الحرب البرية في سورية.. الحل المؤجل
ماهر أبو طير
جو 24 :
لماذا لا تسمى الاشياء بأسمائها في العالم العربي، فالشعب السوري يتم ذبحه يوميا، سواء بسبب ما يفعله النظام، او حتى ما تفعله الفصائل المعارضة، بحيث بات الشعب السوري، بين الطرفين، يدفع الثمن وحيدا، من قتل وتدمير وتشريد؟!.
ست سنوات من المذبحة المستمرة، وكل الوصفات السياسية، لم تنجح، واذا كان رئيس الولايات المتحدة لا يريد ارسال قوات برية الى سورية، فهذا شأنه، فالامر لا يهمه اساسا، هذا فوق انه مصاب بعقدة العراق وافغانستان، ولا يريد التورط في مساحة لا تهمه اساسا.
العالم العربي والاسلامي يتفرج على مذبحة سورية، ويتجنب كل الكلام عن تخليص السوريين عسكريا من مأساة النظام والفصائل معا، وهذا بحد ذاته، كارثة، شهدنا مثلها في قضايا اخرى حين يتفرج العرب والمسلمون، على اشقائهم وهم يموتون.
لكننا دون سطحية، نفترض ان الحل المتبقي هو التدخل العسكري العربي والاسلامي في سورية، فهذا هو الحل الوحيد المتاح، مهما كانت كلفته، لانهاء هذه الحرب، وتخليص السوريين، من ثنائية النظام والمعارضة، ونحن نرى بأم أعيننا كيف تقصف المعارضة صاروخا، ويرد النظام باثنين، ولا يموت سوى السوريين الابرياء، من الاطفال والنساء وغيرهم؟!.
الفصل في الاهداف بين النظام والفصائل، فصل يؤدي الى مزيد من متاعب السوريين، لان هناك عواصم تريد اسقاط النظام فقط، وعواصم تريد اسقاط النظام والفصائل معا، والوقت يمر، دون ان يتدخل احد جذريا، بغير ارسال المساعدات والاسلحة، والاخيرة، اي الاسلحة، تشعل النار، اضافة الى الحرائق الموجودة، اساسا في سورية.
لماذا لا يعترف العرب والمسلمون، ان تجنب خيار الحرب البرية، سيؤدي الى مأساة اكبر للسوريين، ونحن امام فوضى دموية في سورية، لابد من وقفها بكل الطرق، لكن القوى العربية والاسلامية تتذرع بالموقف الدولي، تارة، والتدخل الروسي، تارة اخرى، ورغبات واشنطن تارة ثالثة، لعدم التدخل في سورية برا، والخلاصة، استمرار مذبحة السوريين؟!.
اذا استمرت المذبحة السورية، فإن تداعياتها ستكون اخطر خلال السنين المقبلة، على الصعيد الامني والعسكري، وتقوية تحالفات على حساب تحالفات اخرى، واعادة رسم المنطقة، ولو كنا نتحدث عن مذبحة لا يصل صداها وتأثيرها الى كل مكان، لفهمنا هذا التردد العربي والاسلامي، والتفرج على مأساة السوريين، لكننا بالتأكيد امام ازمة صانعة لأزمات اخرى في كل مكان، ليس اقلها، ان الازمة السورية، مرتبطة من جهة اخرى بلبنان والعراق وايران، وكل شكل المنطقة الحالي، الذي باتت سورية مفتاح اعادة رسمه وترسيمه.
اذا كان العرب والمسلمون يريدون انقاذ الشعب السوري، فلابد من تطهير سورية، من كل القوى العسكرية التي تلعب به، سواء انتسبت للنظام او للمعارضة، لاننا امام مشهد يقول ان الطرفين يؤديان ذات الدور، اي ادامة عذابات السوريين، وسنشهد خلال الفترة المقبلة، مزيدا من المذابح في حلب، وجنوب سورية، ولن تؤدي هذه المذابح الى وقف الفوضى الدموية، بل سوف تزيدها، بوسائل مختلفة، اضافة الى ان الدخول البري الى سورية، انقاذ لذات المنطقة ودولها، مما هو مقبل على الطريق، من اعادة رسم على حساب هذه المنطقة.
من حق السوريين على العرب والمسلمين، ان يتدخلوا لانقاذهم، فهذا لم يعد شأنا داخليا، بالمعنى المتعارف عليه، خصوصا، ان ذبح الابرياء، لم يعد شأنا خاصا لهذه الدولة او تلك، بل شأن عالمي ايضا، يخضع لمعايير كثيرة، هذا فوق ان ذات طبيعية الازمة السورية، يقول انها باتت ازمة دول الجوار، وازمة المعسكرات العربية والاقليمية، وازمة كل المنطقة، والتفرج على هذه الازمة من بعيد، سيضاعف الكلف التي تدّعي دول كثيرة انها تريد تجنبها.
لقد آن الاوان للعالم العربي والاسلامي، ان يتدخل بريا في سورية، ايا كانت الكلفة، او بوابة العبور، لان الازمة السورية، فاضت بدمويتها على الشعب السوري، وعلى الجميع، فيما كل العراقيل والموانع والمحاذير التي يخترعها رافضوا الدخول البري الى سورية، ساقطة بحق، لان الازمة باتت كبيرة جدا، ولا تنفع معها كل التدابير القانونية الوقائية، ولا اخلاقيات التدخل من عدمه.
ما من حل لسورية، سوى تطهيرها بتدخل عسكري عربي واسلامي، بري، يذهب الى الجرح مباشرة، ويقوم بتنظيفه، وهذه مهمة اهل المنطقة، قبل واشنطن، وقبل موسكو التي جاءت من الاف الكيلومترات حماية لمصالحها، فيما نتفرج نحن على مصالحنا وهي تتبدد.
التدخل العسكري البري في سورية، انقاذ للمنطقة، مثلما هو انقاذ للسوريين.(الدستور )