لماذا تعثّر الإفراج عن المعتقلين؟!
محمد أبو رمان
جو 24 : تتسع دائرة التوتر على خلفية ملف معتقلي الطفيلة والدوار الرابع، ويأخذ أبعاداً أكثر سخونة سياسياً وإعلامياً، مع إعلان المعتقلين الإضراب عن الطعام وتنظيم اعتصامات لأمهاتهم وأطفالهم. ويوماً بعد يوم، ترتفع مستويات التفاعل السياسي والشعبي والتعاطف مع المعتقلين.
ما يفاقم من خطورة هذه التداعيات صدور شهادات متعددة ومتنوعة تؤكد وجود انتهاكات جسيمة وقعت بحق الموقوفين خلال الاعتقال، وبعد ذلك في الزنازين. وما نسمعه أو نقرأه من هذه الشهادات صادم ومرعب، ويدفع إلى تحقيقات جدية مستقلة حماية لسمعة الدولة والأمن بدرجة رئيسة، وقبل ذلك كرامة المواطن التي تمثل لنا جميعا خطا أحمر.
الحكومة وعدت بالإفراج عن المعتقلين وإنهاء الملف أكثر من مرة، أولا على لسان رئيس الوزراء في الأسبوع الماضي، والذي قال إن الحكومة تدرس الإفراج عن المعتقلين؛ ثم وزير الإعلام الذي أعلن أن الإفراج عنهم سيتم يوم الخميس الماضي، وهو ما لم يحدث إلى اليوم، ما زاد من حجم خيبة الأمل لدى أسرهم والرأي العام الذي يتوق إلى إغلاق هذا الملف. والوعود الأخيرة جاءت على لسان رئيس الوزراء قبل يومين، وما نزال ننتظر!
الواضح من تصريحات الرئيس والمجالي أنّ الموقف الحكومي يدفع باتجاه إنهاء الملف وإغلاقه تماما، لكنه يواجه بموقف آخر داخل الدولة يمسك بيديه بتسجيلات مصورة يعرضها على مسؤولين وسياسيين كبار، تظهر بعضا من المعتصمين في الدوار الرابع وهم يستخدمون لغة غير مقبولة ولا مسبوقة أو معهودة، حتى مع السقف المرتفع للهتافات.
بالطبع، لا يوجد أي حراك سياسي أو شعبي يقبل بمثل هذه الإساءات. وهي إن صدرت، فلا تمثل إلا عددا محدودا جدا من الأشخاص الذين أطلقوها، وهي معزولة عزلا كاملا عن الحراك السياسي وعن نشطاء الطفيلة، الذين يظهر من خطابهم بوضوح أنّ لديهم نزوعا إسلاميا مستقلا، فلا نتصور منهم مثل هذه اللغة، وهي قضية مدانة، سياسيا وأخلاقيا، لدى السياق الوطني العام.
على كل، الخطأ لا يعالج بالخطأ، ولا بتأزيم الموقف، والجميع لا يؤخذون بجريرة البعض. ونحن نعلن صباحا ومساء بأنّنا نتمسك بمفهوم دولة المواطنة والقانون والمساءلة والشفافية، وهذه مرحلة انتقالية تختلط فيها الأوراق والحابل بالنابل، والخيار المناسب الأفضل هو أن نسرع في الخروج من عنق الزجاجة عبر قانون انتخاب يلبي مطالب الجميع، ويؤدي إلى انتخابات مبكرة، ثم حكومة برلمانية، وفقا لما أعلن عنه الملك أكثر من مرة.
ربما الوجه الآخر لهذا الملف يعزز المطالبة بالقيام سريعا بتعديل قانون الانتخاب الجديد بعد أن سقط مباشرة في الشارع، فأعلنت جبهة العمل الإسلامي والجبهة الوطنية وقوى أخرى وأحزاب مثل الوسط الإسلامي موقفا سلبيا منه. فإذا أقر النواب القانون الحالي أو مشروعا لا يلبي طموح المعارضة والحراك، فإن النتيجة هي تجذر الأزمة السياسية واستفحالها، وليس الخروج من اللحظة الراهنة، ما يعني أننا سنشهد توترا وقلقا دائمين، وأمثلة شبيهة بما حدث على الدوار الرابع، وربما أخطر، فلم يعد هنالك سقف آخر لتصل إليه هتافات بعض أبناء الحراك المحبطين.
هذا مناخ مسموم لن يتغير إلاّ بإعادة النظر سريعا في قانون الانتخاب، والتحضير لانتخابات نيابية مبكرة تمثل بوابة لمشاركة واسعة وإعادة إنتاج شرعية اللعبة السياسية. أما التطمينات بأنّ الإخوان لديهم قرار بالمشاركة فهي ليست دقيقة؛ إذ ثمة توجه عام نحو المشاركة، لكن القانون الحالي سيكون ضربة قاصمة لمثل هذا التوجه، ولن يتمكن أحد داخل الجماعة من تبرير قرار المشاركة.
الغد
ما يفاقم من خطورة هذه التداعيات صدور شهادات متعددة ومتنوعة تؤكد وجود انتهاكات جسيمة وقعت بحق الموقوفين خلال الاعتقال، وبعد ذلك في الزنازين. وما نسمعه أو نقرأه من هذه الشهادات صادم ومرعب، ويدفع إلى تحقيقات جدية مستقلة حماية لسمعة الدولة والأمن بدرجة رئيسة، وقبل ذلك كرامة المواطن التي تمثل لنا جميعا خطا أحمر.
الحكومة وعدت بالإفراج عن المعتقلين وإنهاء الملف أكثر من مرة، أولا على لسان رئيس الوزراء في الأسبوع الماضي، والذي قال إن الحكومة تدرس الإفراج عن المعتقلين؛ ثم وزير الإعلام الذي أعلن أن الإفراج عنهم سيتم يوم الخميس الماضي، وهو ما لم يحدث إلى اليوم، ما زاد من حجم خيبة الأمل لدى أسرهم والرأي العام الذي يتوق إلى إغلاق هذا الملف. والوعود الأخيرة جاءت على لسان رئيس الوزراء قبل يومين، وما نزال ننتظر!
الواضح من تصريحات الرئيس والمجالي أنّ الموقف الحكومي يدفع باتجاه إنهاء الملف وإغلاقه تماما، لكنه يواجه بموقف آخر داخل الدولة يمسك بيديه بتسجيلات مصورة يعرضها على مسؤولين وسياسيين كبار، تظهر بعضا من المعتصمين في الدوار الرابع وهم يستخدمون لغة غير مقبولة ولا مسبوقة أو معهودة، حتى مع السقف المرتفع للهتافات.
بالطبع، لا يوجد أي حراك سياسي أو شعبي يقبل بمثل هذه الإساءات. وهي إن صدرت، فلا تمثل إلا عددا محدودا جدا من الأشخاص الذين أطلقوها، وهي معزولة عزلا كاملا عن الحراك السياسي وعن نشطاء الطفيلة، الذين يظهر من خطابهم بوضوح أنّ لديهم نزوعا إسلاميا مستقلا، فلا نتصور منهم مثل هذه اللغة، وهي قضية مدانة، سياسيا وأخلاقيا، لدى السياق الوطني العام.
على كل، الخطأ لا يعالج بالخطأ، ولا بتأزيم الموقف، والجميع لا يؤخذون بجريرة البعض. ونحن نعلن صباحا ومساء بأنّنا نتمسك بمفهوم دولة المواطنة والقانون والمساءلة والشفافية، وهذه مرحلة انتقالية تختلط فيها الأوراق والحابل بالنابل، والخيار المناسب الأفضل هو أن نسرع في الخروج من عنق الزجاجة عبر قانون انتخاب يلبي مطالب الجميع، ويؤدي إلى انتخابات مبكرة، ثم حكومة برلمانية، وفقا لما أعلن عنه الملك أكثر من مرة.
ربما الوجه الآخر لهذا الملف يعزز المطالبة بالقيام سريعا بتعديل قانون الانتخاب الجديد بعد أن سقط مباشرة في الشارع، فأعلنت جبهة العمل الإسلامي والجبهة الوطنية وقوى أخرى وأحزاب مثل الوسط الإسلامي موقفا سلبيا منه. فإذا أقر النواب القانون الحالي أو مشروعا لا يلبي طموح المعارضة والحراك، فإن النتيجة هي تجذر الأزمة السياسية واستفحالها، وليس الخروج من اللحظة الراهنة، ما يعني أننا سنشهد توترا وقلقا دائمين، وأمثلة شبيهة بما حدث على الدوار الرابع، وربما أخطر، فلم يعد هنالك سقف آخر لتصل إليه هتافات بعض أبناء الحراك المحبطين.
هذا مناخ مسموم لن يتغير إلاّ بإعادة النظر سريعا في قانون الانتخاب، والتحضير لانتخابات نيابية مبكرة تمثل بوابة لمشاركة واسعة وإعادة إنتاج شرعية اللعبة السياسية. أما التطمينات بأنّ الإخوان لديهم قرار بالمشاركة فهي ليست دقيقة؛ إذ ثمة توجه عام نحو المشاركة، لكن القانون الحالي سيكون ضربة قاصمة لمثل هذا التوجه، ولن يتمكن أحد داخل الجماعة من تبرير قرار المشاركة.
الغد