية اللغوية لفئة الصُم، و كفالة توفير التعليم للمكفوفين والصُم وخاصة الأطفال منهم، بأنسب اللغات وطرق ووسائل الاتصال للأشخاص المعنيين، وفي بيئات تسمح بتحقيق أقصى قدر من النمو الأكاديمي والاجتماعي".

جامعات وقبول المكفوفين

المكفوفة غدير الجلاد تخرجت من الجامعة الأردنية عام 2010، تقول:"لو تأهلت الجامعة بيئيا للمكفوفين وفقا للمعايير سيتاقلم الطلبة من هذه الفئة بشكل اسرع، فلو كانت الأردنية مؤهلة آنذاك لما اضعت سنة ونصف وانا احاول التاقلم فيها، واشارت الى بعض التحديات التي واجهتها كعدم قدرتها على التنقل من محاضرة لأخرى إلا بمساعدة احد من اصدقائها، وعدم الاستجابة لمطالب المكفوفين كطلبهم في تغيير المسؤول عن المختبر الذي كان أصم لا يقدر على مساعدتنا، وطالبت بعقد دورات تدريبية لذوي الاعاقة لارشادهم للاماكن التي سيرتادونها وفق تخصصاتهم".

العين العزة، يطالب الجامعات الأردنية بالتقيد بشروط البناء المراعي لبيئة تلك الفئة، ويقوم أن تجربة الجامعة الأردنية في تحسين بيئتها أفضل من مثيلاتها الجامعات الأخرى.

هديل، ترى أن الطلبة من ذوي الاعاقة بحاجة لوعي اكثر بحقوقهم، موجهة رسالة لهم:" اذ لم نرفع اصواتنا لم تصل مطالبنا لاصحاب القرار، لأنهم يجهلون حقوقنا المشروعة، علينا ان نسعى في سبيل قضيتنا لنتمكن من العيش وسط المجتمع".

إلزامية قانونية

قانون حقوق الأشخاص المعوقين رقم (31) لعام 2007 خصص في مادته الرابعة بنودا حول التسهيلات البيئية على ضرورة أن توفر الجهات ذات العلاقة كل حسب اختصاصها للأشخاص ذوي الإعاقة الحقوق والخدمات التعليمية من تسهيلات بيئية وخدمات وفرص تعليم.

يطلب الناشط الحقوقي كمال المشرقي الحكومة تشديد رقابتها بالالتزام الجامعات بالكود الخاص بذوي الاعاقة خاصة في المباني، "الرقابة والتفتيش، قد تساعد تلك الفئة بضمان حقوقهم في التعليم".

وفق المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، فإن الجامعات الحكومية تمنح الطلبة ذوي الاعاقة خصما على الرسوم الجامعية يصل الى 90 % لتعويض النقص في التهيئة البيئية والترتيبات التيسيرية اللازمة لدمجهم ومساهمة في دعم حقهم في التعليم العالي، ما يعني أن للجامعات الفرصة بالافلات من إلزامها بتعزيز البيئة الصديقة لتلك الفئة من المجتمع.


*التقرير بدعم من منظمة صحفيون من أجل حقوق الإنسان الكندية JHR
 
  • التهيئة البيئية لذوي الإعاقة ليست ترفاً.. فلماذا لا تلتزم الجامعات؟ - انفوغرافيك
  • التهيئة البيئية لذوي الإعاقة ليست ترفاً.. فلماذا لا تلتزم الجامعات؟ - انفوغرافيك
  • التهيئة البيئية لذوي الإعاقة ليست ترفاً.. فلماذا لا تلتزم الجامعات؟ - انفوغرافيك
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير