الى حضرة العمدة ..السماء لا تمطر ذهبا
جو 24 :
لم يتردد امين عمان عقل بلتاجي بتوجيه اصابع الاتهام لمن سبقوه بمسألة تردي واقع النقل العام في العاصمة عمان ،حيث قال في مؤتمر " النقل المستدام في عمان " ان التقصير في هذا الملف بدأ قبل سنوات ،وان كلفة المعالجات عالية جدا .
واضاف في مؤتمر حضره جميع اطراف العلاقة في موضوعة النقل العام " علينا ان نعترف بالتقصير حتى نتكلم عن الطموح "، كلام كبير المهم ان العمدة -الذي قفز عن فترته ، ولم يقل انه من المقصرين ايضا- اعترف بوجود الخلل -نشكرك يا رب - ولكنه امسك للاسف عن ذكر الحلول الناجعة للخروج من المأزق متذرعا بارتفاع كلفة المعالجات.
ولكن الى متى سيجري ترحيل هذه العقبة الكؤود ؟هل سننتظر حتى تمطر علينا السماء ذهبا ؟ لماذا لا نتقن غير تبني الحلول "التكتيكية" فقط؟ لماذا لا تتفتق عبقرية البلتاجي عن حلول عملية قابلة للتطبيق حتى لا يأتي علينا غيره - بعد عمر طويل- ليقول "ان التقصير بدأ منذ سنوات والمعالجات مكلفة" ؟
على كل حال ،لن نحمل العمدة فوق طاقته ،فهو ليس ابن الكار وخلفيته المعرفية لن تسعفه لوضع اية حلول ،ومصير هذه التصورات العاجزة هو الفشل الذريع وخاصة انها لا تعدو كونها "تكتيكية" كما اكد في كلمته .
المواقف المجانية في مجمع رغدان وساحة العبدلي الى جانب عدد من الساحات الاخرى لن تحل المشكلة ابدا ، ما تتقاضاه الامانة من المحال والمجمعات التجارية والاسكانات والمنازل من اموال "بدل مواقف" كان الاحرى بالامانة ان تخصصها لبناء مواقف ضخمة تتسع لاعداد كبيرة من السيارات ، ولكن للاسف تنفق هذه الاموال في ابواب اخرى ،ويترك الناس ليعانوا الامرين بحثا عن مواقف غير ممنوعة ،بعيدا عن ملاحقة رجال السير ، هذا من ناحية . ومن ناحية اخرى ،ماذا عن واقع وسائط النقل العام ؟
امين عمان اعترف بان هناك عزوف عن وسائل النقل العام ،وهذا العزوف له علاقة مباشرة بعدم كفاءة هذه الوسائط وعشوائيتها ووضعها المهلهل ،فهل من صيغة لمعالجات تحدث فرقا وتزحزح الموقف السلبي لصالح المزيد من الاعتماد عليها كبديل عملي للانتقال من مكان الى اخر في مينة تعاني الازدحام المروري وفوضى تنظيمية عارمة.
على امانة عمان ان تعترف بانها لا تخطط ، وانها ترخيص المحال التجاري في الشوارع الحيوية دون دراسة ، فعلى سبيل المثال ،لماذا تحول شارع عبدالله غوشة الى شارع تجاري وههو يعاني اصلا من ازدحام شديد؟ كيف تحول شارع المدينة المنورة بالكامل الى تجاري على نحو اصبح نقطة غلق كارثية اذا كانت الامانة تخطط وتدرس خياراتها وبدائلها بحكمة ورشد ؟ المطلوب هو الاستعانة باصحاب الخبرة لوضع البدائل ومعالجة الاختلالات وهذه لا تتطلب كلفا عالية حضرة العمدة ..
لماذا لا تفكر الحكومة مثلا بنقل الوزارات والدوائر الرسمية الحيوية الى الاطراف ، ونحن هنا لا نود ان نكرر مصيبة دائرة الاحوال المدنية والجوازات التي نقلت الازدحامات من جبل عمان الى شارع الاستقلال ،وباتت نتيجة الانتقال صفرية تماما ، لماذا لا ينقل قصر العدل مثلا ووزارة التربية من شارع سليمان النابلسي لمكان اخر حتى تنتهي ازمة العبدلي التي يريد الامين ان يحلها بموقف مجاني في ساحة العبدلي ؟!
ماذا عن الحواجز الضخمة التي تعتدي على سعة الطرق امام الوزارت والسفارات والفلل والقصور ،الا توجد صيغ اخرى للحل غير هذه ؟! لماذا لا تفكر الحكومة بتغيير ساعات الدوام الرسمي على نحو يترك مجالا للموظفين فيه ان يصلوا الى مؤسساتهم دون مزاحمة طلبة المدارس والجامعات في كل دوار ومنعطف وشارع ؟لماذا لا تفكر الامانة مثلا بخيار ال ميني باص في بعض المناطق المزدحمة في عمان الشرقية ؟لماذا لا تلجأ لحلول ابداعية غير مكلفة نستشعر منها ان هناك عقل يدير هذه المؤسسة الخدمية الهامة ؟
نعم ، هناك ١٢٠٠٠٠٠ مركبة في العاصمة عمان ، وهناك ٨ ملايين حركة سير يوميا ، وهذا يستدعي تحركا فوريا بحثا عن الحلول الجذرية للازمات ،وليس الاكتفاء بكلام يقوله مسؤولون باسترخاء شديد في المؤتمرات والاجتماعات المغلقة .شمروا عن سواعدكم يا سادة فعمان تستحق الافضل ...