يا حباشنـة من دونكْ اليـوم ما بِمْشِـي!
من دونك اليوم ما بمشي، اردد في سري هذه اللازمة منذ الامس, وكأني امام صليب آلامنا اليومي ،معترفا امام الفراغ اني امقت فقدانك الغريب، دكتور "من دونك اليوم ما بمشي "، هي للبعيدين الغرباء و لمن هم على ضفافك، قراءا ومتابعين، مرضى ومريدين، كفارا وعبيدا وعاشقون في السر، او مشدوهون في ليلة كنت انت سيدها، كلهم يقولون ذلك، منذ مقتلك الاخير أرى ظلكَ فوق أعينهم : " شهيداً للفراغ " صرت يا محمد.
مضيئاً في كل موقف وزاوية ، غامرا بيوتنا برخامة صوتك واتكاءه على ساقين من ثقة وشك، صوتك المسنود الى بئر واسعة. ويدك الطويلة المغروسة في الهواء اصابعها،تهز ارتفاع خط ( الاوكورديون) فيرميك سهم " الشوق "من كوكب الشرق ارضا او نـذوب، واحدا واحدا فيك، حين نهتف كي ترانا نوزع وردا للصغار" في ارض الكرك ".
" من دونك اليوم ما بمشي " ، أقولها لي، ولنا ، ول نحن اللذين نعاف الخطأ، ونكره النخب وضحالتها، ونكفرُ في ازيز الرصاص وصوت الضجيج في افواه الدعاة الطاهرين، تركنا القمم وسأمنا عواطفنا المملة من كثرة الشهداء، نحن المتشبثون في الواقع المهزوم سرا لا نرى صبحا سيأتي بدونك ، لا باب في بيتي يا محمد ، ولا حتى في شوارع الحي ضوء!.
" من دونك اليوم " قد يمشي ويمشي كثيرا على اعدائك المختبئين في " جلبابٍ غـبيْ " ، الخائفين من صمتنا الطويل، المرعوبين من لحظة الحساب القريبة، اليوم يمشي على ثوار الكراهية ومنابر الجُمعة والأحـد ، وتجار المقدس و المحرم ،اليوم من دونك قد يمر دون اذن من " فضيلة المفتي" او قد يمر، سريعا ، على ابطال واقعنا حين غضوا الطرف عمدا، بعد أن شدّ الحصارُ المرْ قلبـك.
سأبحث منذ اليوم في ( غدنا ) اللذي انتَ صرت فكرته الواقعية، دون اكتافٍ عريضة وقامة وخدود وغمازات وصوت رخيم وبدلة فضية او عيون مبتسمة ، خلصنا دكتور، انت ذهبت وتركت اليوم والايام " تمشي وتسهر " ، كما طلبت منا تماما وشكرا.
