نوازع الهروب إلى الأمام تضع القوى التقليديّة على محك الأولويّات
كتب تامر خرمه- القوى السياسية التقليدية لم تنجح في توحيد جهودها والالتقاء على عنوان سياسي محدد عبر فعاليات الجمعة، وذلك على النقيض من مهرجان الهبة الوطنية الذي التقت فيه معظم القوى الشعبية مساء الخميس نصرة لمعتقلي الحراك.
وبقي ملف معتقلي الرأي قضية ثانوية في الفعاليات التي قادتها القوى الحزبية، والتي فشلت في الالتقاء بفعالية موحدة، حيث شهدت مدينة إربد مسيرة قادها الاسلاميون للمطالبة بإنجاز التعديلات الدستورية، فيما ذهب اليساريون إلى تنظيم اعتصام للمطالبة بإلغاء معاهدة وادي عربة، حيث حالت الخلافات دون تنظيم فعالية تلتقي فيها كافة الأطراف المكوّنة للجبهة الوطنيّة للإصلاح، بل بدأت الأطراف المختلفة بتراشق الاتهامات عبر وسائل الإعلام.
التنديد بمعاهدة وادي عربة والتأكيد على عروبة فلسطين والمطالبة باسترداد السلطة للشعب وإنجاز التعديلات الدستورية واجتثاث الفساد، وكافة العناوين المتعلقة بالمطالب الشعبية كانت حاضرة بقوّة في شعارات وهتافات "الهبة الوطنية" التي نظمتها القوى الشبابية والشعبية، غير أن تلك الفعالية التي سبقت فعاليات الجمعة جاءت تحت عنوان واضح ومحدّد، وهو الإفراج عن معتقلي الرأي، حيث يشكل هذا الملف الأولوية الآنية لهذه القوى التي تدرك إمكانيّة إنهائه على المدى المنظور في حال استمرّت بالضغط باتجاه الإفراج عن المعتقلين، فيما تنصلت القوى التقليدية من مسؤوليتها الملحّة، فعوضا عن توحيد الجهود عبر فعالية مشتركة تشكل قضية المعتقلين عنوانها الجامع، عمدت الأحزاب الكلاسيكية إلى الهروب للأمام عبر طرح العناوين العريضة مضمنة قضية المعتقلين في بعض هتافاتها.
أما فعالية الكرك فقد شهدت نوعا من التوازن بين شعار الفعالية وأولويّة الإفراج عن النشطاء، حيث التزم الحراك الشبابي والشعبي في المدينة بالشعار المركزي الذي أصرّ عليه الائتلاف الشبابي والشعبي للتغيير في عمّان، وهو "جمعة إسقاط وادي عربة ونهج التبعية"، غير أن الحراك أعلن أن هذه الفعالية تأتي للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين، مؤكدا أولويّة هذه القضيّة في بيانه الذي دعا فيه إلى الاعتصام في ميدان صلاح الدين الأيوبي.
وعلى النقيض من فعاليات الهروب إلى الأمام، حملت فعالية لواء فقوع شعار "جمعة العيد لمعتقلي الحراك"، كما نظّم الحراك الشعبي في الطفيلة مسيرة سلمية انطلقت من أمام المسجد الكبير تحت شعار "جمعة أما آن لهؤلاء الأباة أن يتحرروا"، لتلامس هاتان الفعاليّتان الهمّ المباشر وتعبّران عن التزام منظميها بمسؤوليّاتهم تجاه رفاق دربهم المعتقلين.
وتحت شعار 'جمعة الوطن و الحريات خطوط حمراء ' نفذ ائتلاف شباب الاصلاح والتغيير في معان وقفته الاسبوعية امام مسجد معان الكبير، حيث جاء عنوان الفعالية ليسلط الضوء على جوهر القضايا الوطنية ارتباطا بملف المعتقلين، حيث يمكن تلخيص الرسالة التي حملته وقفة معان بأن 'الذي يجب ان يكون في السجون هو من باع مقدرات الوطن وليس من عبر عن رأيه'.
لا يختلف أحد من كافة مكونات الحراك الشبابي والشعبي على أهميّة تحديد البوصلة وحرق العلمين "الاسرائيلي" والامريكي خلال المسيرات والاعتصامات، كما حدث في ساحة الكالوتي أثناء الاعتصام الذي لم تستطع كافة الأحزاب المنظمة له أن تحشد أكثر من 100- 150 ناشط للمشاركة فيه، رغم تواجد معظم القيادات الحزبيّة في هذه الفعالية التي تجاوزت ملف المعتقلين إلى ملف وادي عربة.. غير أن الإمكانيّة الواقعيّة لإطلاق سراح النشطاء –الذين يحتاج الشارع الى وجودهم لتحقيق أهدافه- كان من المفترض أن تحتلّ اولويّة هذه القوى والأحزاب عوضا عن الهروب إلى القضايا الكبرى التي يستوجب حلّها تلبية أولويّات المرحلة.