ما الفرق بين السجين والسجان؟
سالم الفلاحات
جو 24 : حدثني من لا أتهم قال: كنت سجاناً (خفيراً) على القِطْعة، والقطعة سجن صغير مخصص للجنود الذين يرتكبون مخالفات، وكان من السجناء ابن عم لي اعرفه ويعرفني،
وفي ذات ليلة اشتد بي النعاس وانا احمل بندقيتي وارابط على الباب، أما ابن عمي السجين وامثاله فينامون ليلهم الطويل.
فقلت له يا فلان تعال خذ هذه البندقية واحرس مكاني، وأنا اريد أنْ انام مكانك، فخرج مسرعاً ودخلت ونِمْت حتى جاء عريف الخفر، واكتشف الامر واعترفت بفعلتي فأودعني السجن،
ترى ماذا يدور في خلد السَّجان منتصف الليل عندما تهدأ الاصوات وتنام العيون ويوحش المشهد وهو ينظر من فتحات الزنازين أو في ممرات السجن، وهل تخاله مسروراً مستبشراً.
هذه الدنيا بأحسن أحوالها سجن كبيـــــــــــــــــــــــر، انهم احرار حقا، وأما سواهم فهم في الحقيقة عبيد لشهواتهم، عبيد لهمومهم لعجزهم لحرصهم لكسلهم، لكن الذين تمضي ايامهم ولياليهم في غياهب السجون انتظاراً لتحقيق الحرية التي سجنوا من أجلها هم الاحرار.
لا يصح أن يتيه سجان على سجين، ولا يظن أنه اشرف او انظف منه او اسعد
في الغالب السجين نطق بما يريد او فعل ما يريد، بينما تتلجلج في صدره آلامه وحيرته وحسرته، وإن تظاهر بالابتسامة او مشى بخيلاء، واستعمل السوط او السيف هو وسيده الذي اصدر إليه الامر.
الذين لا يتطلعون إلى الحرية مغرقون في العبودية، وهم لا يعرفون قيمة الحرية
يعاقبون انفسهم من حيث لا يشعرون، بل ربما لأنهم لم يتذوقوا طعم الحرية زهدوا فيها، فيا خسارتهم!
ليس بالضرورة أن يكون السجن عقوبة للسجين، وإن كان عقوبة فهو في نظر الذين يعجزون عن مقارعة الحجة بالحجة.
إنما قد يكون السجن الممر الاجباري والمدرسة الالزامية للنضج والوعي، لكن ما الرصيد الثقافي والتربوي والانساني الذي سيحصله السجان في عمره الوظيفي، الذي قد يكون في النهاية بحاجة إلى معالج نفسي، ويبقى على احسن حال يسترجع كل اللحظات التي يندم عليها والتصرفات السلبية بحق الآخرين؟
أما السجين وهو لا محالة مفارق سجنه، فسيخرج بنياشين عظيمة يعتز بها، وتكون شهادة صدق له في الدنيا بين الناس، وربما في الآخرة كذلك ما هو أعظم.
ليست دعوة للبحث عن سبب للسجن، أو التفكير في دائرته، ولكن يوسف عليه السلام قال: (رب السجن احب الي مما يدعونني اليه)؛ انتصارا للقيم الكبرى الراسخة، فخرج من السجن منقذا للامة من الجوع المحقق حتى قال شاكرا: (رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تاويل الاحاديث..).
خرج أحمد بن حنبل من السجن إماماً في الدين.
وخرج ابن تيمية عالماً مجدداً عظيماً.
وخرج منديلاً مناضلاً عالمياً.
وخرج حاكم الفايز وضافي الجمعاني قامات كبيرة ومدارس في الصبر والثبات.
وخرج محمد مرسي رئيساً للجمهورية.
وتلك الايام نداولها بين النــــــــــــــــــــاس.
تحية للشباب الذين سجنوا من اجل رفعة الوطن وخدمته، لا لذنب ارتكبوه، لهم منا الشكر ولهم من الله الأجر."السبيل"
وفي ذات ليلة اشتد بي النعاس وانا احمل بندقيتي وارابط على الباب، أما ابن عمي السجين وامثاله فينامون ليلهم الطويل.
فقلت له يا فلان تعال خذ هذه البندقية واحرس مكاني، وأنا اريد أنْ انام مكانك، فخرج مسرعاً ودخلت ونِمْت حتى جاء عريف الخفر، واكتشف الامر واعترفت بفعلتي فأودعني السجن،
ترى ماذا يدور في خلد السَّجان منتصف الليل عندما تهدأ الاصوات وتنام العيون ويوحش المشهد وهو ينظر من فتحات الزنازين أو في ممرات السجن، وهل تخاله مسروراً مستبشراً.
هذه الدنيا بأحسن أحوالها سجن كبيـــــــــــــــــــــــر، انهم احرار حقا، وأما سواهم فهم في الحقيقة عبيد لشهواتهم، عبيد لهمومهم لعجزهم لحرصهم لكسلهم، لكن الذين تمضي ايامهم ولياليهم في غياهب السجون انتظاراً لتحقيق الحرية التي سجنوا من أجلها هم الاحرار.
لا يصح أن يتيه سجان على سجين، ولا يظن أنه اشرف او انظف منه او اسعد
في الغالب السجين نطق بما يريد او فعل ما يريد، بينما تتلجلج في صدره آلامه وحيرته وحسرته، وإن تظاهر بالابتسامة او مشى بخيلاء، واستعمل السوط او السيف هو وسيده الذي اصدر إليه الامر.
الذين لا يتطلعون إلى الحرية مغرقون في العبودية، وهم لا يعرفون قيمة الحرية
يعاقبون انفسهم من حيث لا يشعرون، بل ربما لأنهم لم يتذوقوا طعم الحرية زهدوا فيها، فيا خسارتهم!
ليس بالضرورة أن يكون السجن عقوبة للسجين، وإن كان عقوبة فهو في نظر الذين يعجزون عن مقارعة الحجة بالحجة.
إنما قد يكون السجن الممر الاجباري والمدرسة الالزامية للنضج والوعي، لكن ما الرصيد الثقافي والتربوي والانساني الذي سيحصله السجان في عمره الوظيفي، الذي قد يكون في النهاية بحاجة إلى معالج نفسي، ويبقى على احسن حال يسترجع كل اللحظات التي يندم عليها والتصرفات السلبية بحق الآخرين؟
أما السجين وهو لا محالة مفارق سجنه، فسيخرج بنياشين عظيمة يعتز بها، وتكون شهادة صدق له في الدنيا بين الناس، وربما في الآخرة كذلك ما هو أعظم.
ليست دعوة للبحث عن سبب للسجن، أو التفكير في دائرته، ولكن يوسف عليه السلام قال: (رب السجن احب الي مما يدعونني اليه)؛ انتصارا للقيم الكبرى الراسخة، فخرج من السجن منقذا للامة من الجوع المحقق حتى قال شاكرا: (رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تاويل الاحاديث..).
خرج أحمد بن حنبل من السجن إماماً في الدين.
وخرج ابن تيمية عالماً مجدداً عظيماً.
وخرج منديلاً مناضلاً عالمياً.
وخرج حاكم الفايز وضافي الجمعاني قامات كبيرة ومدارس في الصبر والثبات.
وخرج محمد مرسي رئيساً للجمهورية.
وتلك الايام نداولها بين النــــــــــــــــــــاس.
تحية للشباب الذين سجنوا من اجل رفعة الوطن وخدمته، لا لذنب ارتكبوه، لهم منا الشكر ولهم من الله الأجر."السبيل"