رئيس جامعة أم خليفة المسلمين
طوال اسابيع والرأي العام في الاردن، يغرق في قضايا ثانوية، تعبر عن تشتت الاولويات، واستدراج الناس الى الاقل اهمية من قضايا حياتهم.
لماذا اقيل رئيس الجامعة الاردنية، ومن سيفوز بالمنصب، ومن سوف يشعر انه مظلوم، فتركنا كل شيء، باعتبار ان لا مشاكل ادهى واكثر مرارة في البلد، وانشغلنا فقط، بهذا الموقع، حتى كأنك تشعر اننا امام موقع شاغر لخليفة المسلمين، المنتظر، على احر من الجمر؟!.
الموقع مهم بطبيعة الحال، لكن هذه هي طريقتنا، ننشغل بالاسماء، والدوافع، والخلفيات، ولا احد يتوقف عند الملفات الاهم بخصوص الجامعة الاردنية، وبقية الجامعات، ملف التعليم العالي الذي يتراجع يوما بعد يوم، ملف التعيينات عموما في الجامعات، ملف الديون، ملف المباني التي تقام دون سبب سوى الوجاهات، ملف السيارات التي تشترى بسبب ودون سبب، ملف الرسوم، وخراب بيوت الطلبة، ملف مطالب اعضاء الهيئة التدريسية والادارية، ومظالمهم، ملف مستوى الشهادة الجامعية في الاردن، ولماذا تحولت الشهادة الى شهادة غير منافسة عندما يتقدم الخريج بوظائف خارج الاردن، ملف الذي يتعلمه الطالب حقا في هذه الجامعات، ولدينا ملفات اخرى لا تعد ولا تحصى، بخصوص كل الجامعات، والاردنية من بينها؟!.
تركنا كل هذه الملفات، وانقسمنا، بعضنا مع الرئيس السابق للجامعة الاردنية، وبعضنا مع الرئيس المؤقت، وبعضنا مع المؤقت الذي تم تثبيته، وبعضنا مع هذا المرشح او ذاك، من الاسماء التي تم ترشيحها، ثم دلفنا معركة ثانية تتعلق بردود فعل بعض الذين يشعرون انهم تعرضوا لظلم وتم تجاوزهم، وتعيين غيرهم، وها نحن امام قصة جديدة.
هل يعقل ان نصل الى هذا المستوى، من التراشقات والانشغالات، حول موقع رئيس الجامعة، ام ان هذا الانشغال يعبر عن اضطراب في الاولويات، او حتى الشكوك في طريقة اتخاذ القرار، سواء الاقالات وعدم التجديد، او اختيار الرئيس الجديد؟!.
كان الاصل ان تأخذ القصة حجمها الاساس، فهذا موقع رئيس جامعة محلية، ولا ترى مثل هذه الانشغالات في رئاسات جامعات عالمية، لكنه قرار خضع لتوظيفات سياسية، وتصفية حسابات بين كل القوى في البلد، وهو ايضا، يتم تحميله فوق ما يحتمل، فنحن لا نتحدث هنا، عن حالة خارقة للعادة تستوجب كل هذا التحميل والتحليل، وجمع المعلومات، الصحيح منها، وغير الدقيق ايضا.
لو كنا نعالج القصة في سياقات الوضع العام لذات الجامعة او الجامعات، ومختلف ملفاتها العالقة والاكثر خطرا، لفهمنا الامر، لكننا للاسف الشديد، تركنا الاولويات، التي اقلها انهيار الجامعات ماليا بسبب سوء السياسات، وانهيار سمعتها الاكاديمية، وجعلنا القصة فقط...اسباب رحيل هذه الشخصية، ولماذا رسى الاختيار على تلك الشخصية، ولماذا تم تجاوز هذه الشخصية؟!.
الارجح ان الجامعات اليوم، تدفع ثمن تسلل امراض السياسة اليها، لاننا لم نعد امام مؤسسات اكاديمية، بل امام مواقع تعالج شعبيا، وعلى مستوى القرار ايضا، باعتبارها مجرد مواقع وازنة، بدلا من كونها مرآة للعمل الاكاديمي وحسب، وهذا طبيعي، ما دمنا ايضا نقرأ في عيون اغلب الاكاديميين رغبة جامحة بالمواقع الجامعية، وصولا الى الوزرنة وغيرها من مواقع.
المبالغات تعبر في حالات كثيرة، عن افلاس عام.